لسنوات طويلة ظلت حكايات حيتان المال الروس، الذين جمعوا ثروات خرافية خلال عهود الخصخصة العشوائية وبنوا امبراطوريات لا تغيب عنها الشمس، تشغل وسائل الإعلام والفضوليين وعناصر أجهزة التحقيق مع كثيرين منهم لاحقاً، بعد اتهامهم بنهب ثروات البلاد، ومنهم من غدا سجيناً أو مطارداً خارج روسيا.
انصبّ الاهتمام على الحيتان وحدهم، وتجاهل كثيرون تغلغل "أسماك قرش" لا تقل أنيابها ضراوة في قطاعات أساسية، منها الطاقة والمعادن والقطاع المصرفي.
غالبية بليونيرات روسيا الحسناوات يخفين خلف المظهر الجذاب، صلابة وقوة كما قالت إحداهن، إذ جمعن ثرواتهن الخيالية بأنفسهن، كما يقول تقرير نشرته صحيفة الحياة.
ولا يخفي الأثرياء من الرجال الروس غضبهم من السلطات بسبب نجاحات النساء، فهم باتوا ملاحقين في السنوات الأخيرة، وقد يحصلون على غرفة في سجن بسبب أقل هفوة، فيما هنّ يتربّعن على كراسيهن المريحة ويواصلن جمع الملايين بهدوء.
يكفي أن اولغا زيغوفيفا التي تعد أغنى سيدة في روسيا (مواليد 1971) لم يكن عمرها تجاوز الـ 30 عاماً عندما حملت دفتر شيكات فيه رصيد عدد أصفاره سبعة، والحديث يدور عن أرقام بالعملة الخضراء، لأن أصحاب ملايين الروبلات ما عادوا يدخلون أصلاً لوائح الأغنياء في روسيا.
وهي تتكتم على حجم ثروتها، لكن وسائل إعلام روسية اكتفت مطلع 2012 بالإشارة إلى أنها تصل إلى بضعة مليارات.
وقد تكون يلينا باتورينا زوجة محافظ موسكو السابق يوري لوجكوف، منافسة قوية للبليونيرة الشابة، لكنها غادرت روسيا قبل سنتين مع زوجها وباتت تسجل بين أصحاب البلايين في بريطانيا.
باتورينا بنت ثروتها بنفسها أيضاً عبر العمل في قطاع العقارات، وبدأت بالفوز بمسابقات لمشاريع إعمار عادية جداً كانت حكومة موسكو تنفذها، قبل أن تتحول الأولى إلى سيدة أعمال تمتلك شبكة فنادق ومشاريع إسكان في أنحاء من العالم.
وقدرت مجلة فوربس ثروتها بـ1.2 مليار دولار، لكن جهات روسية تقول إن الرقم المعلن مجرد جزء من الثروة الحقيقية للسيدة.
باتورينا التي تحقق السلطات الروسية الآن في نشاطها التجاري الذي تطوّر خلال عشرين سنة كان لوجكوف خلالها حاكماً للعاصمة، نفت معطيات عن إفادتها من وظيفة زوجها، وردت على سؤال لصحافية عن هروبها من البلد بعد دهم مكاتب شركتها، بالقول إن دهم الشركات الكبرى في روسيا وتفتيشها أمر اعتيادي ولو فرَّ كل رجل أعمال بعد دهم مكاتبه لخلا البلد من هذه الشركات.
واللافت أن الغالبية الساحقة من صاحبات البلايين في روسيا، يعملن في قطاعات المواد الخام أو الاستثمارات العملاقة، وليس في مجالات الاقتصاد المرتبط بحياة الناس واحتياجاتهم، أو في قطاعات تتعلق بالبنى التحتية الصناعية.
فلاريسا كالاندا المصنّفة بين أغنى نساء روسيا، مديرة لدى عملاق النفط روس نفط، وكانت موظفة موهوبة في بداية مشوارها قبل أن تتسلم منصباً بارزاً، وتساهم في الحصول على صفقة القرن بالنسبة إلى الشركة عندما استولت على حصة كبرى في عملاق النفط يوكوس، بعد سجن صاحبه ميخائيل خودوركوفسكي.
وبعيداً عن الحسد فإن راتب السيدة المعلن يزيد على خمسين مليون روبل شهرياً (بما يعادل مليوني دولار في الشهر) ناهيك عن عائداتها من الأسهم وغيرها.
أما يلينا كاربيل فتعمل رئيسة لقسم البحوث الاقتصادية في عملاق الغاز الطبيعي "غاز بروم"، وبدأت غالينا اغلاموفا مشوار جمع البلايين بامتلاكها 2% من أسهم شركة معادن في عام 1985 عندما بدأت خيرات البيريسترويكا تهلّ على بعض قطاعات الشعب، وبعد عشرين سنة غدت نائبة لرئيس الشركة، وتملك رزمة محترمة من أسهمها.
ويكاد الأمر ذاته ينسحب على غوزيلا سافينا التي كانت محاسبة لدى شركة استثمار في قطاع المعادن في تتارستان، وغدت مسؤولة بارزة في المكتب الرئيسي للشركة.
وتطول اللائحة من ناتاليا فيلييفا التي جمعت ملايينها في قطاع الطيران، إلى لودميلا يونيكيفيتش التي تصدّر المواد الغذائية لأكبر مخازن موسكو، وصولاً إلى بيلا الحديد وهو اللقب الذي يطلقه من يعرف عن كثب بيلا زلاتيكس التي تعمل في مصرف "سبير بانك" الضخم.