^ حتى المسلسلات التركية بحلقاتها المئوية تصل إلى نهاية. لكن مسلسل وزارة الداخلية مع مسيرات الوفاق لا نهاية له على ما يبدو. كتبنا هذا الكلام سابقاً على خلفية مسيرات الوفاق في الجمع المتلاحقة، وسنعيد الكتابة في هذا الشأن اليوم بإيراد كلام رئيس الأمن العام اللواء طارق الحسن، لأننا ومع احترامنا الشديد له فإننا سنستشهد بتصريحه الأخير، إذ بالفعل “بلغ السيل الزبى”. يقول رئيس الأمن العام بالنص على خلفية ما شهدته مسيرات الوفاق الأخيرة “المخطر بها” بأن: “هؤلاء يتحملون مسؤولية ما حدث من ممارسات وأعمال تخريبية، بعدما تقاعسوا في السيطرة على المشاركين، مما عرض سلامة مرتادي الطريق للخطر”. الكلام جميل إلى هذا الحد، إذ حددنا على من تقع مسؤولية الانفلات، وهم المنظمون، أي مجموعة الوفاق التي تحصلت على الترخيص لمثل هذه المسيرات، لكن السؤال المنطقي الذي يطرح نفسه هنا، إذ بعد تحديد المسؤول عن هذه الأحداث، ما هو الإجراء المفترض أن يتخذ؟! أتابع مضمون التصريح بحثاً عن إجراء سيتخذ لأن سلامة الآخرين تهددت، ولأن المسيرات شهدت خرقاً لما ينص عليه قانون المسيرات والتجمعات المشرع من قبل مجلس النواب والمقر من قبل الدولة. أجد في التصريح سرداً وشرحاً لما حصل من تجاوزات وأعمال عنف وشغب وتخريب. الداخلية تقول إن المخربين قاموا بالتالي: - قاموا بقذف رجال الأمن بالزجاجات الحارقة (المولوتوف) بالإضافة إلى الأسياخ الحديدية والحجارة. - قاموا بحرق الإطارات. - قاموا بإسقاط أحد أعمدة الإنارة بالشارع العام بالدراز وسرقة الكاميرا الأمنية المثبتة عليه. - قاموا بحرق عمود إنارة آخر في سترة مما أدى لتعطل الكاميرا الأمنية. - قاموا بترديد شعارات منافية للقانون. (وهنا ليت تصريح الداخلية كان أكثر شفافية ليقول إنهم رددوا هتافات تحرض على كراهية النظام وهي مسألة مجرمة في قانون العقوبات البحريني). أواصل القراءة ومازلت أبحث عن مؤشر يبين وجود إجراء سيتخذ مع المخلين بالنظام، فإذا بي أقرأ التالي: “مشيراً إلى أن تنظيم التجمعات العامة وحرية التعبير وإبداء الرأي، حقوق مكفولة وفق الدستور والقانون، من دون الإخلال بالأمن أو الخروج على النظام العام أو الإضرار بالمصالح الاقتصادية أو بمرافق الدولة”. الجملة أعلاه التي وردت في تصريحات رئيس الأمن العام، أتساءل بصراحة بشأنها، إذ إلى من توجهونها؟! إلى الناس الذين تضررت حياتهم من جراء هذه الممارسات غير القانونية؟! أم إلى الناس التي تخرج كل جمعة لتحول المسيرات المرخصة إلى تجمعات إرهابية تزخر بممارسات الترهيب وإقلاق الأمن العام؟! إن كان كلامكم موجهاً للناس الرافضين لما يحصل على الأرض من فوضى، فنقول لكم: شكراً على التذكير بأهم ما ينص عليه قانون التجمعات والمسيرات، لكن في الوقت نفسه نعيد تكرار الجملة ونوجهها لكم كجهة مسؤولة عن أمن البلد ونذكركم بمسؤوليتكم تجاه تطبيقها، إذ القانون بالفعل كفل تنظيم التجمعات العامة وحرية التعبير دون الإخلال بالأمن أو الإضرار بمرافق الدولة، ومما نراه يتضح بأن كل مسيرة تمنحونها الترخيص تخرج عن هذا الخط أو الإطار الذي كفله القانون، بالتالي نحن كشعب متضرر من هذه الممارسات نحمل الداخلية المسؤولية الأولى لتكرار هذه المسيرات التي تتضمن مخالفات تتعاظم كل مرة. أما إن كان الكلام موجهاً للفئات التي تستخدم هذه المسيرات للإخلال بالأمن، فنقول لكم “لا حياة لمن تنادي”، إذ هم لا يعترفون بالقانون أصلاً حتى تذكرونهم به، وكلما منحتموهم المزيد من المساحة عبر ترخيص المزيد من المسيرات التي بتنا نعرف مضامينها كلما زادت المخالفات وتحولت إلى استنساخ للدوار لكن بصورة متنقلة. وهنا أستغرب من “إهابة” رئيس الأمن العام بجميع مكونات المجتمع وفعالياته “شجب” هذه التصرفات والأعمال الخارجة على القانون. طيب نحن “نشجب” منذ العام الماضي هذه الأفعال ومازلنا، وإن كنتم تنتظرون شجب الوفاق فهذه من أحلام اليقظة، لكن في المقابل نحن ننتظر “شجبكم” أنتم لها، بالأفعال لا الأقوال، ننتظر قراراً من الداخلية بوقف هذه المهازل الحاصلة تحت مظلة المسيرات “المرخصة”. حملت الداخلية في تصريحها منظمي المسيرات مسؤولية الانفلات. طيب هذه ليست المرة الأولى التي تحملونهم المسؤولية، لكن ماذا بعد؟! جلستم معهم وأبلغتموهم بالمخالفات، طيب هل توقفت؟! لا بل زادت. هنا المنطق يقول إنه حينما تمنح شخصاً الفرصة تلو الأخرى فيعود ليمارس نفس الخطأ، بل في كل مرة سيزيد في حجم الخطأ، أليس المنطق يقول إن هذا الشخص يثبت بأنه لا يستحق الفرصة، وبأن من العبث منحه إياها مرة تلو الأخرى؟! على الداخلية إنهاء هذا المسلسل التركي الطويل الذي لم تكتب نهايته بعد. الحل جداً سهل، والقانون يكفله، المعطيات تقول إن الوفاق لا تستطيع السيطرة على جمهورها في مسيراتها، ما يحول هذه المسيرات إلى أعمال عنف وتخريب، بالتالي المعالجة تقول إن الوفاق لا يجب أن يرخص لها أي تجمع أو مسيرة في المستقبل حتى لو تقدمت بألف تعهد. نختم كلامنا للداخلية مع كل احترامنا بنفس الجملة التي اختتمت بها تصريحها: “حرية التعبير، يجب ممارستها بأسلوب حضاري”. ونزيد بالقول: وحينما لا تكون حرية التعبير تمارس بأسلوب حضاري، ما الإجراء الذي يجب أن يتخذ؟! نترك الإجابة لكم، أم أنكم تفضلون معرفتها من الناس الذين ملوا وهم يرون بلادهم تتحول مرتعاً للإرهاب والتخريب وباتوا يطالبون بحفظ حقهم في ضمان أمنهم في وطنهم؟!