كتبت - شيخة العسم: قد يلجأ الزوج أو الزوجة إلى إخفاء بعض من أسرار الماضي عن بعضهما، طلباً للحفاظ على بيتهما وأبنائهما، أو رغبة في تجنّب مشكلات شتى تهيجها الغيره والشك. فهل يُعدُّ ذلك تصرفاً سليماً أم أنَّ المصارحة حق لهما على بعضهما يتطلب كسر حاجز الخوف، من أجل حياة مشتركة قائمة على الوقائع؟ ما هو رأي الزوج والزوجة والعرف الاجتماعي والشرع في هذه المسألة؟ للفتاة حماية مستقبلها: ترى سارة يوسف محمد -24 عاماً- أنَّ للفتاة الحق في الاحتفاظ بأسرارها، كونها الأشد تضرراً من الرجل، فهو حسب المجتمع لا يعيبه ماضيه. أما هي فملامة في طفولتها ومراهقتها، إذن فالحكم صدر عليها مسبقاً، وليس في صالحها الكشف عن أمور حدثت لها، حيث ستشكل حجة عليها في المستقبل. أما إيمان محمد -26 عاماً- فتؤيد ذلك، وترى أنَّ الأفضل للزوجة أنْ تحتفظ بأسرار كالعلاقات العابرة مثلاً، كونها الطرف الأضعف، لكن ليس من حقها الاحتفاظ بأسرار أكبر كمرض عضوي أو نفسي. فيما يعلِّق عبدالله سعد -29 عاماً- تزوجت عن طريق الحب، وزوجتي تخبرني بجميع المواقف التي تصادفها من صغيرة وكبيرة. وحين اعترفت لها بعلاقة سابقة انتهت لم تغيّر رأيها بي، بل تمسّكت بي نظير صراحتي، ونحن الاثنان نتبادل الثقة لعدم وجود أسرار بيننا. آل محمود: البوح بالأسرار ليس مستحباً من جانبه يبين أستاذ العلوم الشرعية بجامعة البحرين د. أحمد محمود آل محمود عدم استحباب الإفضاء بأسرار ما قبل الزواج سواء ما يتعلق بالزوج أو الزوجة، لأنَّ الأسرار تبقى أسراراً طالما أنها لا تؤثر على الطرفين، وبالخصوص العلاقات العاطفية، والمعاكسات والتعارف والصداقة عن طريق الهاتف أو الإنترنت، لأنَّ البوح بهذه الأسرار من شأنه أنْ يفسد العلاقة الزوجية بالمعايرة ويزلزل الثقة ما يؤدي إلى الطلاق، وكل أمر يؤدي إلى انحلال العلاقة الزوجية يلزم الابتعاد عنه، ويضيف: حين جاء قوم يسألون سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه عن قوم جاؤوا يخطبون ابنتهم وقد زنت فهل يخبرون الخاطب؟ أجابهم إنْ ذكرتم ذلك أقمت عليكم الحد. وهذا دليل على عظم ما سيترتب على كشف سرٍّ كهذا. كما أنَّ ذلك يحتاج لشهود. كذلك لا يحقُّ لأيٍّ من الزوجين السؤال عن ماضي الآخر، بل عن أخلاقه ودينه، وحتى ولو تكشَّف الزمن عن أمور فلا يحقُّ لأحد الطرفين محاسبة الآخر على ماضيه. كما لا يحق لأيٍّ منهما التفتيش في أغراض الآخر الشخصية سواء الموبايل أو الحقيبة، لأنها أمور شخصية قد تؤدي لإثارة الشك. أما بشأن الأمراض فمن الأفضل تبيانها قبل عقد الزواج وللطرف الآخر القبول أو الرفض. شبر: الإطلاع على العلاقات الرسمية حق للشريكين وتؤكِّد الأخصائية الاجتماعية والإرشادية الأسرية فخرية شبر أنَّ الإطلاع على العلاقات الرسمية قبل الزواج كالخطوبة والانفصال واجب على الطرفين، لكن بخصوص العلاقات غير الرسمية، فيجب فيها عدم إرغام أيٍّ من الطرفين على البوح بأسراره، فعلماء النفس يشيرون إلى أنَّ تكرار سؤال الشريك أو الشريكه عن علاقاتهم السابقة، قد يؤدي إلى استرجاع العواطف والمشاعر السابقة للزواج. فليس من الضروري أنْ يحكي الشريك أو الشريكة عن ما مروا به في فترة الهيجان العاطفي والمراهقة، فهي لا تخلو من مثل هذه المنزلقات. وتنبه شبر إلى أنَّ مصارحة الشريك بأسرار الماضي تعتمد على عقلية الشريك ومدى تفهمه، إذ أنَّ هناك حالات عديدة تفاقمت فيها المشاكل بعد المصارحة. إذ تقول إحدى الفتيات «دخلت في علاقة قصيرة في سن المراهقة انتهت بهدوء بدون محرمات، وعندما تقدّم زوجي لخطبتي أرغمني على مصارحته بالتفاصيل، ووعدني بمسامحته. فأفضيت له بأسرارها، فبدأ بالتغير تدريجياً، حتى صار يعيرني في كل مناسبة». وقد تبين لي من متابعتي الحالة أنَّ زوج الفتاة كان شكاكاً وغيرته جنونية، لذا يتطلب إخبار الشريك أو الشريكه بالعلاقات السابقة باختصار وفي حدود المعقول، مع أخذ الحيطة والحذر في سرد تفاصيل العلاقة، لأنها ربما خلفت نتائج سلبية، كما حدث مع زوج هذه الفتاة الشكاك.