^ ليس من رأى كمن سمع، فالذي يرى بأُمِّ عينه يشاهد الحقيقة ويصبح شاهد عيان يؤخذ بشهادته، خاصة إذ كان يختزن في ضميره رؤية إنسانية ومحصناً ضد العنصرية والطائفية، والزميلة الأستاذة سمر المقرن، كانت في قلب أحداث البحرين أثناء الفتنة التي أشعلها عملاء نظام ملالي إيران، فالزميلة الكاتبة التي كانت تتردّد باستمرار على البحرين التي أطلقت عليها اسم “دانة الخليج”، بسبب ارتباطها بدراسة مرحلة الماجستير في إحدى جامعاتها، وأقامت في البحرين لمدة عام كامل، وظلّت تتردّد على ذلك البلد العربي الرائع لاستكمال متطلّبات رسالتها العلمية، وفي يوم 14 فبراير 2011 كانت في طريقها إلى مطار البحرين للتوجُّه إلى الرياض، في ذلك اليوم تقول الكاتبة في وثيقة أعدّها وثيقة تاريخية ضمنتها كتابها “ثورة الشعب وثورة الطائفية”، وتضمّنت حقائق ومشاهدات حية عما رأته عيناها في البحرين ومقارنة ذلك بما يجري في سوريا. تقول الكاتبة “في ذلك اليوم 14 فبراير 2011 الذي يمثِّل ذكرى ميثاق العمل الوطني الذي أقرّه ملك البحرين في عام 2001، وقبل أن أذهب إلى المطار طلبت من السائق أن يعبر بالسيارة بجانب ميدان مجلس التعاون، والذي أصبح اسمه تقاطع الفاروق، وفور وصولي بدأت بمتابعة ما يجري من أحداث، حيث تم وضع “كاميرا” بث حي من الدوار عبر الإنترنت، تعجّبت مما أرى وبالذات الشعارات التي تم تعليقها أو حملها، وهي شعارات تمجِّد شخصيات دينية خارجية ومطالبة بإسقاط نظام حكومة البحرين.. كانت تلك الشعارات مقزّزة بطائفيتها ومستفزّة للعروبة والوحدة الخليجية”. وتواصل الكاتبة شهادتها، فتذكر أنّ “قوات الأمن قامت بعد يومين من بداية الاعتصام باستخدام مكبرات الصوت وتوجيه نداء إلى المعتصمين ومطالبتهم بفض الاعتصام غير المرخّص، وعندها فوجئ رجــال الأمــن بهجوم المعتصمين عليهم بالأسلحة النارية والبيضاء، مما أدى إلى مقتل وإصابة عدد من رجال الأمن، وفي اليوم نفسه وبعد هذه الحادثة، أطلق ولي العهد الأمير سلمان بن حمد نداءً لبدء حوار وطني مع كافة الأطراف، فرفضت جمعية الوفاق التي تقود دفّة المعارضة هذا الحوار بحجة انتشار الجيش في الشوارع، فجاء ردّ ولي العهد بسحب قوات الأمن والسماح بعودة المعتصمين”. ماذا حدث بعد ذلك... تنقل الكاتبة ما شاهدته وما نقله لها رواة ثقات، بأنّ “المعتصمين بعد أن تم نصب الخيام لهم عاشوا أجمل أيام حياتهم في رفاهية كاملة بشكل يشبه “الكرنفال”، إذ كانت الخيام من أفخر الأنواع، أما الأطعمة فكانت مما لذّ وطاب من أفخر المطاعم، بما فيها الحلويات وأجهزة عمل البوشار “البوبكورن”، ولم ينقص المعتصمون في الدوار أي نوع من أنواع الرفاهية، حتى أنّ “الشيشة” تم توفيرها، مما جعل الجميع يستغرب من هذه الرفاهية المتكاملة، في حين أنّ هؤلاء يزعمون أنهم يتظاهرون ويعتصمون ويشكون من حالة الفقر التي يعيشونها. مشاهدات حيّة وروايات عما حدث من فتنة أشعلها المرتبطون بنظام الملالي في طهران وكيف انتهك عرض الحرائر في الجامعة، وكيف استولى المشاغبون على مستشفى السلمانية. مشاهدات تكشف الحقد العنصري والطائفي الذي كان عنوان أحداث البحرين التي يقارنها البعض بثورة شعب سوريا. وثيقة وشهادة تُشكر عليها الزميلة سمر المقرن وتستحق أن تُقرأ.