مع معدل الخصوبة الأكثر انخفاضا في العالم ومتوسط العمر الأكثر ارتفاعا، تعتبر الديموغرافيا قنبلة موقوتة في ألمانيا التي تشيخ اليد العاملة فيها وتتراجع بسرعة. ويعيش اليوم في ألمانيا نحو 50 مليون شخص هم في سن العمل أي ما بين 20 و65 عاماً. وبحسب توقعات المكتب الفدرالي للإحصاءات، ستنخفض هذه النسبة إلى 36 مليون شخص بحلول العام 2060. وقد حذر أرنو لوشوفالييه وهو أحد الباحثين في مركز “مارك بلوتش” في برلين من أن “انخفاض عديد اليد العاملة سيؤدي إلى تراجع نمو الاقتصاد الألماني على المدى الطويل”. ولفتت إيريكا شولز الباحثة في معهد الأبحاث الاقتصادية الألماني “دي آي دبليو” إلى أن نسبة الولادات في ألمانيا لا تتخطى “منذ أربعين عاما 1.4 طفل لكل امرأة. ومن دون الهجرة، لا يشكل الجيل المقبل إلا ثلثي الجيل الحالي”. وقبل سقوط جدار برلين، كانت ألمانيا الشرقية تشهد معدل خصوبة أعلى بفارق بسيط منه في ألمانيا الغربية أي ما بين 1.7 و1.8 أطفال للمرأة الواحدة. وخلال السنتين اللتين تلتا توحيد ألمانيا في العام 1990م، انخفض معدل الخصوبة في الشرق بسرعة كبيرة ليصل إلى 0.9 أطفال للمرأة الواحدة، إثر تخوف السكان الذين كانوا يخسرون وظائفهم من غد قاتم. ثم ارتفع هذا المعدل مجددا ليتساوى في شقي ألمانيا. ويعزى هذا الوضع إلى ضعف البنى التحتية الخاصة بحضانة الأطفال في غرب البلد وقلة دور الحضانة، فضلا عن أن مدارس كثيرة تغلق أبوابها في بداية فترة بعد الظهر. وفي ظل عدم التساوي بين معدل الولادات ومعدل الوفيات، ينخفض عدد السكان في ألمانيا منذ العام 2003م، باستثناء العام 2011 م الذي ارتفع فيه عدد السكان إلى 81.8 ملايين نسمة بفضل زيادة ملحوظة في نسبة المهاجرين إلى ألمانيا. وعلى ضوء الارتفاع المستمر في معدل العمر المتوقع بفضل التقدم المحرز في مجال الطب، فإن نسبة الأشخاص الذين تتخطى أعمارهم الخامسة والستين ستسجل ارتفاعاً كبيراً من 20% حاليا إلى 34% في العام 2060. وبحلول هذا الأجل، ستبلغ نسبة السبعينيين ضعف نسبة الولادات.