قال الداعية الشيخ خالد السعدون إن «كثرة المال ليست إمارة أو علامة على حب الله لعبده، بل من أشراط حب الله تعالى للمرء فتح للعلم وفضله، ولهذا أرشد تبارك وتعالى نبيه صلى الله عليه وسلم لهذا الفضل فعلمه قائلاً: (وقل رب زدني علماً). وأوضح الشيخ السعدون أن «الرزق رزقان، رزق الدنيا ورزق الدين، أو رزق الأبدان ورزق الأرواح، فرزق الدنيا والأبدان يعطيه الله للجميع سواء من أحبه أو من لم يحبه، فيعطيه للعابد والفاجر، والمسلم والكافر، يقول الله تعالى: (كلا نمد هؤلاء وهؤلاء من عطاء ربك وما كان عطاء ربك محظورا)، وأما رزق الدين فلا يعطيه إلا لأحبائه».وأشار إلى أن «قواعد الرزق تنقسم إلى 4 أقسام، الأولى هي قواعد علمية عقدية في فقه الرزق، والثانية قواعد الطمأنينة في الرزق، والثالثة قواعد عملية في تحصيل الرزق، والرابعة قواعد منهجية مكملة وقرينة للقواعد العملية». وأضاف «هذه قواعد يفهم بها ويعرف رزق ربنا: متى كتب؟ وكيف نستحصله فنأكله؟ ومتى ينقطع عنا بموت فنفارقه؟ ذلكم بأنه لا يتقدم فناؤك على رزقك أبداً، فما دمت تدب على الأرض فعلى الله رزقك وحفظك». ولفت إلى أن «القواعد العلمية العقدية في فقه الرزق تنقسم إلى 9 قواعد على النحو التالي»: لا حياة إلا في الآخرةذكر الشيخ السعدون أن «القاعدة الأولى تنص على أنه «لا حياة إلا في الآخرة»، وهذه القاعدة لما علمها الموفقون الصالحون زهدوا في الدنيا فلم يستكثروا منها ولم يأخذوا منها إلا الكفاف، ومن تمتع منهم مستغنياً برزقه لم ينس حق الله فيه، فكان غناه محموداً كما كان أبو بكر وعثمان، والصديقة خديجة رضي الله عن الجميع، فقد روى البخاري ومسلم من حديث أنس قال: «خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الخندق فإذا المهاجرون والأنصار يحفرون في غداة باردة، فلم يكن لهم عبيد يعملون ذلك لهم، فلما رأى ما بهم من النصب والجوع قال: اللهم إن العيش عيش الآخرة فاغفر للأنصار والمهاجرة». فقالوا مجيبين له: نحن الذين بايعوا محمداً، على الجهاد ما بقينا أبداً».غنى النفسأما القاعدة الثانية، وفقاً للشيخ السعدون فهي قاعدة الغنى لأن «الغنى بغنى النفس ورضاها بقدر الله، والفقر بفقرها وسخط قدره، وأصل ذلك هو ما قاله النبي صلى الله عليه وسلم: «ليس الغنى عن كثرة العرض، ولكن الغنى غنى النفس».وأما من يكنز الذهب والفضة، فتنقلب حياته رأساً على عقب، فيصير الخادم مخدوماً والمخدوم خادماً! فيصيره الله عبداً لماله بعد إذ كان ماله عبداً له، يأتمر بأمره ولا يخرج عن سلطانه طرفة عين! وهذا المعنى نتلمسه في مثل قوله صلى الله عليه وسلم: «تعس عبد الدينار وعبد الدرهم وعبد الخميصة، إن أعطي رضي وإن لم يعط سخط تعس وانتكس وإذا شيك فلا انتقش».فتنة الغنى والفقروقال الشيخ السعدون إن القاعدة الثالثة تتعلق بفتنة الغنى والفقر. فقد قال الله تعالى: (واعلموا أنما أموالكم وأولادكم فتنة وأن الله عنده أجر عظيم). وفي هذا الصدد منع الرسول الصحابي سعد بن أبي وقاص من أن يتصدق بماله كله لئلا يفتتن هو إن عاش أو يفتتن ورثته، والحديث رواه البخاري ومسلم من حديث سعد، قال: «قلت يا رسول الله أوصي بمالي كله؟ قال: لا، قلت: فالشطر؟ قال: لا، قلت: الثلث؟ قال: فالثلث، والثلث كثير، إنك أن تدع ورثتك أغنياء خير من أن تدعهم عالةً يتكففون الناس في أيديهم». وأوضح الشيخ السعدون أنه «مع أن الفقر فتنة، لكنها أهون من فتنة المال، ذلك بأن من كان فقيراً كان لله قريباً، فالله عالم الغيب والشهادة يعلم من عباده ما لا يعلمونه عن أنفسهم، فقال: (ولو بسط الله الرزق لعباده لبغوا في الأرض ولكن ينزل بقدر ما يشاء إنه بعباده خبير بصير). وقال الرسول الكريم «اثنتان يكرههما ابن آدم: الموت، والموت خير للمؤمن من الفتنة، ويكره قلة المال، وقلة المال أقل للحساب».أمارة حب اللهوذكر الشيخ السعدون أن القاعدة الرابعة هي أن «المال ليس أمارة لحب الله»، مضيفاً «أنت عبدالله إن ظننت أن الله يحبك فالدنيا قطعاً وكذا الآخرة هي لك ومعك إن كان الأمر كما ظننت، وإن أبغضك القوي الجبار فالدنيا لو ملكتها ومثلها معها ما تنفعك».ومن ثم فحب الله أو أمارات حبه ليست بفتح للدنيا ومالها، بل من أشراط حبه: فتح للعلم وفضله، ولهذا أرشد الرب تبارك ونعالى نبيه صلى الله عليه وسلم لهذا الفضل فعلمه قائلاً: (وقل رب زدني علماً).وتابع الشيخ السعدون «خلاصة هذه القاعدة، أن الرزق رزقان، رزق الدنيا ورزق الدين، أو رزق الأبدان ورزق الأرواح، فرزق الدنيا والأبدان يعطيه الله من يحب ومن لا، فيعطيه للعابد والفاجر، والمسلم والكافر: (كلا نمد هؤلاء وهؤلاء من عطاء ربك وما كان عطاء ربك محظورا)، وأما رزق الدين فلا يعطيه إلا لأحبائه.وبيان هذا التفصيل فيما روى البخاري عن ابن مسعود قال: «إن الله تعالى قسم بينكم أخلاقكم كما قسم بينكم أرزاقكم، وإن الله تعالى يعطي المال من أحب ومن لا يحب، ولا يعطي الإيمان إلا من يحب، فمن ضن بالمال أن ينفقه، وخاف العدو أن يجاهده، وهاب الليل أن يكابده، فليكثر من قول: لا إله إلا الله، وسبحان الله، والحمد لله، والله أكبر».تقوى المالأما القاعدة الخامسة، وفقاً للشيخ السعدون فتنص على أن «المال بلا علم وتقوى كنار بيد أحمق، والحرص عليه كالنار في هشيم الحطب»، وهذه القاعدة لا يمارى فيها، لذا فقد كان من دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يرزق رزقاً طيباً مع علم نافع هو أصل لذاك الرزق، ثم يأتي العمل بعد إذ كان أصله علماً نافعاً، ومعه رزق طيب، وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يقول إذا صلى الصبح حين يسلم: «اللهم إني أسألك علماً نافعاً ورزقاً طيباً وعملاً متقبلاً».الرزق الحقوفيما يتعلق بالقاعدة السادسة، أوضح الشيخ السعدون أنها تنص على أن «قاعدة الرزق الحق واجتماع الأمن مع العلم والدين»، وقد علم عند أولي الفضل والدين، بل وعند أولي العقل السليم من المسلمين أن لا خير في مال بغير علم ودين، ولا خير في مال بغير أمن، ثم لا خير في أمن لا مال معه ولا دين، ومجمع الخير كله يكون في اجتماع أولاء الثلاثة مع رابع مهمول ومغبون هو عافية الأبدان، فقد روى البخاري عن سلمة بن عبيدالله بن محصن الأنصاري عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من أصبح آمناً في سربه، معافى في جسده، عنده طعام يومه: فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها».ليس لأحد من ماله إلا ثلاثأما القاعدة السابعة فهي «ليس لاحد من ماله إلا ثلاث»، وقد روى مسلم من حديث قتادة عن مطرف بن عبدالله بن الشخير عن أبيه قال: «أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقرأ (ألهاكم التكاثر) قال: يقول ابن آدم مالي مالي! قال: وهل لك يا ابن آدم من مالك إلا ما أكلت فأفنيت، أو لبست فأبليت، أو تصدقت فأمضيت».الصدقة والميراثوأضاف الشيخ السعدون أن القاعدة الثامنة هي لا يبقى من مالك إلا ما تصدقت به، وإلا فهو لورثتك»، وروى البخاري ومسلم من حديث أنس بن مالك قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يتبع الميت ثلاثة، فيرجع اثنان ويبقى معه واحد: يتبعه أهله وماله وعمله، فيرجع أهله وماله، ويبقى عمله».المال الحلالوأوضح الشيخ السعدون أن القاعدة التاسعة تشتمل على أنه «كل ما جاءك من مال حلال هو رزق قد ساقه الله لك».
970x90
{{ article.article_title }}
970x90