كتبت نورة عثمان:
تزخر المائدة البحرينية بالكثير من الأكلات الشعبية مثل "المجبوس" و"البرياني" و"الخبيص" و"العصيد"، وفي المقابل تجد الأكلات العالمية التي تسيّدت المائدة بعد أن اصطبغت بنكهة خاصة تناسب الذائقة البحرينية، ومنها "النودلز" و"الأجار" و"كرات اللحم" و"السمبوسة".
"النودلز" أكلة أصلها من شرق آسيا وتنتشر في الصين واليابان وكوريا وإندنوسيا وماليزيا واليابان والفلبين وتايلند، والغريب أنها تنتشر بكثرة أيضاً في أقصى الغرب في الولايات المتحدة.
"النودلز" في دول جنوب شرق آسيا تعد بشكل حساء توضع فيه المكرونة الطويلة المسماة باسم "النودلز" مع إضافات مختلفة أبرزها الخضار، والبهارات ذات النكهة الحادة، وقطع السمك أو الروبيان أو المتوفر من الأكلات البحرية، فيما تتميز "النودلز" في أمريكا بسلقها مع كمية من الملح وتضاف لها أحياناً البهارات، كما يضاف للحساء بعض قطع الدجاج أو اللحم.
وفي البحرين تختلف الذائقة قليلاً، وعن ذلك تقول نورة الحسين: "لا أحب الأكل ذو السوائل الكثيرة مثل الصالونة أو حساء النودلز، لذلك أصنع النودلز جافاً مثل المكرونة العادية"، وتعلق والدتها: "نحب إضافة الصلصات المختلفة للنودلز عوضاً عن البهارات لنضيف النكهة، وشخصياً أحب إضافة صلصة الشواء (باربيكيو سوس) للنودلز، كما أضيف الدجاج والبيض بعد خلطهما بالبهارات، ولأن لون الصلصة داكن بطبيعة الحال، فأنا أضيف الخضار الملونة مثل الفلفل البارد بألوانه الأحمر والأخضر والأصفر والبرتقالي، وتكون النتيجة نودلز ملون".
"الأجار"
"الأجار" أو المخلل، أكلة أصلها هندي، وأكثر ما يثير الغرابة فيها أنها تعتمد في صنعها على السكر إلى جانب المخلل، لكن المخلل يغلب على السكر وبالتالي لا يمكن تذوق طعمه، ولا يعرف كثيرون أنه من مكوناتها الرئيسة، لكنه يستخدم كما تفيد أم يوسف لحفظ الأجار من التلف.
وتقول أم يوسف: "يعرف عن الأكل الهندي تميزه بالنكهات القوية، ومنها النكهات الحارة، لذلك فإن غالب الأجار تجده ذو نكهة حارة، وأرى أن الأجار المفضل عند البحرينيين هو أجار الهمبة (المانجو)، لكون الأجار يؤكل غالباً في البحرين مع الأرز على الغداء، لذلك يفضله الناس لأنه يكسر الملوحة في الأرز بنكهة المانجو الحلوة الممازجة للحارة".
وتضيف أم يوسف: "غالب الأجار المنتج في البيوت تصنعه ربات المنازل من الخضروات المنتجة محلياً، ولا يشترط أن يكون هناك خضروات محددة، بل يمكن إضافة ما يحب الشخص، لكن هناك بعض الخضروات التي تجدها غالباً في كل أجار ومنها المسير والثوم والطماطم".
وتصنع أم يوسف الأجار بنكهة "البمبر" وتحب المصنوع بنكهة القرنبيط.
"كرات اللحم"
لا يعرف تحديداً الدولة التي أتت منها فكرة الطبق، لكنه ينتشر عالمياً، ويعرف عربياً باسم الكفتة.
وغالب الدول تعتمد في الطبق على اللحم المفروم الذي تضاف له البهارات، ويشكل بكرات ثم يطبخ قلياً أو شياً أو حتى سلقاً، ويمكن أكل الوجبة مع الخبز أو البطاطس المهروسة، والبعض يفضلها مع صلصة حمراء أو بيضاء إن كان من غير محبي الأكل الجاف.
وفي المائدة البحرينية اكتسبت كرات اللحم أو الكفتة طابعاً خاصاً تقول عنه فاطمة. ع: "أحب إعداد كرات اللحم بنفسي وغالباً أصنعها مقلية، إلا أن زوجي أحياناً يفضل الابتعاد عن اللحم حفاظاً على صحته، لذلك أستبدله بالدجاج أو البطاطس"، وتضيف: "جربت مرة وصنعت كرات اللحم بالحساء الأحمر، لكن أطفالي لم يستسيغوا الطعم، ولأني أعرف أنهم يحبون أكل الزبادي، جربت في مرة أخرى صنع صلصة كان الزبادي مكونها الرئيسي وأضفت لها كرات اللحم، فأصبحت من الأكلات المفضلة عندهم".
وتؤكد فاطمة أنها تقدم الطبق بميزة أخرى لضيوفها، إذ تضيف المكسرات المبشورة مثل اللوز والكاجو والصنوبر لخلطة اللحم، حتى يصبح "شي كشخة" على حد تعبيرها، موضحة أن المطاعم التي تقدم كرات اللحم لا تقدمها بهذه الإضافة التي وصفتها بـ"الراقية".
"السمبوسة"
السمبوسة أكلة عبارة عن عجين ورقي يلف بشكل مثلث ويملأ بحشوات مختلفة، يقال أن أصلها هندي، لكن لا يوجد ما يدل على ذلك، كما لم يرد معنى الكلمة في القاموس، لكن أصل الكلمة سنبوسة والبعض يلفظها سنبوسك، وهناك كلمة عربية من أصول آسيوية مقاربة للسنبوسك، وهي "السنبوك" التي تعني القارب الصغير الخاص بالتجديف، وربما هذا هو معنى كلمة سنبوسك التي لها شكل مثلث أو هلال يشبه السنبوك.
وأول مصدر موثق للسنبوسة جاء في تأريخ البيهقي الذي تحدث عنها في القرن الخامس الهجري، ويعتقد المؤرخون أنها جاءت أصلاً من آسيا الوسطى (الهند)، حيث كانت هناك سنبوسة و لكن يطلق عليها كلمة "سمسا"، و لم تكن تقلى بالزيت بل تؤكل مشوية.
وتنتشر السمبوسة في غالب الدول العربية، وفي البحرين تجدها في غالب الكافتيريات وحتى في المنازل، وتعتمد غالب حشواتها على الجبن، وهي المفضلة عند الصغار، والبطاطس أو الخضار، وهي المفضلة عند الكبار، واللحم، والدجاج، والجبن بالذرة، والجبن بالزعتر، والقائمة تطول وتتنوع بحسب اختلاف الأذواق.
منى أم محمد تقول: "أفضل إعداد حشوة السمبوسة في المنزل لأضيف ما أشاء، ثم آخذها للكافتيريا للفها توفيراً للوقت والجهد، وعائلتي تفضل حشوة الدجاج بالجبن مع الذرة والجزر".
وتتحدث منى عن حشوة ظهرت مؤخراً يخلط فيها البطاطس مع الأجار (المخلل)، وتقول: "مايميزها أن نكهتها حارة يخالطها شيء من حموضة الخل، وهذه الحموضة لا يجدها محبو الأكل الحار إن أضافوا الفلفل فقط دون الأجار إلى الحشوة".
وتضيف: "أحلى ما في السمبوسة أن البحرينيين لم يكتفوا بها مالحة، بل هناك السمبوسة الحلوة، وهي التي تحشى بالمكسرات المخلوطة بماء الورد والزعفران، وحالياً هناك من ابتكر حشوات جديدة وتقليدية في آن، إذ تحشى السمبوسة الحلوة بالحلوى البحرينية أو الرهش (الحلوى الطحينية) وهي حلويات شعبية دمجت مع السمبوسة بطريقة جديدة، كما أن المحلات أصبحت تقدمها مشوية بعد أن كانت تقتصر على القلي، وهناك محلات تقدمها مغمسة بالشوكولا".
وتجمع السيدات اللاتي تحدثن عن الأكلات العالمية في المائدة البحرينية على أن السر في إعطاء الأكلة العالمية نكهة بحرينية يمكن في مهارة الطبخ التي تعطي معرفتها مرونة للطباخ تمكنه من معرفة أي المكونات التي يمكن استبدالها بأخرى محلية لتغيير الطبق وفق المطلوب دون أن يتغير أساسه.