كتبت - مروة العسيري:
رفضت لجنة الشؤون التشريعية والقانونية بمجلس الشورى من حيث المبدأ مشروع قانون معني بتعديل بعض أحكام قانون المرافعات المدنية والتجارية الصادر بالمرسوم بقانون رقم (12) لسنة 1971م، والمرافق للمرسوم الملكي رقم (88) لسنة 2008، معتبرة أن “المشروع يحتوي مخالفة لمبدأ الفصل بين السلطات الثلاث، وذلك بالتداخل بين السلطتين التنفيذية والقضائية، وعدم الاستقلالية بإعطاء صلاحيات قضائية لوزير العدل وفقاً للفقرة الثانية من البند (ج) من المادة (25) والتي تنص على (ويجوز في بعض القضايا التي يصدر بتحديدها قرار من المجلس الأعلى للقضاء بالتنسيق مع الوزير المعني بشؤون العدل، إحالة الدعوى مباشرة إلى المحكمة المختصة دون إعداد تقرير بالرأي القانوني فيها)”، وأن “هذا يخالف الدستور، وأكد عليه حوار التوافق الوطني بشأن الاستقلال الإداري والمالي للسلطة القضائية”.
وأشارت اللجنة إلى أن “الأعمال المكلفة لقاضي إدارة الدعوى من تحضير وإعداد ومراقبة جميع إجراءات الدعوى يتناقض مع عمل القاضي الأساسي القائم على الفصل في المسائل المعروضة عليه على أساس الوقائع، وفقاً للقانون باعتباره قاضي حكم”.
وأوضحت اللجنة أن “طبيعة القضاء المستعجل هو الفصل في المسائل المستعجلة التي يُخشى عليها من فوات الوقت دون المساس بأصل الحق، وبالتالي فإن تقديم لائحة الدعوى المستعجلة أمام مكتب إدارة الدعوى لتحضير الدعوى وفقاً للمادة (23) من مشروع القانون التي توجب رفع الدعوى إلى المحكمة المختصة بناءً على طلب المدعي بلائحة تقدم إلى مكتب إدارة الدعوى ما لم ينص على غير ذلك، يؤدي إلى إهدار المبدأ الذي من أجله أنشئ نظام القضاء المستعجل، نظراً لما وضعه مشروع القانون من إجراءات، وما أعطاه من آجالٍ تمتد لخمسة أيام. إضافة إلى أن قاضي إدارة الدعوى من خلال صلاحيته القانونية في تسوية النزاع بين الأطراف قد يؤدي إلى المساس بأصل الحق الذي ينأى عنه قاضي الأمور المستعجلة، والذي يجب أن يكون حكمه مبنياً على الظاهر من الأوراق والمستندات”.
وأكدت اللجنة أن “المشروع لم يعالج مسألة تعديل الطلبات والإدخال والتدخل في الدعوى إذا تم أمام المحكمة المختصة، كما إنه يتعارض مع مرئيات حوار التوافق الوطني فيما يتعلق بتطوير السلطة القضائية من حيث وضع التدابير والآليات لتقصير أمد التقاضي، وتسهيل إجراءات التقاضي باستخدام التكنولوجيا الحديثة”.
وأضافت اللجنة أن “المشروع يتعارض مع حق التقاضي بحرمان الخصوم من أن يقدموا أي مستند إلى المحكمة المختصة، كان يلزم عليهم تقديمه أمام قاضي إدارة الدعوى المدنية، وفي هذا إهدار للحقوق”.
ولفتت اللجنة إلى أن “الغرامات المنصوص عليها في المشروع مبالغ فيها مما يثير العديد من المشكلات، وخاصة مع التوجه الحالي نحو خفض رسوم التقاضي والتي لا تعتبر مجانية”.
وذكرت اللجنة أن “عدداً من التجارب العربية والعالمية المماثلة فشلت في تطبيق هذه الفكرة، مما ترتب عليه عدم الاستمرار بالأخذ بهذا النظام”.
ويذكر إن الهدف من المشروع بقانون “هو استحداث مكتب يتولى إدارة الدعوى المدنية بهدف السيطرة المبكرة على الدعوى، وتهيئتها بحيث يتولى قاضٍ الإشراف على مراقبة جميع إجراءات الدعوى ومن ثم الاجتماع مع الخصوم وحصر نقاط الاختلاف والاتفاق، وتحديد جوهر النزاع، ومن ثم تقديم تقرير بذلك إلى قاضي الموضوع الذي يفصل في القضية”، إضافة إلى “استحداث مادة تهدف إلى تفادي تناقض الأحكام إذ نصت على استئناف الأحكام الصادرة في حدود النصاب الانتهائي إذا كان الحكم صادراً على خلاف حكم سابق لم يحز قوة الأمر المحكوم به وفي هذه الحالة يعتبر الحكم السابق مستأنفاً بقوة القانون إذا لم يكن قد صار انتهائياً عند رفع الاستئناف”.
من جانبها، تمنت وزارة العدل “أن يرى مشروع القانون النور عبر إقراره من قبل السلطة التشريعية، وعدم رفضه؛ بغية تحقيق الأهداف المرجوة منه وحل مشاكل القضاء البحريني”.
ورأت وزارة العدل أن “نصي المادتين (54) و(218 فقرتين ثانية وثالثة) يهدفان إلى علاج المماطلة في القضاء، وتسهيل إجراءات التقاضي، ولم تتوافق الوزارة مع ما ذهب إليه المجلس بشأن فرض غرامات مالية على اعتبار أن من لديه قضايا بمبالغ مالية عالية لن يضيره دفع الغرامات التي غالباً ما تكون زهيدة”. ونفت وزارة العدل “وجود أي تداخل في الاختصاصات، فاستقلال القضاء أمر متعارف عليه، وأن المشروع احتوى بنداً يتعلق بالتنسيق بين المجلس الأعلى للقضاء ووزارة العدل”.
وتوافق رأي المجلس الأعلى للقضاء مع رأي وزارة العدل، وبينت أن “الفقرة الثانية من البند (ج) من المادة (25) لا تمس بالاستقلال القضائي، فالأمر لا يتعدى كونه تنظيماً إدارياً واستشارياً وليس إجبارياً، يتعلق بالتنسيق مع وزير العدل بشأن الاكتفاء في بعض القضايا بما قدمه الخصوم من دفوع ومستندات دون الحاجة لاجتماع الأطراف بقاضي إدارة الدعوى”، مؤكداً أن “وزير العدل هو المسؤول عن تمثيل الوزارة والمجلس الأعلى للقضاء، والمساءلة أمام مجلس الوزراء”.
وأبدى المجلس تحفظه على “عدم قبول المحكمة مستندات من الخصوم، ويرى أنهما ستثيران الكثير من المشكلات في العمل، بسبب ما تتضمنانه من مصادرة حق الدفاع، وإفراغ مبدأ التقاضي على درجتين من مضمونه، واقترح إعادة النظر في المادتين على النحو الذي يجيز للمحكمة الحكم بغرامة على الخصم إذا رأت أن تأخره في تقديم المستند كان بفعله هو، لا أن تمتنع عن قبول أي مستند يقدم إليها”، ويأتي هنا رأي المجلس متوافقاً مع رأي اللجنة”.
كما دعا المجلس إلى إعادة النظر في جواز استئناف الأحكام الانتهائية بسبب وقوع بطلان في الحكم أو بطلان في الإجراءات أثر في الحكم سوف يفرغ التعديل من مضمونه؛ لأن هذا السبب يتسع لكل العيوب التي تقع في الحكم، ومن ثم سيترتب عليه الطعن على جميع الأحكام الانتهائية”، آملاً “في أن يساهم مشروع القانون في سرعة الفصل في الدعاوى وتحقيق عدالة ناجزة سريعة”.