كتب - إبراهيم الزياني:
جدد مجلس الشورى رفضه تحميل الحكومة مبالغ التأمين ضد التعطل المترتبة على استقطاع %1 من رواتب الموظفين البحرينيين، وصوت بأغلبية أعضائه على رفض مشروع قانون تعديل بعض أحكام المرسوم بقانون 78 لسنة 2006، المعد في ضوء الاقتراح بقانون المقدم من مجلس النواب.
وانضم المشروع لقائمة من الملفات العالقة بين المجلسين، تنتظر عقد مجلس وطني لحلها، إذ تنص المادة 85 من الدستور، على أنه «إذا اختلف المجلسان حول مشروع أي قانون مرتين، يجتمع المجلس الوطني برئاسة رئيس مجلس النواب لبحث المواد المختلف عليها، ويشترط لقبول المشروع أن يصدر قرار المجلس الوطني بأغلبية الأعضاء الحاضرين، وعندما يرفض المشروع بهذه الصورة، لا يقدم مرة ثانية إلى المجلس الوطني في الدورة ذاتها».
وقالت دلال الزايد إن «الشورى لديه قناعة منذ وصول المشروع لأول مرة للمجلس بالإجماع على رفضه».
ورفضت ما يدور من أن الاستقطاع يتم دون رضا المواطنين، وقالت إن «المرسوم صدر في 2006، ولقى توافق حكومي نيابي، وجميع الكتل من الوفاق والأصالة والمنبر باركت المرسوم ووافقت عليه، وليس كما يتداول أن الموافقة فردية، إذ إن النواب المنتخبين من الشعب هم من مرروا المرسوم».
وذكرت الزايد أن «الاستقطاع موجه للخريجين العاطلين عن العمل، والمصلحة تعود لشريحة كبيرة من المواطنين حسب إحصاءات وزارة العمل»، ورأت أن «انحدار نسبة البطالة في المملكة عائدٌ لبرنامج الاقتطاع الذي يساهم فيه مختلف شرائح المجتمع، إضافة لإسهامات الدولة».
وأضافت إن «البحرينية المتزوجة من أجنبي، لا يقتطع منها وهو العكس، وهذا التمايز ليس بحميم في التشريع»، وأردفت «اتفاقية منظمة العمل الدولية نصت على عدم استخدام التمييز المهني في الوظائف، والاتفاقية مرت على المجلسين وأقروها»، مشيرة إلى أن الدولة «أمام التزامات يجب أن تفي بها».
وتساءلت الزايد «اليوم إذ أعفي المواطن من الـ%1، ماذا سنعمل مع الخريجين ممن لم يجدوا فرص عمل بالقطاع الحكومي أو الخاص؟»، واعتبرت أنه «لا يمكن أن نرضى لأبنائنا الخريجين أن يبحثوا عن المساعدة، نريد حفظ كرامتهم عبر الصندوق، بعيداً عن التذلل، إذ أن مسألة الطلبة فيها صعوبة على النفس»، ولفتت إلى أن الموظف في عديد الدول يتحمل رسوم بدل التعطل مع صاحب العمل، دون أي مساهمة في الحكومة، ومن تلك الدول جنوب أفريقيا وكندا وألمانيا وسويسرا، مشيرة إلى أنه «لو كان المواطن فقط المتحمل للاقتطاع دون مساهمة الحكومة، لوقفنا وطالبنا الدولة بالدفع ودعم البرنامج».
وذكرت الزايد، إن «أعضاء بالشورى تناقشوا مع النواب، واقترحوا تعديل المقترح، بإعفاء أصحاب الرواتب المتدنية من الاستقطاع، لا أن يجروا عدة تعديلات وينسفوا نتائج ما تحقق في 2006». ورأت أنه «لو أوقف البرنامج اليوم، سنعود لاحقاً لطلب تخصيص موازنة للعاطلين»، موضحة أن «رفضنا ليس لأسباب مالية، بل لنتائج البرنامج وفوائده على المواطنين، وعلينا أن نحافظ عليه».
من جهته، رفض عبدالرحمن عبدالسلام ما أفتى به مجلس النواب بحرمة استقطاع الـ1% من المواطنين، واعتباره غصباً لأموال الناس، وقال إن «نظام التأمين ضد التعطل، فرع للتأمين الاجتماعي، ولم يكن موجوداً في الإسلام سابقاً، إذ استجدت هذه الممارسات من الدول المتقدمة علينا، ودخلت العالم الإسلامي، ومن أوائل الدول مصر».
ورأى أن «النظام تكافلي، يضمن العيش والحياة الكريمة للمواطن إذ تعطل، وهي من الأمور المتميزة المستحدثة»، وتساءل باستغراب «هل نريد أن نتخلف للوراء؟ الـ%1 ماذا تساوي؟ نحن «نبربر» في هواتفنا بمبالغ تصل إلى 50 ديناراً، ونرفض دفع بضعة دنانير تكافلية»، لافتاً إلى أنه في 2007، ارتفعت نسبة اشتراكات التأمين من %5 إلى %6، ولم يعترض أحد رغم زيادة المبالغ المستقطعة على الموظفين.
وقال عبدالرحمن جواهري «نحن نتكلم اليوم وكأن العمال في القطاع الخاص ضد النظام، العمال يدركون أهمية القانون، وضرورة مساهمتهم في التكافل الاجتماعي واقتطاع مبالغ لإخوانهم غير العاملين»، مشيراً إلى أن «كثيراً من شركات القطاع الخاص اتفقت مع نقاباتها على تحمل الـ1% عن الموظف»، واعتبر أن القانون «من أفضل التشريعات في المملكة، إذ يعد نوعاً من المشاركة بين العمل ودعم بعضهم»، مشيراً إلى أن بعض الدول «يدفع الموظف 40% للحكومة كضريبة، فيما نتكلم في البحرين عن 1% لصالح الموظف وليست الحكومة».
من جانبه، قال وزير العمل جميل حميدان إن البرنامج «يعد من أهم المشاريع الرائدة، ويلقى إشادة إقليمية وعالمية، وكثير من الدول تنسخ النظام وتحيينا على المبادرة»، وأضاف أن «القانون تكافل اجتماعي، قائم على مبدأ التأمين وليس الضمان، وعلينا التفريق بينهما»، مشيراً إلى أن الدول الريعية في العالم بدأت تتقبل مبدأ التكافل، وتحمّل المواطن بعض النفقات بدل أن تتكفل بها الدولة.
وبين حميدان أن «كثيراً من حكومات دول العالم لا تشارك في دعم نظام بدل التعطل، بينما تتحمل المملكة الجزء الأكبر منه، إذ تدفع ما يقرب 19 مليون دينار سنوياً كدعم للبرنامج، وحتى الآن أنفقت ما يقارب 110 مليون دينار منذ إطلاق المشروع»، مشيراً إلى أن أصحاب الدخل المتدني أو المرتفع اكتشفوا أن النظام من مصلحتهم، إذ تبين الإحصاءات أن عدد المستفيدين من النظام بلغوا 45 ألف شخص. وأضاف إن «المبلغ المقتطع زهيد جداً، والفوائد التي يجنيها المواطن كبيرة، ولا يحصل العاطل فقط على مبلغ بدل التعطل، إذ إن النظام متكامل للتوظيف والتدريب، ويحصل المتعطل على كل المزايا والخدمات بمجرد أن يدخل قائمة العاطلين».
وجدد حميدان رفضه لمسألة التفرقة بين الأجانب والبحرينيين، وقال إن «الأجانب الأكثر مساهمة في البرنامج والأقل استفادة»، متسائلاً «كيف نغطي تكلفة البحريني ونحمل الأجنبي فقط، سنحصل على معارضة كبيرة من الأجانب، وينهار أفضل مشروع عملته السلطتين».
وحول تساؤل أعضاء المجلس عن الوفرات الضخمة بالبرنامج، رد الوزير «بلى هناك وفرات، لكن الخبراء الإكتواريين نصحونا في بداية البرنامج أن نستعجل في تبديد تلك المبالغ، وأن نجعلها داعمة لترقية النظام وزيادة مزاياه، ولدينا دراسات إكتوارية تسمح بذلك».
وعلق على ما أثير على التمايز وعدم اقتطاع الـ1% من الوزراء وأعضاء السلطة التشريعية من جهة، «قطعياً، لا يوجد استثناءات في النظام، ما يحصل أن أعضاء المجلسين يحصلون على مكافآت مؤقتة وليست رواتب، والمسألة فنية ولا يوجد أي نص استثناء».
من جانبه، قال رئيس المجلس علي الصالح إنه «لا توجد دولة يحصل المواطن فقط على حقوقه، بل لديه حقوق وعليه واجبات»، مشيراً إلى أن «الدين العام وصل لخمسة مليارات، وكل ما يحمل الدولة ينعكس سلباً على المواطن، إذ سيتضرر مع ارتفاع الدين العام».
وأضاف «لا يمكن تحميل الدولة الـ1% على حساب خدمات أخرى يحصل عليها المواطن، إذ إنه يحتاج لدعم السلع والصحة والتعليم»، مردفاً «لا يمكن أن تتحمل الدولة مجمل المصاريف، إذ إنها تلجأ للاقتراض لسداد المبالغ، وكلما زادت، يرتفع التضخم والأسعار».
وذكر الصالح «مسؤوليتنا كسلطة تشريعية الحفاظ على المال العام، ما ينعكس بشكل إيجابي على المواطن، والطريقة التي تناول بها الرأي العام ومجلس النواب المشروع لم يكن موفقاً»، مشدداً على أهمية أن يشعر المواطن أنه مسؤول كما الدولة.