قدر الأمين العام لوزارة التخطيط والتعاون الدولي الأردنية ممثل الأردن في مجلس أمناء المعهد العربي للتخطيط صالح الخرابشة، الخسائر الاقتصادية التي تكبدتها دول الربيع العربي بنحو 120 مليار دولار.
وأشار إلى أن هذه الخسائر مرشحة للزيادة في ظل تراجع الاستثمار الأجنبي المباشر في الدول العربية بنسبة 24.2% نتيجة أحداث الربيع العربي حيث سجلت الدول العربية استثمارا مباشرا بلغ نحو 50 مليار دولار عام 2011 مقابل 66 مليار دولار عام 2010، متوقعاً في تصريحاته التي نشرتها صحيفة الشرق الأوسط أن لا تزيد الاستثمارات هذا العام عن 53 مليار دولار فضلا عن استمرار تراجع أداء الأسواق المالية في كثير من دول الربيع العربي.
جاء ذلك في كلمته أمس أمام أعمال المنتدى الإقليمي حول "اقتصاديات الربيع العربي" الذي ينظمه المعهد العربي للتخطيط بالكويت بالتعاون مع الأمانة الفنية لمجلس وزراء الشؤون الاجتماعية العرب.
وأوضح الخرابشة أن دول الربيع العربي تواجه تحديات متعددة تتمثل في تباطؤ النمو الاقتصادي وتنامي عجز الموازنة وتراجع إيرادات السياحة ومستويات الاستثمار والاحتياطات من العملات الأجنبية وارتفاع معدلات البطالة وارتفاع معدلات التضخم نتيجة لاستمرار ارتفاع أسعار الوقود والغذاء عالميا.
وأضاف "رغم فرص التحسين والإصلاح التي أتاحها الربيع العربي، إلا أن فاتورته كانت باهظة الثمن سواء على الدول التي شهدت تسارعا في المشاهد السياسية والأمنية أو الدول التي شهدت اعتصامات واحتجاجات ومتطلبات ذات سقوف محدودة".
من جانبها قالت وزيرة الدولة لشؤون التخطيط والتنمية ووزير الدولة لشؤون مجلس الأمة الكويتي ورئيس مجلس أمناء المعهد العربي للتخطيط رولا دشتي، في كلمتها الافتتاحية إن المنتدى يشكل فرصة حقيقية لتبادل الخبرات والأفكار واستخلاص الدروس التي من شأنها المساعدة على تدارك الأخطاء وتصحيح المسارات وتعزيز القدرات والإمكانات بما يصب في صالح الدول العربية بشكل عام ودول الربيع العربي على وجه الخصوص.
وأضافت دشتي في الكلمة التي ألقاها نيابة عنها المدير العام للمعهد العربي للتخطيط الدكتور بدر عثمان مال الله، أنه بعد مرور عامين على بدء التطورات التي شهدها عدد من الدول العربية، التي عرفت بدول الربيع العربي يأتي المنتدى لتدارس أهم الأسباب والدوافع الاقتصادية التي كانت وراء تلك التطورات وما واكبها من تغيرات سياسية وما تضمنته تلك المرحلة من دروس يمكن استخلاصها والاستفادة منها في تحقيق تنمية حقيقة مستدامة، تكون أكثر استجابة للاحتياجات وتطلعات الشعوب العربية خلال المرحلة المقبلة.
وأشارت إلى أن تجربة التنمية العربية خلال العقود القليلة الماضية كانت قاصرة عن تحقيق نمو اقتصادي مستدام، ناهيك عن التنمية بمفهومها الشامل بل إن الفجوة التنموية بين البلدان العربية والدول المتقدمة بدت آخذة في الاتساع خلال السنوات الأخيرة، حيث ظلت معدلات البطالة مرتفعة لا سيما بين الشباب والنساء والفئات الأكثر تعليما وظلت نسب من يعيشون تحت خط الفقر من السكان عالية وأعدادهم متزايدة.
وبدوره، قال ممثل جامعة الدول العربية طارق النابلسي، إن الثورات العربية تشهد جملة من التحديات الداخلية والخارجية في ضوء الأوضاع التي عاشتها المجتمعات العربية على مدى عقود خلت، والتي أدت إلى اندلاع هذه الثورات ضمن تلك التحديات، مشيرا إلى عجز في استيعاب مطالب الشعوب وتجسيدها في مواقف واضحة ومطالب محددة قابلة للبرمجة والتنفيذ لصالح الفئات المستهدفة.
وأضاف النابلسي أن اهتمام الثروات العربية منصب على المجال السياسي على حساب المجالات الاجتماعية والاقتصادية التي تعد أكثر أهمية وتأثيرا على حياة المواطن وهي في واقع الأمر التي أدت إلى اندلاع الثورات التي تشهدها المنطقة.
ومن ناحيته، قال المدير العام للمعهد العربي للتخطيط الدكتور بدر عثمان مال الله إن المنتدى يأتي في سياق الأحداث في المنطقة لمواكبتها وتلمس آثارها على الاقتصادي العربي من خلال تقييم هذه الأوضاع وآثارها للبناء عليها لما هو أفضل.
وأعرب عن أمله في أن يخرج المنتدى بتوصيات استرشادية توضح المخاطر الناجمة عن الحراك السياسي على الاقتصاد وسبل معالجتها في المستقبل حتى يأتي الربيع العربي أكله وثماره لصالح الأمة العربية.
ويشارك في المنتدى الذي تستمر أعماله على مدى يومين كثير من الوزراء والخبراء الاقتصاديين العرب بالإضافة إلى مجموعة من الخبراء الدوليين.
ويناقش المنتدى كثيرا من الأوراق والمحاور منها دور العوامل الاقتصادية في الحراك السياسي، والسياسات الاقتصادية التقليدية والاستقرار الاجتماعي، وتحديات تمويل الاقتصاد التونسي في خضم التحول الديمقراطي.