أعلنت وكالة الطاقة الأمريكية أن أسعار النفط الخام الأمريكي ستنخفض هذا العام إلى 105 دولارات وإلى 99 دولاراً في عام 2014، وأكدت الوكالة أن خطوط النفط الجديدة من وسط شمال القارة الأمريكية إلى مصافي النفط في الجنوب سيكون له تأثير على الأسعار، وسيساعد ذلك على خفض أسعار المحروقات مثل غالون البنزين من معدل 3,64 دولارات إلى 3,34 دولارات في عام 2014.
وتبدو أرقام وكالة الطاقة الأمريكية متواضعة للوهلة الأولى، لكنها في الحقيقة ستؤدي الى تأثير عميق في الاقتصاد الأمريكي، فارتفاع معدلات الإنتاج الأمريكي من النفط منذ أوائل عام 2012 يحمي الاسواق الأمريكية من الخضّات الكبيرة في الاسواق العالمية، ويعطي المستهلك الأمريكي بنزيناً باسعار أفضل.
ومتابعة الأمريكيين لزيادة إنتاجهم من النفط وخفض أسعاره في أسواقهم سيعطي الاقتصاد الأمريكي جرعة جيّدة من الصحة، فارتفاع اسعار النفط في عامين 2007 و2008 ضغط على أسعار المواد الغذائية وارتفعت فواتير المستهلك الأمريكي إلى مستويات عالية وساهم هذا في انفجار الاقتصاد أواخر عام 2008 وانهيار الاسعار من جديد.
لكن عودة سعر برميل النفط إلى الارتفاع أبقى أسعار المواد الغذائية مرتفعة، خصوصاً أن تكلفة النقل تنعكس على كل سلعة في السوق.
هذا التحسن في أسعار المحروقات سيكون له مردود جيّد على أرباح المنتجين الأمريكيين وستساعد هذه الأسعار الجديدة على إخراج الاقتصاد من عنق الزجاجة، وقد علق فيها منذ أربع سنوات مع مستويات بطالة ما فوق 7%.
الخبر الأهم في إعلان وكالة الطاقة الأمريكية هو أن الولايات المتحدة ستزيد إنتاجها من النفط الى 6,4 ملايين برميل يومياً وإلى 7,9 مليون برميل في أواخر عام 2014 وهذا أعلة انتاج للنفط الأمريكي منذ عام 1988.
وستبقى الولايات المتحدة بحاجة الى السوق العالمية لتغطية عجزها من النفط، وووصل في عام 2012 الى 18,6 مليون برميل يومياً وتتوقع وكالة الطاقة الأمريكية ان يرتفع استهلاك النفط خلال الأشهر الأربع والعشرين المقبلة بعدما تراجع الاستهلاك خلال السنوات السبع الماضية من 20,8 مليون برميل يومياً الى 18,6 مليون برميل يومياً، لكن الزيادة لن تتعدى 200 الف برميل يومياً، فالأمريكيون لا ينتظرون زيادة في استهلاك الطائرات، كما أنهم تعودوا شراء سيارات أصغر وتخلوا عن السيارات الكبيرة ذات الاستهلاك المرتفع جداً، وأثبتت ذلك بيانات بيع السيارات لعام 2012، حيث تبيّن أن بيع السيارات الصغيرة وصل الى 2,7 مليون سيارة من اصل 7,4 مليون.
البعد السياسي
سيكون لزيادة الإنتاج الأمريكي من النفط بعد سياسي أيضاً، فالاقتصاد الامريكي والدولي سيصبح مع الوقت أكثر مناعة مع خروج إيران من سوق التصدير، وسيكون من الاسهل على الأمريكيين زيادة العقوبات على إيران ومنعها من تصدير من دون أن تتأثر السوق الأمريكية كثيراً أو حتى أسواق الصين والهند، وتحتاجان الى كل قطرة من النفط في السوق العالمية.
لكن أكثر من صوت في الولايات المتحدة لاحظ أن زيادة الإنتاج سيُعطي الأمريكي اكتفاءً ذاتياً في مرحلة قريبة، ودعا مسؤولون سابقون، مثل الجنرال جيمس جونز، الولايات المتحدة الى إعادة النظر في الهيكيلية الاستراتيجية للأمن في منطقة الشرق الأوسط؛ لأن الصين لديها مصالح في المنطقة "أكثر من ما للولايات المتحدة"،
لكن هذا الرأي لن يكون صحيحاً في العامين المقبلين، وربما لن يكون صحيحاً حتى عقد أو أكثر من الزمن.