خلال العقود الأربعة الأخيرة، حققت دول الخليج نموا اقتصاديا لافتا للنظر واستثنائيا، الا أنها مع ذلك لا تزال تواجه تحدي التقلب الاقتصادي الذي لابد من القضاء عليه ان كانت ترغب في تنويع اقتصاداتها بعيدا عن النفط وفي أن تصبح قوة اقتصادية ناشئة.
وكتب الخبيران جورج عطا الله وحاتم سمان في فايننشال تايمز تشخيصاً لواقع التقلب، واقترحا 10 نصائح. وقالت المقالة:
في الأعوام ما بين 1992 و2011 تراوح المعيار الانحرافي لبلدان الخليج باستثناء الكويت، وهو مقياس للتقلب الاقتصادي، ما بين %2.65 في البحرين و%6.6 في قطر مقارنة مع %1.67 و%2.1 في الدول ذات الدخل المرتفع في منظمة التعاون الاقتصادي والصين على التوالي.
وتلعب عدة عوامل في التقلب الاقتصادي. فدول الخليج لا تزال تعتمد بشكل كبير على الموارد الطبيعية من الغاز والنفط لجني الدخل القومي رغم النمو الأخير في الأنشطة غير الحكومية.
وباستثناء البحرين، شكلت ايرادات الهيدروكربون %80 من الدخل وصادرات دول الخليج من السلع والخدمات خلال الفترة ما بين 1990 وحتى 1999، وفق تقرير لصندوق النقد الدولي. ومن عام 2000 الى 2009، شكلت قرابة %90 من الايرادات و%80 من الصادرات، باستثناء الامارات، مما يجعل دول الخليج عرضة للصدمات الخارجية بصورة أكبر.
في الواقع، فانه خلال فترة التسعينات من القرن الماضي، عندما انخفضت أسعار النفط الى 10 دولارات للبرميل، خسرت دول الخليج أعواما عانت خلالها من الركود الاقتصادي مقارنة مع باقي أنحاء العالم. وفي الفترة ما بين 1990 الى 2008، بلغ متوسط معدل النمو السنوي المركب لنصيب الفرد من الناتج المحلي الاجمالي %0.02 مقارنة مع %2.17 لباقي دول العالم.
عامل آخر يلعب دورا في التقلب الاقتصادي ويتمثل في غياب الضرائب. اذ تلجأ الحكومات عادة الى زيادة الانفاق لدعم وتحفيز الاستهلاك والنمو الاقتصادي.
في السعودية، على سبيل المثال، زاد الانفاق الحكومي الأخير من سعر التعادل للنفط في الميزانية من 49 دولارا للبرميل في 2008 الى 80 دولارا للبرميل في 2011، مما يعرض الانفاق المالي لمخاطر الصدمات الاقتصادية الخارجية التى قد تتسبب في اجراءات تقشفية في الرعاية الاجتماعية والاقتصادية التى اعتاد عليها المواطنون.
من وجهة نظر السياسة النقدية، فان الخيارات أمام الحكومات الخليجية محدودة نظرا لارتباط عملاتها بالدولار. فالتراجع في قيمة الدولار في السنوات التى سبقت الأزمة المالية الى جانب ارتفاع الانفاق الحكومي وارتفاع أسعار المواد الغذائية العالمية أدى الى زيادة التضخم المستورد الى مافوق %11 في 2008.
عامل آخر رئيسي يزيد من التقلبات الاقتصادية لدول الخليج هو نظام الرعاية الاجتماعية الذي يجعل من حكومات الخليج أكبر صاحب عمل لمواطنيها. اذ تعمل معظم القوة العاملة في القطاع العام، الذي يتميز بأجوره المرتفعة وانتاجيته المنخفضة، مما يخلق سوق عمل مجزأة الأجور.
أخيرا، ورغم تمكن استثمارات حكومات الخليج من تحسين النمو الاقتصادي، الا أن مصدر هذه الاستثمارات نفسها يعتمد على ايرادات النفط المتقلبة. وتميل استثمارات الدولة الى أن توجه الى المشاريع الكبيرة كالمدن الاقتصادية التى لايمكن تحمل كلفتها سوى الأموال الحكومية أو شبه الحكومية التي لا تقدم استراتيجية واضحة بشأن العائد على الاستثمار.
اذاً ما السبيل للخروج من هذا الوضع للمضي قدما بالنسبة لدول الخليج؟ هناك 10 نصائح ذهبية:
المخرج يتمثل في وجود مزيد من التكامل الاقتصادي والمشاريع الاقليمية التى من شأنها أن تخدم المنطقة بصورة أفضل، عبر تأمين مزيد من الفرص للتعاون ككتلة واحدة بدلا من التنافس فيما بينها. ورغم أن فرض الضرائب قد لا يكون بالأمر الممكن من الناحية السياسية في الوقت الراهن، لكن وضع استراتيجية مالية جديدة أمر لابد منه، على أن تشمل وجود ضريبة القيمة المضافة على غرار ما هو موجود في الاتحاد الأوروبي للمساعدة في تأمين ايرادات مستقرة.
وبالنسبة للسياسة النقدية، فان بمقدور دول الخليج أن تربط عملاتها المحلية بسلة عملات، كما فعلت الكويت، تستند الى أكبر شركائها التجاريين.
ولخفض معدلات البطالة، ينبغي على دول الخليج، التى تتسم بالصغر النسبي في الكثافة السكانية، أن تدرب المواطنين على تولي وظائف في القطاعات الاقتصادية ذات الأهمية الاستراتيجية مثل النفط والبتروكيماويات، في حين يمكن للدول ذات الكثافة السكانية الأكبر أن تقدم حوافز للمواطنين لدخول الوظائف المهنية. ومن الخيارات الأخرى المطروحة، ضمان وجود دعم واقعي وفعلي لحرية حركة العمالة بين دول الخليج.
أخيرا، يجب على الحكومات أن تركز على الاستثمارات التى تكمل أنشطة القطاع الخاص. وفي الوقت نفسه، يمكن لدول الخليج أن تعمل على زيادة تحسين العوامل المؤسسية مثل الشفافية والمساءلة وسيادة حكم القانون..
وسوف تساعد جميع هذه التدابير على اطلاق العنان لأنشطة القطاع الخاص وتشجيع الاستثمارات الأجنبية الخارجية في القطاعات التى لم يتم الاستفادة منها في السابق بعد كالسياحة والتصنيع، وهما المجالان اللذان أظهرت فيهما الامارات تقدما واعدا وكبيرا.
النصائح هي:
1 - مزيد من التكامل والمشاريع المشتركة
2 - بداية فرض ضريبة القيمة المضافة
3 - ربط العملات بسلة كما فعلت الكويت
4 - تدريب أفضل للمواطنين على العمل والقيادة
5 - التركيز على استثمارات تكمل القطاع الخاص وتشجعه
6 - تحسين العوامل المؤسسية لزيادة الشفافية والمساءلة
7 - تشجيع الاستثمار الأجنبي في السياحة والصناعة
8 - دعم فعلي لحرية العمالة بين دول الخليج
9 - العمل ككتلة واحدة لتجنب التنافس غير المجدي
10 - زيادة إنتاجية الموظفين الحكوميين