كتبت نورة عثمان:
"تويتر"، "فيس بوك"، انستغرام"، والقائمة تطول لوسائل التواصل الاجتماعي المنتشرة اليوم، فهي كثيرة، وأكثر منها متابعوها اللذين يتفاعلون بشكل مختلف مع هذه الوسائل، فالبعض يستخدمها ليتابع آخرون حياته لحظة بلحظة ومنهم الفنانون والمشاهير، وآخرون يستخدمونها للتعبير عن أنفسهم، وغيرهم يتخذها وسيلة ترويجية لبضاعة، والبعض يحب نقل الحكم والأقوال المأثورة من خلالها، وللأخبار نصيب كبير من متداوليها في هذه الوسائل.
والسؤال المطروح هنا، "كيف يتعامل المسؤولون والجهات الرسمية والشخصيات العامة المعروفة على المستوى المجتمعي في البحرين مع هذه الوسائل؟".
الوزارات.. تفاوت في التواصل
يتضح من رصد قامت به "الوطن" لحسابات وزارات المملكة في موقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، أن أي من هذه الوزارت لم تتخطَ حاجر 10 آلاف تغريدة، رغم مرور أربع سنوات على انطلاق موقع تويتر في 2008.
وتحظى وزارة الداخلية بأكبر عدد متتبعين يصل 111 ألف شخص، تليها وزارة الخارجية مع فجوة كبيرة، حيث يبلغ عدد المتتبعين نحو 16 ألف شخص، وتقترب وزارتا التربية والصحة بعدد المتتبعين البالغ نحو 7 آلاف، فيما لا يتجاوز عدد متتبعي حسابي مجلسي النواب والشورى 1500 و460 متتبعا فقط على الترتيب. وتغيب 5 وزارات عن موقع "تويتر" نهائيا، هي وزارات المواصلات وشؤون البلديات والتخطيط العمراني، والصناعة والتجارة، وحقوق الإنسان، وشؤون مجلس الوزارء.
وتتفاوت الوزارت في عدد الأشخاص اللذين تتبعهم "Following"، إذ تتصدر القائمة وزارة التنمية الاجتماعية بحوالي 1800 شخص، وينخفض العدد بعدها إلى 77 عند مجلس النواب، فيما تتبع بقية الوزارت أشخاص لا يتجاوز عددهم الـ50، وبعض الوزارت، مثل العمل والتربية، تنتهجان أسلوب عدم متابعة أحد.
ويظهر الرصد أن أكثر الوزارت الحكومية نشراً للتغريدات هي وزارة الداخلية بعدد تغريدات وصل إلى أكثر من 7 آلاف تغريدة، تلتها وزارة الخارجية بنحو 6 آلاف تغريدة، فيما تراجع عدد تغريدات وزارتي العمل والعدل والأوقاف والشؤون الإسلامية إلى 738 و40 على التوالي.
وترى أستاذة المالتيميديا من جامعة البحرين د. أماني الحلواجي أن "التفاعل بحاجة لزيادة، قياساً لحجم الجمهور الذي تخدمه هذه المؤسسات، ولنوعية الخدمات التي تقدمها"، مشيرة إلى أنه "لايمكن تحديد رقم معين محدد لكم التواصل، فهذا يعتمد على الخطة التي تضعها كل مؤسسة في طريقة استهدافها لجمهورها الذي قد يختلف من مؤسسة لأخرى، ويعتمد على نوع الجمهور نفسه أيضاً، ولكن الأفضل من تحديد كم التغريدات هو تحديد نوعيتها ومدى ارتباطها بأهداف المؤسسة للتواجد في المجتمع الرقمي، ويمكن تنسيق أوقات دوام الموظفين المسؤولين عن الأمر، بحيث يتم التناوب في إدارة هذه المواقع، ليظل التواصل على مدار اليوم".
وتعلق: "أنا متفائلة كثيراً لأنني أرى هذا التحول يحدث بشكل متزايد مع الوقت".
الوزراء.. تغريدات متنوعة
وانتقالاً إلى رصد تغريدات المسؤولين وعلى رأسهم الوزراء، أظهر الرصد أن جميع وزراء البحرين عدا وزيري الخارجية والعدل لا وجود لهم على "تويتر". رغم أن صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء، وجه مؤخرا جميع الوزراء والجهات العامة إلى إنشاء حسابات على مواقع التواصل الاجتماعي لتحقيق أعلى مستوى ممكن من التواصل مع المواطنين.
ويتابع وزير الخارجية على تويتر نحو 119 ألف شخص، يتفاعلون مع تغريدات متنوعة للوزير، تشمل تصريحات رسمية مثل "لن نعاقب احد ، بل سنواصل جهودنا في إقناع الرافض و الممتنع . و الله المستعان"، وأخرى معاد تغريدها "ريتويت" مثل "مشكلة بعضنا انه يعيش في زاوية ضيقة ويضيق صدرا بمن لا يعايشونه في هذه الزاوية"، التي أعاد تغريدها من العلامة الليبي عبدالله بن بيّة، وتغريدات إنجليزية مثل "British Muslims , rather all Muslims have a real example of a worldly minded personality in .. We need more like her".
أما وزير العدل فيتابع تغريداته نحو 25 ألف شخص، وتشمل ما يخص البحرين مثل "رئيس الوزراء: اعتماد تقرير البحرين في جنيف يؤكد أن هذا الانجاز الدولي والحقوقي المشرف هو انتصار للحق"، و"البحرين تستنكر بشدة عرض الفيلم المسيء لرسول الله محمد عليه الصلاة والسلام باعتباره عملاً خارجاً عن مبادئ احترام الأديان".
ليلى.ع تعلق على نوعية تغريدات المسؤولين والوزارات، فترى أنهم لا يجب أن يكتفوا بنشر الأخبار فقط، بل أن يتجاوز دورهم إلى التفاعل مع الجمهور من خلال الرد على الاستفسارات وتفنيد الإشاعات".
وتبين د.الحلواجي طبيعة التغريدات التي يفترض أن تنشرها الجهات الرسمية قائلة: "تتحفظ الكثير من المؤسسات الرسمية على خوض غمار التفاعل المباشر مع الجمهور وتحاول دوماً الحفاظ على خطوط معينة لا يتم تجاوزها، وهذا أمر يتفهمه الجميع، ولكن إذا كانت المؤسسة تهدف إلى توثيق علاقتها بجمهورها وزيادة الثقة والمصداقية لها في المجتمع، فعليها توسيع دائرة التواصل ونقلها إلى مستوى أكثر تفاعلية مع الجمهور، خاصة أن هذا الأمر سيساهم كثيراً في تحسين الصورة الذهنية للمؤسسة لدى الجمهور، وسيساهم كثيراً في تعزيز العلاقة بين المواطنين والمؤسسات الحكومية".
وتنوه د. الحلواجي إلى "ضرورة أن يكون توسيع التفاعل بطريقة يتم فيها مراعاة المواضيع التي تطرح، ومدى ملائمتها لطبيعة عمل المؤسسة وأهدافها الاتصالية، وهذا يتطلب وجود أشخاص مختصين في هذا الأمر يعرفون كيف يتعاملون بشكل مناسب لهذا النوع من التواصل".
مواطنون: تويتر مصدر للأخبار أيضا
ويتابع المواطنون البحرينيون حسابات الوزارات في "تويتر" بشكل متفاوت، وكانت وزارة الداخلية على رأس القائمة نظراً لما شهدته البحرين من أحداث في 2011 على الأرجح، ما جعل المواطنين راغبين بمعرفة ما يتعلق بالأوضاع الأمنية في المملكة.
وتقول ليلى.ع: "قبل خروجي من المنزل أتأكد أن الشوارع التي سأمر بها خالية من أي أعمال إرهابية، ويتسنى لي ذلك من خلال متابعة حساب وزارة الداخلية".
وتشاركها في الرأي زكية القصاب التي تلفت النظر إلى نقطة إيجابية يتميز بها حساب وزارة الداخلية، وهي نشره للتغريدات بالعربية والإنجليزية حرصاً على التواصل مع البحرينيين والمقيمين في البحرين ممن لا يتحدثون العربية.
وتعتقد ليلى أن حسابات الوزارات والجهات الحكومية مهمة ليعرف المواطن الجديد من الخدمات التي تقدمها الوزارة ومواعيد مراجعتها، وعن نفسها تقول: "شخصياً، كوني طالبة في الجامعة، أتابع حساب الجامعة لمعرفة مواعيد التسجيل الخاصة بدفعتي الدراسية ومواعيد دفع الرسوم وغيرها، كما أطلع على أخبار الفعاليات التي يفوتني حضورها".
وتؤكد د. الحلواجي أهمية هذا الموضوع، وأنه " لم يعد خيارا علي أي جهة رسمية أن يكون لها منصة في شبكات الإعلام الاجتماعي، بل الأمر أصبح ضرورة ملحة..وأمر يفترض أن تقوم به سواء، للتواصل الداخلي داخل المؤسسة نفسها، أو تواصلها مع جمهورها الخارجي، وذلك لما يمكن أن تقوم به هذه الشبكات من دور كبير في معرفة الجمهور للخدمات والفعاليات التي تقدمها أي مؤسسة، علاوة علي توصيلها لآرائهم واقتراحاتهم المختلفة بطريقة سهلة وسريعة".
وتضيف د. الحلواجي أن "تواجد المؤسسات الرسمية على هذه الشبكات يتيح سرعة تكذيب الشائعات قبل انتشارها في المجتمع وإحداث بلبلة لا داعي لها وإشغال الرأي العام بأمور وهمية".
وبين رصد "الوطن" أن تغريدات الوزارات والجهات العامة في معظمها عناوين لأخبار الوزارة مع رابط الخبر الذي يحيل المستخدم إلى موقع الوزارة، مثل وزارة التربية والتعليم ومجلس الشورى. واختلف أسلوب وزارة الخارجية في التغريدات، إذ اعتمدت أسلوب نقل مقتبسات من كلام وزير الخارجية وغيره من مسؤولي الوزارة في الفعاليات المهمة.