قال العدد الصادر من دورية «حالة الإقليم» الصادرة مؤخراً عن المركز الإقليمي للدراسات الاستراتيجية بالقاهرة، عن برنامج إيران النووي قد يعرضها لاحتمالية أن توجه لها إسرائيل ضربة عسكرية، موضحة أن السمة الرئيسة للتفاعلات بين إيران وإسرائيل، تظل على المستوى الرسمي على الأقل، هي العداء، الذي يكاد يسمح بالحديث عن «حرب باردة» إقليمية بينهما، تستخدم فيها كل منهما استراتيجيات «ردع مركب»، في صورة الحرب النفسية، والحرب الإلكترونية، والحرب بالوكالة، هدفها الرئيس، رفع كلفة أي مواجهة مباشرة بينهما، خصوصاً مع تزايد التهديدات الإسرائيلية بتوجيه ضربة للمنشآت النووية الإيرانية.
ويناقش عدد نوفمبر 2012 من دورية «حالة الإقليم»، ستة تطورات وظواهر رئيسة يشهدها الإقليم، في المجالات الأمنية والسياسية والاقتصادية. حيث يهتم العدد بتحليل أبعاد الصراع بين القوى الإسلامية وقوى ما بعد الإسلاموية، وكيف سيعيد هذا الصراع تشكيل الشرق الأوسط، حيث تشير الباحث المحلل في المركز الإقليمي للدراسات الاستراتيجية بالقاهرة أ.رضوى عمار، إلى أنه رغم أن القوى المعبرة عن ما بعد الإسلاموية، مثل أحزاب الإخوان المسلمين في دول الثورات العربية، خرجت من رحم القوى الإسلامية، إلا أن الأولى تعبر نظرياً عن الميل إلى علمنة الدين، والحد من الدور السياسي للدين من منطلق أن ليس لديهم إجابات لمشكلات المجتمع الاجتماعية والسياسية والاقتصادية كافة، وأنه ليس هناك تعارض بين الإسلام والحداثة، وأن بقاء الإسلام كدين له مصداقية يعتمد على تحقيق هذا التوافق.
وفي إطار اهتمام «حالة الإقليم»، بالتداعيات السياسية لاستخدام وسائل التواصل الاجتماعي خصوصاً «تويتر» في المراحل الانتقالية في الدول العربية، يرصد العدد تزايد استخدام تويتر في المجتمعات الخليجية على نحو خلق «شوارع افتراضية» يستخدمها النشطاء للتعبير عن مطالبهم، وتؤكد «جين كينينمونت»، كبير الباحثين في برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بمؤسسة شاتام هاوس بلندن، أن «تويتر» لعب دوراً رئيساً في السماح لأصحاب الميول المتشابهة من الشباب ورجال الدين والمسؤولين الحكوميين في دول الخليج في التواصل عبر الحدود الوطنية، وهو ما قد يساهم في التكوين المستمر للهوية «الخليجية»، بيد أن هناك جانباً مظلماً في الأمر، حيث يمكن استخدام الوسيلة غير المنظمة بشكل كبير كمصدر للمعلومات الخاطئة التي يصدقها المستخدمون عديمو الخبرة في بعض الأحيان بلا تمييز، وفي الدعاية وفي بث خطاب الكراهية.
وحول التنافس على الأدوار في الشرق الأوسط، نتيجة التحولات التي أحدثتها الثورات العربية، يناقش العدد السياسة الخارجية لكل من تركيا ومصر، وحجم التنافس والتقارب بينهما، حيث تجادل جولدن أيمن، أستاذ مساعد متخصص في العلاقات الدولية بكلية العلوم السياسية -جامعة مرمرة في تركيا، بأنه لم يتولد عن الانتفاضات العربية وما تبعها من تطورات لتركيا فرص معينة فحسب تجعلها «الرابح الأكبر» من الثورات العربية؛ بل تولد عنها أيضاً تحديات خطيرة، اضطرت أنقرة إلى إعادة النظر في سياساتها، وإلى إعادة تعريف أدوارها في منطقة الشرق الأوسط، خصوصاً الصراع الدائر في سوريا، التي ترى جولدن أنه يعتبر مأزقاً حقيقياً لتركيا. وتجادل جولدن بأن الوقت قد حان لتدع تركيا فكرة أنها الدولة التي «تحافظ على النظام» في الإقليم، ولتفكر واقعياً في كيفية إعادة هيكلة النظام الإقليمي، من خلال تضافر جهود الدول الإقليمية الفاعلة.
ويناقش السفير د.عزمي خليفة، المستشار الأكاديمي للمركز الإقليمي للدراسات الاستراتيجية بالقاهرة، أبعاد رؤية النخبة الحاكمة الجديدة في مصر للدور الإقليمي لمصر، حيث يقول إن الوعي بجغرافية مصر وتاريخها لم ينعكس في البرنامج أو التصريحات السياسية لقيادات مصر الجديدة؛ التي تنتمي لحزب الحرية والعدالة، حيث لم تع هذه القيادات أن الخطر أضحى يأتي لمصر من الجنوب أيضاً، وهذا ما تشير إليه محاولة اغتيال الرئيس السابق مبارك في أديس أبابا، وأزمة مياه النيل، خصوصاً وأن التوجه الرئيس لبرنامج حزب الحرية والعدالة هو الإسلام. كما يرى أن رؤية هذه النخبة للدور المصري لاتزال «قيد التشكل»، ومن الواضح من تصريحات قيادات هذه النخبة سيطرة البعد الديني على مدركاتها للدور المصري، وتحركها في ظل ضغوط إقليمية متزايدة، نتيجة تناقض أدوار دول الجوار، بسبب الأزمة الإيرانية تارة، ونتيجة تبعات الأزمة السورية تارة أخرى.
وحول الوضع في المغرب العربي، تهتم «حالة الإقليم» بمناقشة مستقبل الاتحاد المغاربي، وهو التنظيم الذي ظل «مأزوماً» منذ ما يزيد على ثلاثة عقود، ويقول أ.عبدالوهاب عمروش، أستاذ العلوم السياسية بجامعة بومرداس في الجزائر، إن: «الثورات العربية طرحت على دول المغرب العربي ثلاثة تحديات رئيسة، قيمية، وأمنية، واقتصادية واجتماعية، جعلت من الضروري أن تعيد هذه الدول النظر في مستقبل الاتحاد المغاربي، ويرى أنه رغم أن المعطيات والسياسات في دول المغرب العربي تشير إلى وجود رغبة في تفعيل الاتحاد، إلا أن التحديات التي تواجه تفعيله وتعيقه، يمكن أن تؤدي بالقيادات إلى اتخاذ تدابير ومبادرات قطاعية كفيلة بتحقيق تعاون جزئي يلبي حاجياتها كدول قطرية».