كتب - محرر الشؤون المحلية:
لم يكن المواطن البحريني في عام 2005 يعلم أن قانون الجمعيات السياسية رقم 26 الصادر في ذلك العام كعلامة بارزة في مسيرة الإصلاح غير المسبوقة التي شاهدتها مملكة البحرين قبل نحو عقد من الزمن، سيتم استغلاله من قبل جمعيات سياسية تتخذ الشرعية القانونية ستاراً لأهداف وممارسات بعيدة عن العمل السياسي الوطني الذي أرسى القانون قواعده، ونفذت إلى النور من خلاله جماعات متطرفة تعمل لتحقيق أهداف فئوية أو مصالح قوى خارجية، بعضها قال القضاء فيها كلمته أخيراً مثل ما كان يدعى «جمعية العمل الإسلامي» وهي امتداد لجماعة أكثر تطرفاً هي «جبهة تحرير البحرين»، فيما تصر جمعيات أخرى مازالت قائمة ومنها «الوفاق» على تحدي القانون، رغم تكرار مخالفاتها وإحالتها للنيابة، ومخاطبة وزارة العدل لها مراراً بخصوص انحرافها عن العمل السياسي وارتكابها مخالفات جسيمة.
وبالاطلاع على قانون الجمعيات السياسية وما يحتويه من مبادئ وأسس ديمقراطية راقية، ومقابلته بواقع جمعيات من قبيل «الوفاق» يبدو القانون متحدثاً عن نهج آخر وواقع مغاير عما يصدر من الوفاق والجمعيات التي تدور في فلكها، الأمر الذي يوضح جلياً كمّ المخالفات الذي انحدرت إليه الجمعية، على صعيد تحدي القانون، والمساس بالوحدة الوطنية، والدعوة إلى الانقلاب على الشرعية، والعمل ضد هوية المملكة واستقلالها، فضلاً عن المخالفات الإدارية والإجرائية.
ويشكل تحدي الوفاق القانون بالدعوة لتظاهرات غير مرخصة تنتهي معظمها بأعمال عنف وحرق أحد أبرز مخالفات الوفاق على مدى زمني طويل، وأصبح هذا الأمر مادة متكررة لمطالبات شعبية وقوى سياسية بضرورة تطبيق القانون على الجمعية سيما وأن وزارة الداخلية كانت أحالت الجمعية للنيابة إثر تنظيمها مسيرة بالمخالفة للقانون.
وكانت الوفاق أصدرت بياناً في سبتمبر الماضي جهرت فيه بالتهديد بالتصعيد والاستمرار في تنظيم المسيرات في كل مكان بما فيها العاصمة، وهو ما اعتبر إمعاناً في مخالفة القانون وتعنتاً في استغلال الحريات المتاحة في المملكة.
وتحط مظاهرات الوفاق وأدبياتها وممارسات أتباعها من شأن الدستور والقانون في حين أن قانون الجمعيات السياسية اشترط أن تمارس الجمعيات عملها «بصورة علنية بوسائل سياسية ديمقراطية مشروعة»، وأن تعمل «في إطار من الوحدة الوطنية والسلام الاجتماعي والديمقراطية وذلك كله على الوجه المبين بالدستور وميثاق العمل الوطني» ، فكيف تعد الوفاق ملتزمة بما سبق وهي تهدد بتصعيد العنف، وتتبع قيادة دينية تحرض على العنف صراحة والاعتداء على رجال الأمن، وتعطيل مصالح الناس؟
ونص القانون على»عدم استخدام مؤسسات الدولة والمؤسسات العامة ودور العبادة والمؤسسات التعليمية لممارسة نشاطها»، بينما تعد دور العبادة أهم معاقل الوفاق، وتتلقى توجيهات السحق وإشعال الفتن انطلاقاً من جامع زعيمها الروحي عيسى قاسم.
ولعل من أهم قواعد القانون التي خالفتها الوفاق ما جاء في المادة التي نصت على «ألا تتعارض مبادئ الجمعية وأهدافها وبرامجها وسياساتها وأساليبها مع: الثوابت الوطنية التي يقوم عليها نظام الحكم في مملكة البحرين» حيث أصبح سعي الوفاق منصباً على تحطيم تلك الثوابت الوطنية.
كما اشترط القانون «ألا ترتبط الجمعية أو تتعاون مع أية أحزاب أو تنظيمات أو جماعات أو أفراد أو قوى سياسية تقوم على معاداة أو مناهضة المبادئ أو القواعد أو الأحكام المنصوص عليها في الدستور»، في حين أن الوفاق أجرت اتصالات ولقاءات مع جهات في كل من العراق وإيران تتبنى مناهضة المملكة صراحة، إضافة إلى أن الوفاق تعتبر على نطاق واسع هي ومرجعيتها الدينية ذراع طهران في البحرين وتابعاً دينياً وسياسياً لنظام الولي الفقيه الإيراني.
وتزعم الوفاق أنها تمثل شريحة تنبذ العنف، ويثبت الواقع أن الجمعية لم تصدر بياناً يتيماً في إدانة أي عمل إرهابي شهدته المملكة، بل على العكس من ذلك عادة ما تستنفر للدفاع عن مرتكبي الاعتداءات وتصفهم بالمناضلين. وطالبت وزارة العدل الوفاق بتصحيح أوضاع مخالفات للجمعية سبق أن تم التنبيه إلى وجوب تصحيحها التزاماً بأحكام القانون والنظام الأساسي للجمعية.
وفي حين كان تصريح الأمين العام لجمعية أمل بأن المرجعية فوق الدستور أحد أسباب الحكم بغلق الجمعية ، استنكرت وزارة العدل ما جاء في خطاب أمين عام جمعية في مايو الماضي من «تزييف متعمد للحقائق التاريخية التي تأتي في سياق نهج تضليلي «، واعتبرت الوزارة ما جاء في خطابه «غير لائق وخارجاً عن أصول وآداب التخاطب العام وأخلاقيات التعبير عن الرأي والممارسة السياسية الرشيدة، «، غير أن الوزارة اتخذت إجراء حاسماً في الحالة الأولى بينما لم تتخذ أي إجراء في حالة الوفاق رغم خطورة ما نسبته إليها من مخالفات حيث وُصف حديث أمينها العام عن الاستفتاء الذي نالت به البحرين استقلالها بأنه «مساس بوحدة الصف الوطني وتحريضي متواصل يرمي إلى مس الاستقرار وفرض أجندة حزبية فئوية على جميع أطياف ومكونات الشعب».
كما لقيت دعوة أطلقها أمين عام الوفاق إلى ما أسماه «ديمقراطية الطوائف التوافقية» انتقادات واسعة شعبية ورسمية، وأكدت وزارة العدل حينها أن تلك الدعوة تأتي لتحويل البحرين إلى كانتونات طائفية لمناهضة الدولة المدنية والسعي لاستنساخ نماذج إقليمية قائمة على أسس طائفية مذهبية وممارسات المحاصصة والفيتو الطائفي في المشاركة والقرار السياسيين»، إلا أن الوزارة اكتفت بهذه الانتقادات دون اتخاذ إجراء قانوني.
وتنص المادة (22) من قانون الجمعيات السياسية على أنه «يجوز لوزير العدل إذا خالفت الجمعية أحكام الدستور أو هذا القانون أو أي قانون آخر، أن يطلب من المحكمة الكبرى المدنية بناء على دعوى يقيمها، الحكم بإيقاف نشاط الجمعية لمدة لا تزيد عن 3 أشهر، تقوم خلالها بإزالة أسباب المخالفة، ويحظر على أعضاء الجمعية القائمين على إدارتها وموظفيها مواصلة نشاطها أو التصرف في أموالها خلال مدة الإيقاف، ويحظر على أي شخص أن يشترك في نشاط الجمعية بعد نشر الحكم الصادر بالإيقاف».
ويجيز القانون «لوزير العدل أن يطلب من المحكمة الكبرى المدنية الحكم بحل الجمعية وتصفية أموالها وتحديد الجهة التي تؤول إليها هذه الأموال، إذا ارتكبت مخالفة جسيمة لأحكام دستور المملكة أو هذا القانون أو أي قانون آخر من قوانينها»، وإذا كانت الوفاق أقرت بالمسؤولية عما يشهده الشارع من إرهاب فمن الواجب تطبيق القانون عليها وهي التي أنشئت وفقاً لقواعده.
ومن وجهة النظر القانونية فإن مخالفة واحدة للقانون أو الدستور تعطي وزير العدل الحق في ملاحقة الجمعية قضائياً، واتخاذ الإجراءات القانونية التي نص عليها قانون الجمعيات السياسية، لتصحيح أوضاعها أو استصدار حكم قضائي بوقف نشاطها، وإذا كان من غير المتوقع عدول الوفاق عن تحدي القانون، وثوابت المملكة، أو مبادرتها بنبذ العنف صراحة، فإن السؤال الذي يراود المواطن في هذه اللحظة هو متى تضع وزارة العدل حداً لتستر الوفاق خلف ستار قانون الجمعيات السياسية في لعبة توزيع الأدوار وممارسة التقية السياسية؟.
قواعد التعامل
مع الجمعيات السياسية
- عدم استخدام مؤسسات الدولة والمؤسسات العامة ودور العبادة والمؤسسات التعليمية لممارسة نشاطها.
- ألا تتعارض مبادئ الجمعية وأهدافها وبرامجها وسياساتها وأساليبها مع الثوابت الوطنية التي يقوم عليها نظام الحكم في مملكة البحرين.
- ألا ترتبط الجمعية أو تتعاون مع أية أحزاب أو تنظيمات أو جماعات أو أفراد أو قوى سياسية تقوم على معاداة أو مناهضة المبادئ أو القواعد أو الأحكام المنصوص عليها في الدستور.
- يجوز لوزير العدل إذا خالفت الجمعية أحكام الدستور أو هذا القانون أو أي قانون آخر، أن يطلب من المحكمة الكبرى المدنية بناء على دعوى يقيمها، الحكم بإيقاف نشاط الجمعية لمدة لا تزيد عن 3 أشهر، تقوم خلالها بإزالة أسباب المخالفة.
- لوزير العدل أن يطلب من المحكمة الكبرى المدنية الحكم بحل الجمعية وتصفية أموالها وتحديد الجهة التي تؤول إليها هذه الأموال، إذا ارتكبت مخالفة جسيمة لأحكام دستور المملكة أو هذا القانون أو أي قانون آخر من قوانينها.
الوفاق :
جاء في خطاب أمين عام الوفاق في مايو الماضي «تزييف متعمد للحقائق التاريخية التي تأتي في سياق نهج تضليلي».
رد «العدل»:
اعتبرت الخطاب «غير لائق وخارجاً عن أصول وآداب التخاطب العام وأخلاقيات التعبير عن الرأي والممارسة السياسية الرشيدة».. ووصفت حديث سلمان بشأن استفتاء الاستقلال بـ «مساس بوحدة الصف الوطني وتحريضي متواصل يرمي إلى مس الاستقرار وفرض أجندة حزبية فئوية على جميع أطياف ومكونات الشعب». (لم تتخذ الوزارة أي إجراء).
الوفاق:
أطلق أمين الوفاق ما أسماه «ديمقراطية الطوائف التوافقية».
رد «العدل»:
اعتبرت الوزارة أن الدعوة تأتي لتحويل البحرين إلى كانتونات طائفية لمناهضة الدولة المدنية والسعي لاستنساخ نماذج إقليمية قائمة على أسس طائفية مذهبية وممارسات المحاصصة والفيتو الطائفي في المشاركة والقرار السياسيين». (لم تتخذ الوزارة أي إجراء).