عبدالله الفويضل في الصالونات الثقافية المغلقة لا يخلو الأمر من الحديث عن البحرين، وليس بالأمر الخافي لماذا الاهتمام بالبحرين، ولعل الإجابة ليست كونها مكوناً خليجياً بل المعاني تأتي أكبر خفية في الوجدان، لأنها عبق الماضي وتاريخ وحضارة، وبحرين عين عذاري التي اختفت معالمها بين ناطحات السحاب ومن ذاكرة البحريني نفسه، وكذلك بحرين الثقافة وقبلة كل الخليجيين في سنوات خلت ولا تزال رغم جرحها النازف. اليوم تأتي تباشير بقرب علاج هذا الجرح عبر تسريبات تتحدث عن إمكانية الدخول في حوار يجمع الفرقاء وأطراف الخلاف وعن وجود القابلية لإنهاء ما حصل بشكل جذري ويطوي الملف نحو مصالحة شاملة وهو ما كان يدعو إليه أي عاقل يدرك أن العنف والحل الأمني ليس السبيل لحل الأزمات. اليوم أدرك الجميع هناك معارضة وأقطاب حكم أنه لا مناص من إنهاء تلك المشكلة إلا بحوار بحريني- بحريني خالص يتفهم كل طرف لمعاناة الآخر وتقديم كل منهما مزيداً من التنازلات من أجل إنهاء مرحلة ارتكب فيها الفريقان كثيراً من الأخطاء، وأن استمرار هذا النزاع وهذا الشحن بات مرهقاً وفاتورته عالية وصعبة على الجميع، كما إنه يأتي لتفويت الفرصة أمام أطراف إقليمية تتربص الشر والفوضى وإحداث القلاقل وتتسم بأجندة أكبر تنطلق من البحرين إلى الدول المجاورة وتحويلها إلى مركز استقطاب ونفوذ لها، قد تكون الأرض ممهدة الآن والظروف مهيأة أكثر من أي وقت مضى نظراً لفترة الهدوء الحالية والتي تقطعها بين الحين والحين أعمال شغب. لاشك أن نجاح هذا الحوار صداه وتبعاته تلقي بظلالها على مكونات المجتمع الذي عصفت به وقسمته تلك الأزمة الماضية إلى نصفين والتي كانت إفرازاتها وترسباتها النفسية والاجتماعية وحتى الثقافية كبيرة لم تطل أو تخص المواطن البحريني وحده فقط بل كانت تأثيراتها ذات بعد إقليمي وطال شيء منها دول الجوار وهو ما يتطلب الأمر وقتاً لإنهائها ومعالجتها عدا الخسائر البشرية والمادية، إنها مهمة صعبة لكنها ليست مستحيلة عندما تتوافر الإرادة والعزيمة والنوايا الحسنة وبشعور الجميع بالعدالة وعدم التهميش أو الانحياز لطرف دون آخر وقوى دون أخرى أو لأي سبب آخر يكون كمسمار جحا أو المشجب الذي تعلق عليها المشاكل وتشكل معه انتكاسة بما لا يحتمل عودة الأزمة على بدء. نتمنى بالفعل أن تتسم مساعي أطراف الخلاف بالنوايا الصادقة بما يحقق النجاح للجميع وبما يكفل طي صفحة الماضي، فبالتأكيد نحن في اشتياق لنكهة الحلوى البحرينية المخلوطة بالهيل والزعفران من أيدٍ ونفوس خالية من كدر وشوائب وترسبات المرحلة الماضية كما هو عهدنا بالمواطن البحريني الذي يتميز بالطيبة والبساطة وباللكنة المحببة عن سائر شعوب الخليج. - عن «الوطن» الكويتية