طالت العقوبات الاقتصادية الدولية مدمني المخدرات في إيران، بعد أن ضربت كافة القطاعات ومناحي الحياة المختلفة في البلاد، وأصبحت هذه العقوبات تهدد حياة المدمنين على الحشيش والمخدرات بعد أن تحولوا إلى المواد الصناعية المركبة التي تعتبر أكثر ضرراً وفتكاً بالصحة.
ويرجع التحول لدى مدمني المخدرات والحشيش الإيرانيين إلى أمرين على ما يبدو، أولهما التراجع الكبير في حركة الصادرات والواردات مع العالم الخارجي والتي كانت تسهل عمليات التهريب والترويج للمخدرات، وثانيهما تدهور الأوضاع المعيشية وسوء الأحوال الاقتصادية وارتفاع الأسعار إلى مستويات قياسية، مما زاد من رقعة الفقر وجعل شريحة من المدمنين غير قادرين على شراء المواد المخدرة الطبيعية.
لكن جريدة "فايننشال تايمز" البريطانية قالت إن التدهور الاقتصادي في إيران أثر أيضاً على مراكز علاج الإدمان، حيث نقلت الصحيفة عن مسؤول في أحد هذه المراكز قوله إن "المشكلات الاقتصادية، وخاصة في الشهور الأخيرة، تسببت في انخفاض أعداد المدمنين الذين يأتون إلى المركز من أجل تلقي العلاج وإعادة التأهيل".
وأشار المسؤول إلى أن انخفاض أعداد من يأتون لتلقي العلاج يعني أن المدمنين بدؤوا يلجؤون إلى علاجات بديلة أقل تكلفة، لكنها أكثر خطراً على حياتهم أيضاً، ومن بينها بعض الإبر التي تبلغ تكلفة العلاج بها شهرياً نحو 147 دولاراً، وهي نصف التكلفة التي يمكن دفعها لدى مركز متخصص.
وكانت الولايات المتحدة وأوروبا قد شددتا من العقوبات الاقتصادية المفروضة على إيران منذ منتصف العام 2012، لتشمل المعاملات المالية والعديد من القطاعات، بما في ذلك فرض حظر على استيراد النفط الإيراني، وهو ما تسبب في خفض مبيعاته لأكثر من النصف، وأدى بالنتيجة إلى انخفاض كبير في العملة الأجنبية المتوفرة لدى إيران.
كما تسببت هذه العقوبات أيضاً بهبوط حاد في سعر صرف الريال الإيراني، حيث هوت العملة المحلية بأكثر من 50% العام الحالي، وهو ما تسبب بارتفاع حاد في أسعار السلع والمواد الأساسية تسبب أيضاً بارتفاع نسبة التضخم إلى 26%.
ونقلت "فايننشال تايمز" عن خبراء في المخدرات قولهم إن هبوط العملة الإيرانية، وارتفاع الأسعار في البلاد، أدى إلى ارتفاع كبير في أسعار المخدرات والحشيش وبعض المواد الصناعية المرتبطة بهما، مشيرين إلى أن غرام الأفيون كان يتم تداوله في إيران مقابل 2.4 دولار، ليرتفع مؤخراً إلى أربعة دولارات للغرام الواحد.
وقال عباس ديلمازادا، وهو مدير لمؤسسة غير حكومية تختص برعاية وعلاج المدمنين، وتتعامل مع 140 ألف مدمن سنوياً، قال إن "استخدام المواد الصناعية البديلة من قبل المدنين بدأ قبل أربعة سنوات، لكنه ارتفع بشكل واضح وملحوظ مع العقوبات في الشهور الأخيرة".
وأضاف ديلمازادا لـ"فايننشال تايمز": "قلقنا يرجع إلى أن العقوبات والتدهور الاقتصادي غيروا من أنماط السلوك لدى المدمنين، من سلوكيات ذات مخاطر متدنية مثل تدخين الأفيون، إلى سلوكيات ذات مخاطر عالية مثل إبر الهيروين والتعاطي من خلال الشيشة".