^ يقول المدعو هادي الموسوي، عضو جمعية الوفاق: “أن السلطة لم تقم بتنفيذ التوصيات وأن ما قامت به لا يعدو كونه التفافاً عليها، وأن المشكلة الجوهرية لديه تتمثل في بقاء الحكومة، وأنه لم تنفذ توصية واحدة تنفيذاً حرفياً شفافاً فعليا.. والمطلوب أن تأتينا حماية دولية، وأن يحمي المواطن وأن تمنع اليد التي تمتد إليه، فما الذي نتوقعه إذا كان التقرير مسلم للملك والملك يقدم شكره لمرتكب الجرائم.. وعلى المجتمع أن يأخذ دوره في حماية المجتمع”. ها هو المجهود المضني والعمل المخلص يقابل بالجحود والنكران، ليس هذا فحسب إنما يطالب بحماية دولية، لأن ما نفذ من توصيات بسيوني يعتبر بالنسبة لهم حقاً، وما يطالبون به لم يحقق فعلياً وهو “ولاية الفقيه”، والتي أكدتها “وكالة أنباء فارس” على موقعها بتاريخ 21 يناير 2012، بأن الأمين العام للوفاق قال في بيان له “ليس بالضرورة أن نقوم باتخاذ النموذج الإسلامي للحكم في إيران، ولكن بعد إسقاط النظام فإننا قادرون على كتابة دستور للبلاد بالاعتماد على الفقهاء والمشرعين القانونيين، كما أن حركة وثورة شعبنا في البحرين حركة دينية مرجعية تسعى لأن تكون في خط رسالات الأنبياء والأئمة المعصومين الإثني عشر، ونستشهد برأي العلماء الربانيين، إنها ثورة حسينية عاشورائية وكربلائية، وإن شعبنا يرفض الحكم الليبرالي ويطمح إلى حكم ديني، ولم يقدم شعبنا كل هذه التضحيات والدماء من أجل نظام ليبرالي علماني، وهو قد ثار ضد النظام العلماني الليبرالي، أي أن النية هي إسقاط النظام الذي يبدأ تدريجياً بالحكومة حتى الوصول إلى كرسي الحكم. الأمر لم يعود مقتصراً على نكران مجهود الدولة وتسامحها مع من ارتكبوا الجرائم، إنما أعادوا الفضل بما قامت الدولة على سبيل المثال عودة المفصولين إلى أعمالهم بأنه يرجع إلى “منظمة العمل الدولية”، وهذا ما ذكره هادي الموسوي في تقريره تحت عنوان “الحديث عن تنفيذ توصيات تقصي الحقائق بهرجة إعلامية لا أكثر”، حيث قال “أن لجنة إعادة المفصولين رغم ما بذلته من عمل دؤوب لم تستطع إعادة المفصولين لولا تدخل منظمة العمل الدولية”، وهو السر الذي يكمن وراء دعوة سلمان محفوظ لهذه المنظمة، وعلل وزير العمل قائلاً “تأتي زيارة منظمة العمل الدولية في الوقت الذي تستعد فيه الوزارة طي هذا الملف، حيث سيقدم هذا الوفد استشاراته القانونية والفنية للجنة الثلاثية”، وهي صورة نرى فيها كيف تحبك المسائل بعضها ببعض لتخرج منها الدولة أنها فشلت في تنفيذ توصيات تقرير بسيوني. ويستمر مسلسل الإفشال لمجهودات الدولة مهما بنت من مساجد وقدمت من تعويضات، حيث ذكر أن قد تم تخصيص 15 مليون دينار ميزانية تقديرية لجميع المتضررين بالوفاة والإصابات أو غيرها، وهنا سيأتي تحت بندها بالتأكيد تعويض المفصولين بحجة المعنويات والمضايقات، وغيره من سقط على عتبة بيته وهو يركض خوفاً من رجال الأمن، ومن احترق مطبخه ومن انكسر زجاج سيارته، ونخشى هنا أن تضيع الرقابة على صرف التعويضات، كما صرفت تعويضات “تمكين” للمؤسسات التي أدعت أنها متضررة دون أن يكون عليها رقيب ولا حسيب إلا التأكد من مستندات سجلات وكشف حساب، وكل هذا مع الأسف يقابل بالجحود والنكران، حين نطالع التقارير الصادرة من الوفاق في صحيفتها المعروفة وفي مواقعها ووكالات الأنباء الفارسية التي لا تذكر فيها إلا قصص قمع واغتيالات مقتبسة من ممارسات القمع والقتل التي تمارسها طهران وحزب الله اللبناني في الشعب العراقي والسوري، إنها القضية التي ليس هناك سبيل لإنهائها عندما يكون الشعار “إسقاط النظام”، الذي لم تنكره الوفاق بل تعلنه كل يوم حين تسمي الحكم الخليفي بالنظام الديكتاتوري القمعي. القضية ليست بالسهولة التي نتصورها، إنما هي استراتجية واضحة تبدأ من إنكار ما نفذته الدولة من توصيات بسيوني، وافتعال جرائم تنسب إلى أجهزة الأمن وتسجيل وفيات طبيعية على أنها نتيجة قمع رجال الأمن، ثم الدعوة لحماية دولية، ودعوة لـ “اليونسكو” يطلقها المجلس العلمائي باتخاذ إجراءات لحماية المساجد والمقامات التاريخية في البحرين من عمليات التخريب. كل ذلك يأتي لتثبيت أحقية المعارضة بحكم البحرين، عندما تكون هذه المقامات هي خاصة بالطائفة الشيعية كأغلبية وتاريخ، وأنهم يتعرضون للاضطهاد، وأن توصيات تقرير بسيوني لم تقم الدولة بتنفيذها إنما كل ما قامت به ما يعدو كونه الالتفاف عليها، فإن القضية ليست بالسهولة عندما يرفع شعار “إسقاط النظام”، ثم يقول علي سلمان أن شعبه لم يقدم التضحيات لأجل دولة علمانية ليبرالية، وإنما هي ثورة حسينية كربلائية يطمح فيها الشعب إلى دولة دينية. وكما قال المثل “يا بوزيد كأنك ما غزيت”، عندما يكون المجهود الذي بذلته الدولة في تنفيذ توصيات تقرير بسيوني هو مجرد بهرجة إعلامية لا أكثر.. حسب ادعاءاتهم