^ إن من يظن أن معطيات الفترة الحالية في المشهد السياسي هي معطيات مطمئنة تتسم بالهدوء والاستقرار فهو مخطئ، ومن يعتقد أن المياه رجعت إلى مجاريها وأن ما حدث وكأنه لم يكن فهو مخطئ. إن الاطمئنان الحقيقي يكمن في المكاشفة والشفافية في التعاطي مع كل الأحداث بمجرياتها وتحديد الأطراف المسؤولة ووضع آلية واقعية تتعامل مع كل التهديدات بجدية بعيدة عن التصريحات الإعلامية الرنانة والتهدئات الوقتية، ليس من باب التشاؤم ولكن من باب (الاحتياط واجب) ومن باب (لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين) علماً بأننا لدغنا مئات المرات ومن نفس الجحر ومازلنا نعطي رقابنا لمن يلدغنا وكأننا ننتظر اللدغة الأخيرة التي تقضي علينا! كل ما حدث منذ فبراير الماضي وحتى الآن من محاولات لمعالجة الأزمة هي محاولات للتهدئة وللمعالجة الوقتية (على الأقل فيما يخص الأمور الواضحة لنا)، ومازلنا وكلنا ترقب في معالجة جذرية تعيد الأمور إلى نصابها وتعطي كل ذي حق حقه بإنصاف ودون أن تميل كفة على حساب أخرى. هناك مشاعر مشتركة بين الكثير من أبناء الشعب المخلص والشريف (ولن أصنف أكثر من ذلك) بأننا نعيش معلقين بين ترقب واستفزاز شبه يومي في أن نصل إلى نهاية لأسوأ صدمة نفسية مررنا بها ومازلنا نعاني منها ونحن نرى حلولاً غير مقنعة. أصبح الكثير يفتي ويفسر ويحلل سياسياً وآخرون عادوا كما كانوا ظناً أننا بمأمن الآن، وبين هذا وذاك ضاعت فئة مازالت ترى أن الحل الحقيقي لم ُيطرح بعد! فعلى الرغم من أن هناك مبادرات عديدة تبعث الأمل في نفوسنا بين فترة وأخرى، إلا أننا نصدم أنها مبادرات لا تكتمل إما لأنها غير واقعية أو لأنها تأخذ وقتاً حتى ُتنفذ بشكلها الصحيح، والوقت ألد أعدائنا في هذه الفترة تحديداً مع خصم يتحين الفرص ولن يهدأ له بال حتى يصل إلى مبتغاه خصوصاً أنه يرى أن الظروف مواتية وأن بعض المبادرات تصب في صالحه! القضية المنسية هي قضية كل من يشعر أن أكبر ذنوبه هو حب الوطن، وكل من يشعر بالامتعاض لأن خائن الوطن حر طليق والمخلص هو المنسي من أي قرار! إنها قضية كل أم ارتعبت خوفاً على أبنائها جنود الوطن من غدر الخونة، وكل أم لا يهدأ لها بال حتى ترى ابنها عائداً دون أذى، قضية كل زوجة لم تفارقها مشاعر الخوف من أن تصبح أرملة، قضية كل ابن وابنة طاردتهما كوابيس اليتم! القضية المنسية هي قضية كل رجل أمن استشهد أو أصيب، قضية كل رجل أمن يخرج من بيته ولا يعلم ماذا ستكون إصابته وهل سيعود إلى بيته حياً يرزق؟! قضية كل من يشعر أن الحل في تفعيل القانون! قضية من لا يرى إلا ماضياً مؤلماً وحاضراً أشد ألماً ومستقبلاً مجهولاً لوطن لا يستطيع العيش دونه! قضية كل من عاش قصص الرعب في مجمع السلمانية أيام الأحداث وقضية كل من يرفض العلاج هناك بسبب من خان قسم المهنة! قضية كل طالب وطالبة ضاعت شهور من حياتهم العلمية لتقاعس من أراد أن يضرب مفصل التعليم! قضية كل طالب وطالبة في جامعة البحرين مازالا يبحثان عن طرق التكيف مع زملاء ما قبل 13 مارس 2011م قضية كل موظف يستصعب مجاملة زملائه المفصولين بعد عودتهم إلى العمل! قضية كل من خسر أهله وأصدقاءه بسبب من زرع الفتنة الطائفية! القضية المنسية هي قضية كل مخلص يرى أن رأيه يذهب أدراج الرياح وأن جهده لبناء الوطن يضيع هباءً منثوراً في وجود تقدير مبالغ فيه لخائن الوطن! إنها قضية كل من يرى أن المقاطعة سلاحه الذي يملكه وقانونه الذي يفرضه حين طال انتظار تنفيذ القانون! هي قضية من سئم الانتظار وهو يقول غداً يتم الأخذ بحقي ممن استباح وطني وأهلي ونفسي! القضية المنسية هي قضية خالد السردي وقضية المعمري. القضية المنسية هي القضية التي لم ُتطرح على طاولات الحوار ولم ُتكتب في تقارير البروفيسور بسيوني! القضية المنسية أبعادها نفسية بالدرجة الأولى وجرحها غائر في قلب كل مواطن حقيقي لم يستوعب حتى الآن كيف يمكن لمن ولد وعاش وتشارك مقاعد الدراسة وبيئة العمل مع آخرين، أن يخطط في الوقت نفسه على تهميشهم وإقصائهم واستباحة دمائهم وأعراضهم؟! أين الحلول لقضيتنا المنسية؟!! فمن يتابع الإعلام الدولي لن يخدره الإعلام المحلي!! ومن يتابع إعلام الفبركات سيظل قنبلة موقوتة تهدد الوطن، نحن نسير في دائرة مفرغة وقضيتنا منسية والحلول المطروحة غير مرضية وآلية علاجها وقتية تلهث وراء من باع وطنه منذ سنين ولن يضيره أن يرفض مليون حوار! ^ آخر السطور.. «ما تم فعله لا يمكن أن يلغى..!!» وليم شكسبير