كتب ـ عبدالرحمن محمد أمين:
احتفت المحرق باستضافة البحرين لبطولة “خليجي 21” على طريقتها، نظمت مهرجاناً شعبياً لمفردات التراث البحريني، ما تشتهر به المملكة من مأكولات وحلويات ودبكات شعبية وفلكلور كله كان حاضراً، في مشهد جمع الإخوة ورغب الجميع في استمراره.
وزير البلديات د.جمعة الكعبي راعي المهرجان قال إن “استضافة المملكة لهذه البطولة الخليجية يأتي تأكيداً لما تشهده البلاد من طفرة عمرانية واقتصادية”.
وأضاف أن المهرجان نظمه العضو البلدي غازي المرباطي وهو ليس بغريب على أهالي المحرق، فهم اعتادوا على احتضان المهرجانات الوطنية، ما يعكس حرصهم الشديد على إنجاح البطولة على المستويات كافة، خاصة أن المهرجان يعزز مكانة التراث البحريني وما يحمله من ارتباط أهل المحرق بتراثهم وحبهم للموروثات الشعبية وإحيائهم لكافة أنواع التراث والمأكولات الشعبية القديمة، ما يعكس حبهم لإخوانهم أبناء الخليج الموجودين في البحرين والترحيب بهم بين أهلهم وإخوتهم”.
المحرق قصة تاريخ
شاركت بلدية المحرق ممثلة في جهازها التنفيذي برئاسة صالح الفضالة، بإقامة مهرجان خليجي 21 في سوق المحرق القديم، ما أضفى على العرس الكروي مظاهر البهجة والسرور، وكان الدور البارز للعضو البلدي غازي المرباطي والمنسق العام للمهرجان محمد علي إسماعيل ظاهرة للعيان، وأيضاً المساهمين من أصحاب محال صناعة الحلوى الشعبية وأفراد الأسر المنتجة ممن ساهموا في إنجاح فعاليات المهرجان، وفتح المجال أمامهم وحصلوا على الدعم والإسناد، وهم على استعداد لبذل مزيد من العطاء تجاه وطنهم وقيادتهم وإظهار طيبة ودماثة خلق أهل البحرين نحو أشقائهم في دول الخليج.
قهوة بوخلف لا مثيل لها
أول المتحدثين عبدالله خليفة بوخلف صاحب ومالك قهوة بوخلف الشهيرة بالمحرق والتي افتتحت عام 1938 على يد والده الراحل خليفة بوخلف واستمر هو في إدارتها حتى اليوم ويقول “شاركت في المهرجان إحساساً بالمسؤولية الوطنية ومساهمة متواضعة في إحياء أيام وليالي هذا الحدث الرياضي المهم، خاصة مع وجود الإخوة الأشقاء من أبناء الدول الخليجية المشاركة بالدورة، ومن خلالها تعرفت على الكثير من أبناء الخليج ممن تربطنا بهم أواصر المحبة والمودة خاصة في ظل ظروف صعبة تعيشها منطقتنا الخليجية”.
قدم بوخلف للمشاركين بالمهرجان لهم الأكلات الشعبية البحرينية الخفيفة “النخي والكباب والشاي” وشكر النائب غازي المرباطي ومحمد علي محمد إسماعيل المنسق العام لفاعلية مهرجان خليجي 21 على جهودهما في إنجاح المهرجان وإلغاء الرسوم المقررة سابقاً وقدرها 500 دينار. وأضاف أن “الجمهور البحريني والخليجي يسعدهم استمرار تنظيم مثل هذه المهرجانات في العطل الأسبوعية على الأقل، وإن لم يكن بالإمكان عمله في هذا الموقع الضيق المساحة أرجو تنظيمه في مكان آخر وأفضل أن يكون قريباً من سوق المحرق”.
ودعا بوخلف المسؤولين في المملكة ومحافظة المحرق وتجارها المساعدة في تشجيع الفرق الشعبية حفظاً للتراث والفن البحريني الشعبي من الاندثار، وقال “أتطلع إلى تنفيذ موقف للسيارات متعددة الطوابق في سوق المحرق وأن يكون مشروعاً مساهماً من أبناء المحافظة”.
حلويات شويطر حاضرة
فؤاد الريس المدير التنفيذي والشريك في حلويات جمال شويطر يقول عن مشاركة مؤسسته في المهرجان إنه جاء تشجيعاً لفرحة الجمهور من أهل البحرين والخليج في مهرجان خليجي 21، ويضيف “كنا وافقنا على دفع الرسوم المقترحة وقدرها 500 دينار قبل إلغائها والاكتفاء بعمل الإعلانات مع وضع شعار البلدية على واجهة المحل، شعوراً منا بتقديم ولو القليل مما قدمته البحرين وقيادتها الحكيمة لنا، لأننا نرغب في رفع اسم البحرين عالياً وفي أحسن صورة أمام ضيوفنا من أبناء الخليج، ولم نفكر في الربح أو الخسارة، وما يزيدنا فخراً استخدام مقرنا من قبل معظم القنوات الرياضية التلفزيونية في منطقة الخليج، وأحضرنا فرقة موسيقية شعبية وقدمنا جوائز للجمهور في إحدى أمسيات المهرجان”. وعن مشاركة أبناء الخليج في المهرجان يقول الريس “غالبية الجمهور كان من سلطنة عمان والسعودية والكويت، وكان للجمهور العماني الدور الكبير في إنجاح فعاليات المهرجان، حيث شارك إخواننا من عمان في تقديم رقصات شعبية حازت إعجاب الجماهير الحاضرة”.
وقدم الريس شكره لإبراهيم سعد الذي أضاف للمهرجان مذاقاً خاصاً من خلال مروره بالمحال المشاركة واضعاً صقراً على يديه، والشكر لمحمد علي إسماعيل منسق عام المهرجان على جهوده الكبيرة والمميزة في إنجاح الفعاليات.
وأثنى على كل من يؤيد فكرة استمرار هذه المهرجانات خاصة خلال الشهر المقبل حيث تحتفي الكويت بعيدها الوطني وتبدأ إجازات الربيع المدرسية في دول الخليج “نحن كأصحاب محال بيع الحلوى فبراير عادة شهر الانتعاش التجاري، لتوافد أغلب العائلات الخليجية لقضاء إجازاتهم في البحرين خاصة يومي الجمعة والسبت، أو على الأقل استمرار إقامته إلى نهاية فبراير المقبل ليعود النفع على الجميع وخاصة الأسر المنتجة”.
الصقور للمناسبات
إبراهيم سعد السعد أحد أبرز المشاركين في المهرجان يقول “شاركت باسم شعبيات المحرق العاملة في مجال تأجير الصقور للاحتفالات وعمل الأكلات الشعبية وتوفير الفرق الشعبية للمشاركة في الاحتفالات والمهرجانات الوطنية والأفراح وحفلات الزواج وغيرها، وتشجيع عمل الأسر المنتجة البحرينية لما يعود عليهما بالنفع والفائدة وإدخال السرور والاستقرار المعيشي لهم من خلال بيع وتصريف منتجاتهم”.
ويقدم السعد كافة خدمات القهوة والشاي في مناسبات الأفراح والعزاء “لدينا رجال ونساء يقدمون هذه الخدمات، والأكلات نقدمها على طلب الزبون، نوفر السمبوسة الحلوة والخنفروش والكباب واللقيمات والعصيدة والخبيصة”.
وحول مشاركته في المهرجان يذكر إبراهيم بوسعد أن مشاركته جاءت تشجيعاً لمنتخب فريق البحرين في الدورة، إلى جانب الترحيب بأبناء الدول الخليجية المشاركة في خليجي 21، وإظهار الكرم البحريني الأصيل “أنوي حالياً افتتاح محل دائم في سوق القيصرية قريباً جداً، يختص بتقديم الأكلات الشعبية الشهيرة والمقبولة لدى أبناء البحرين مقابل محال الزعفرانية”.
وأضاف أن مشاركته جاءت بطلب من مجلس المحرق البلدي “أحضرت فرقة “DJ” ونظمت المسابقات ووزعت الجوائز على المشاركين والفائزين”.
ومن أعماله بالتعاون مع ناصر السعدون “عمل الشخصيات الكارتونية وإحضار فرق الطرب الشعبي والمشاركة في احتفالات الشركات والبنوك والوزارات والصحف ومعارض الكتب والفعاليات الثقافية والفنية والرياضية، أحيينا حفلات ومناسبات في السعودية وقطر، وساهمت في فاعلية “سيوف الولاء” برعاية سمو الشيخ ناصر بن حمد آل خليفة نصرة لملكنا المفدى وإظهاراً لحبنا للوطن وقيادته، وما أرجوه أن يستمر هذا المهرجان خاصة في المحرق التي تتميز بالحب والمودة بين أبنائها ولو أسبوعياً مساء يومي الخميس والجمعة”.
فكرة المهرجان استهوت الجميع
محمد علي إسماعيل المنسق العام لمهرجان خليجي 21 قال إن فكرة إقامة المهرجان كانت من بنات أفكاره وراودته منذ شهر تقريباً “عرضتها على مديرة الخدمات الفنية ببلدية المحرق انتصار الكبيسي، رحبت بالفكرة وأعطت توجيهاتها بتشكيل فريق عمل مكون من علياء الموسى بالاشتراك مع النائب غازي المرباطي، وأول خطوة عملناها كانت تنفيذ بوابة لدخول السوق تحمل عبارات الترحيب بضيوف خليجي 21 وزينا سوق المحرق بمصابيح الإنارة وأعلام البحرين والدول المشاركة”.
في المرحلة الثانية أنشأوا “البرستيه” ونالت قبول ورضا الجميع، ويضيف “مساهمة من البلدية في إنجاح المهرجان، ألغت فكرة الرسوم تشجيعاً للعارضين، وفي المرحلة الثالثة جرى الاتفاق مع المشاركين في عمل لافتات ترحيبية بالفرق المشاركة بالدورة الكروية”.
ومع بداية افتتاح الدورة بدأت الجماهير بالتوافد، وغطت القنوات التلفزيونية الخليجية فعاليات المهرجان وأجرت المقابلات مع الجمهور “في المرحلة الرابعة وضعنا شاشة عرض تلفزيونية كبيرة ليتمكن الناس من مشاهدة المباريات في جو طلق ومريح، وفي المرحلة الخامسة جلبنا الفرق الشعبية، ولا ننسى هنا دور عميد المشجعين البحرينيين سعد محبوب، ودوره البارز في إحياء المهرجان، أشكر كل من ساهم في إنجاح المهرجان ومن المحتمل إعادة تنظيم مهرجان مماثل خلال رمضان المقبل”.
العروض شملت كل شيء
علوي ناصر ثابت المشارك في المهرجان ضمن الأسر المنتجة، عرض أعلام الدول الخليجية المشاركة في التصفيات، وقبعات وميداليات تحمل صور ملوك وأمراء دول الخليج وشعارات دولهم وهو يرفع رجاءه ومناشدته لصاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء بإيجاد عمل مناسب له، حيث إنه كان ضمن المتطوعين خلال الأزمة، وعمل طوال 4 أشهر حارس أمن بإحدى المدارس الحكومية، وحصل على وعد بتوظيفه إلا أن هذا الوعد لم ينفذ، وهو عائل لستة أبناء ويسكن بيتاً بالإيجار.
وخلال جولة في المهرجان التقينا بعض الحضور للتعرف على آرائهم حول المهرجان يقول عادل المسيفر بوجواهر إنه معجب بالمهرجان باعتباره نظم في موقع يذكره بأيام الطفولة “كنا صغاراً نتردد على هذا المكان، باعتباره السوق الوحيد في المحرق حيث يشتمل على كل متطلباتنا المعيشية من لحوم وخضر وأسماك وحلويات، ويذكرنا بأيامنا الماضية الحلوة نتمنى أن تعود وكما يقول المثل “اللي ماله أول ماله تالي”.
يتمنى المسيفر أن يكون حضور البحرينيين أكثر مما لو كان إحياءً لموروثهم الشعبي “سعدت بالحضور الخليجي الكبير لهذا المهرجان ممن أثروا المهرجان وزادوه بهجة وسروراً، خاصة إخواننا من سلطنة عمان لمشاركتهم في إقامة الحفلات العمانية التراثية، وأتمنى أن يستمر المهرجان ولو في أيام العطل الأسبوعية والإجازات الرسمية، لأن في ذلك تشجيعاً للسياحة وانتعاشاً اقتصادياً للأسر المنتجة، ومكاناً للترفيه عن النفس”.
وينتظر المسيفر يوماً يشاهد فيه سوق القيصرية التاريخي وقد اكتمل بناؤه على النمط البحريني القديم، خاصة أن مدينة المحرق هي منبع الحضارة والتراث “يسعدني افتتاح المزيد من المقاهي الشعبية التقليدية في أنحاء المحرق، وأتقدم بالشكر الجزيل للشيخة مي بنت محمد آل خليفة وزيرة الثقافة على جهودها الجبارة في حفظ تراث البحرين”.
«الشاهين» بين المشاركين
في ختام جولتنا بالمهرجان التقينا عاشق التراث عبدالعزيز يوسف بوزبون، كان له دوره المميز في المهرجان، تجول بين الجماهير الخليجية واضعاً طائر “الشاهين” على يديه حيث تزاحم عليه الآلاف لالتقاط الصور التذكارية، وشاهدت بنفسي وسمعت بأذني العديد يقدمون له مبالغ نقدية نظير التصوير معه لكنه رفض استلام أي مبلغ ما أدخل العجب في نفوسهم وكانوا يقولون هذه أول مرة نشاهد فيها شخصاً يرفض استلام مقابل التصوير.
ويقول بوزبون “لم أشارك في المهرجان من أجل جمع المال، إنما لإضافة جو من المرح على الجمهور ولإظهار حقيقة أهل البحرين أمام زوار المملكة، ولأني من هواة جمع التراث أقمت المآدب اليومية في مجلسي، ودعوت كل من تعرفت عليهم خلال المهرجان حيث استمتعوا بمشاهدة تراثنا الخالد”.
وحول شعوره نحو المهرجان أضاف “أهم شيء أن السياح والزوار أدركوا حقيقة الأمور في البحرين، وأن ما سمعوا عنه في الخارج لا أساس له من الصحة، وأن البحرين تنعم بالأمن والاستقرار”.
ودعا بوزبون إلى استمرار المهرجان ولو مساء يومي الخميس والجمعة من كل أسبوع وبنفس المكان “تشجيعاً للسياحة وإتاحة فرصة الكسب المادي للأسر المنتجة ولأصحاب سيارات الأجرة والفنادق ومحال بيع الحلوى، وكل ماله مردود على الاقتصاد الوطني، وإيجاد متنفس أمام أهل البحرين لقضاء ساعات من المرح والسرور، وشكر المحطات التلفزيونية بمنطقة الخليج العربي التي زارت مجلسه التراثي وبثت الصور وأجرت المقابلات”.