^  مسيرة الجمعة الماضية، حتى وإن خرجت تصريحات تصفها بالتحضر (رغم ما تضمنته من تسقيط وتحريض وغيرها) هي مسيرة أثبتت وجود حراك طائفي يأتمر بما تفتي به شخصيات مذهبية متشددة. التبعية المذهبية هي الطاغية اليوم، ولا يقنعنا أحد بأن الحراك سياسي بحت متجرد من أي انتماء مذهبي أو “مدني، تعددي” لأنها نكتة بحد ذاتها، وإلا لما حرك شخص واحد منحته إيران مسمى “آية الله” هذه الجموع بمجرد قوله لهم إن ما يفعلونه “تكليف شرعي”! في عرف “المقلدين” لشخصيات دينية، فإن من يتم تقليده لا تتوجب مساءلته عن “تكليفاته الشرعية” ولا يجب أبداً معارضته، بل “السمع والطاعة” هو الأمر الوحيد المقبول. في الحرب العراقية الإيرانية كان “التكليف الشرعي” للناس حاضراً وينص على خوض الحرب، ولأن كثيرين من الناس يحركهم الدين، وقناعتهم تقول بأن رجل الدين لا يكذب ولا يستغل ولا يوهم البشر، فإن استغلال هذه النقطة هي ما برع فيه هؤلاء الذين يتم “تقليدهم”، بالتالي سمعنا كيف كانت توزع “مفاتيح الجنة”، بأسلوب “موتوا وادخلوا الجنة كشهداء”، فقط أمنوا لنا الانتصار في حربنا الدنيوية. هي سقطة واضحة لرجل دين يفترض ألا يخلط الدين بالسياسة، يفترض ألا يتجنى على الدين حتى يقول بحق قضية دنيوية وبشأن حراك فئوي له أهدافه بأنه “تكليف شرعي”. يتأكد اليوم أكثر من سابقه وبفعل هذه الأفعال وما يحركها من أقوال على المنابر، وما تتضمنه من شعارات وصور فيها من دلالات التبعية للخارج الكثير، بأن البحرين تواجه مؤامرة اختطاف مذهبية تتم بموافقة عليا صادرة من المرشد الأعلى الإيراني، فأسلوب “الولي الفقيه” كان حاضراً وبقوة، وشعار “لبيك يا وطن” ما هو إلا واجهة لشعار “لبيك يا فقيه”. من يقول ويدعي أنه حراك شعب بأكمله ليثبت ذلك. كم عدد السنة في هذا البلد الذين يتحركون لدعوة رجل دين متشدد مذهبياً، هو يقسم المجتمع إلى “حسينيين” و«يزيديين”؟! هم بالمسيرة الأخيرة التي خرجت بـ«تكليف شرعي” يسقطون آخر ورقة من أوراق التوت عن حقيقة كونها مؤامرة انقلاب “دينية”، قامت بها أطياف تنتمي لتيار ولاية الفقيه المتشدد في المذهب الشيعي على كل شيعة البحرين أن يكونوا معها قسراً وغصباً عنهم، ومن خالف الاتجاه ورفض المسير كـ«تابع” تحول إلى خائن وأجير للنظام الذي يتوجب إسقاطه. اليوم صححوا الهتاف، فليس من حقكم القول بأن “الشعب يريد”، بل قولوا بأن “أتباع الولي الفقيه هم من يريدون”. شعب البحرين الحر لا تخرجه للشارع فتاوى أشخاص متطرفين متشددين لمذهبهم يسقطون الآخرين ويعتبرونهم من “الفئة الباغية” في المقابل يغازلونهم في الكلام بأسلوب “التقية” المكشوف، شعب البحرين المخلص تحركه غيرته على بلده وعلى ثوابته وعلى أمنه واستقراره. أما أتباع الولي الفقيه فنعرف تماماً أنهم لا يملكون إلا الهتاف بأن “لبيك يا فقيه” حتى لو أمرهم بالموت لأجله. اتجاه معاكس يبدو أن زعامة الوفاق عليها القيام بعملية “تحديث” لمعلومات بعض عناصرها، خاصة من خرج ليصرح بأنه لا يعرف شيئاً عن التوجه لإقامة حوار جديد، في حين عناصر أخرى صرحت ومنذ أيام (صباح الخير) بأن هناك تواصل مع جهات في النظام بهدف بدء حوار وأنها –أي الوفاق- قد تتنازل عن بعض المطالب، وهو الأمر الذي أكدته تعليقات وتغريدات بعض المتخندقين معهم في مسمى “المعارضة”. عليكم تحديث معلومات بعض عناصركم بحيث لا يحرقوا كروتكم مرة أخرى، مثلما حاولتم التنصل من مسيرة “الأكفان” المتجهة إلى الرفاع في حين كانت أصوات عناصر تابعة لكم “تلعلع” في قناة العالم، حدثوا معلوماتهم حتى لا تظهروا بصورة الجهة التي تعمل بأسلوب “الدبل ستاندرد” تقول للناس شيئاً في العلن وتذهب لتجتمع وتتفاهم مع الأطراف المقابلة لها في الخفاء. المثير أن كثيرين باتوا يعلمون تماماً بأنها مسألة لا علاقة لها بالتشارك في المعلومات أو التفاهم على الأسلوب المتبع داخل التنظيم نفسه، بل هي انعكاس لحالة الخلاف الداخلي الحاصلة بينهم بعد أن ضيعوا بدل الفرصة عشراً، خلاف بين من يريد الوصول لحل يؤمن له الخروج بمكسب ولو ضئيل حتى لا يقول لمريديه بأننا دفعناكم للشارع وكانت النتيجة “صفراً”، وبين من يريد المضي في الطريق حتى النهاية، فإما ينتصر أو يندحر وله مسوغاته التي نفهمها؛ إذ من يريد سرقة البحرين في الخارج أو الداخل لا يمكنه القبول بأنصاف الحلول.