^ ربما كان ملف المفصولين هو أكبر ملفات الأزمة الشائكة، هناك الكثير من الناس كانوا يريدون تطبيق القانون على من أضرب سياسياً في أماكن يمنعها القانون، غير أن هناك أناساً كثر أيضاً يقولون إن حل ملف المفصولين سوف ينزع فتيل أزمة خارجية داخلية، وسوف يغلق باباً أرادته الوفاق يكون موارباً من أجل إشعال أزمة جديدة تتعلق بحياة أناس وأرزاقهم. في ذات الوقت يبدو أن هناك من أخذ درساً قاسياً بينه وبين نفسه حين فقد وظيفة براتب مجزٍ بعدما استجاب لدعوة إضراب إما طائفية أو سياسية أو دينية، وهذه الوظيفة لا يتحصل عليها كثير من أبناء الوطن بمميزاتها. اليوم هناك سؤال هام جداً ووجيه جداً وربما مصيري، المفصولون عادوا، فكيف نضمن عدم تكرار الإضراب السياسي والديني والطائفي؟ أعتقد أن الدولة حتى وهي تريد أن تغلق ملف إنساني وملف دولي (بعدما كبلت البحرين نفسها باتفاقيات دولية تطوق أعناقها) إلا أنها من حيث تعلم أو لا تعلم جعلت مصيرها في يد اتحاد العمال المسيس والذي قاد إضرابات مسيسة في أماكن يحضر القانون البحريني الإضراب فيها. كان أكبر أزمة إضراب مررنا بها توازي أزمة التعليم، هي إضراب شركة بابكو وهي شريان الحياة للاقتصاد البحريني والطاقة والكهرباء والماء، ووقود السيارات وصادرات البحرين من النفط، ومدخول البلد من العملة الصعبة، كان الخطر الأكبر هو إضراب بابكو، ولا يبدو أنه تم استيعاب الدرس، ولا يبدو أنه تم فهم رسالة الإضراب في هذه الشركة وفي شركة ألبا وفي بتلكو (حتى وإن كانت الاتصالات لم تظهر مشكلتها أمام الناس بشكل واضح)، كل هذه الأماكن حصل فيها الإضراب لشل البلد اقتصادياً وخدماتياً، لكن حتى الساعة يبدو أن الدولة لم تستوعب هذا الدرس القاسي المرير. الإضراب في التعليم كان بمثابة كارثة وطنية، لولا أن هناك من ساندوا ظهر البلد بفزعتهم الوطنية لإنقاذ التعليم الذي أصبح تعليماً مسيساً وربما يعج بنفس طائفي واتضح ذلك خلال الأزمة. كارثة التعليم والصحة هي من أكبر الكوارث، وما يزعج أهل البحرين بعد مرور عام، أن الدولة من غير استراتيجية وطنية تمنع الإضرابات السياسية أو الدينية. لن أتطرق للتعليم، قلت ما قلته وقاله الآخرون ولم نجد شيئاً..! القضية الهامة هنا أن الدولة سلمت نفسها إلى اتحاد العمال رغم دعوة الإضراب السياسي التي تبناها خلال الأزمة، اليوم وبعد قرارات عودة المفصولين فإن صاحب القامة الطولى على الدولة هو هذا الاتحاد المسيس، فكيف تشكل هذا الاتحاد، وكيف استولى على المشهد العمالي؟ ومن يقف خلف هذا الاتحاد؟.. ومن يسيره؟ إلا أن السؤال الأهم هنا هو كيف نضمن عدم عودة الإضرابات السياسية، كيف ننقذ المجتمع البحريني من اتحاد مسيس وربما مطأفن، ويتصرف باستقواء المنظمات الدولية؟ هل المجتمع البحريني سوف يبقى رهيناً لهكذا اتحاد عمال يفعل بالبحرين ما يريد ويصطف سياسياً ودينياً مع جهات ضد المجتمع بأكمله، ويخالف القوانين المحلية والعالمية؟ يا دولتنا، من يضمن لنا ألا نتعرض لإضراب (سياسي/ديني) يمس شريان الحياة في شركة بابكو مثلاً، من يضمن لنا ألا يحدث إضراب في التعليم وفي الصحة (وهذه الأخيرة حل عليها خراب سنواب من خراب مالطة)..! الإضرابات السياسية محرمة دولياً ومحلياً، فلماذا لا تتحرك الجمعيات ومؤسسات المجتمع المدني للشكوى على هذا الاتحاد في الخارج بسبب الإضراب السياسي؟ ترك اتحاد مسيس يفعل بالبحرين ما يريد هو في قمة الخطورة (وخذوها مني لن تنتهى الإضرابات السياسة أبداً) مادامت الدولة تقوي هذا الاتحاد وتخضع له سلطة أقوى عليها!!