دعا عضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية الشيخ محسن آل عصفور إلى زيادة التلاحم والتكاتف والتكافل وتعزيز وحدة المواقف بنبذ التطرف والشحناء والبغضاء، مؤكداً ضرورة “تعزيز أواصر ووشائج الأخوة الإيمانية وصور المحبة بعيداً عن الفوارق القومية والحواجز القبلية العرقية، وتحقيق الوحدة في الائتلاف والشوكة والمنعة والقوة، لصد كل ما يحاك ضدنا وضد أمتنا من دسائس ومؤامرات”.
وقال الشيخ آل عصفور، في كلمة له بمناسبة عيد المولد النبوي الشريف أمس، إن “عصمة الرسول من الزلل والخطل الذي نعيش أيام ذكرى ولادته المباركة تقتضي عصمة أمته من الفتن والفرقة والشتات والتطاحن واستباحة حرمات بعضهم البعض وضرورة الحب والتآخي في الله والذوبان في العملاق الإسلامي، والارتقاء بالمجتمع البشري والأخذ بيده إلى التكامل والرقي السلوكي والروحي والمعنوي وترسيخ أجواء المحبة والتآخي ومقومات السعادة الأبدية في الدنيا والآخرة وإشاعة مظاهر الرحمة والإنسانية والرأفة والمحبة والوئام والتسامح والتعايش السلمي والخير والرخاء للبشرية جمعاء، ونبذ كل مظاهر العنف والتطرف والتخلف والضياع والتيه والانحطاط والانسلاخ والتفسخ الأخلاقي والسلوكي والانحراف الفكري والمعنوي”.
وحذر الشيخ آل عصفور من “الانجرار وراء الملايين من المكائد والمصائد عبر ما يسمى بشبكات التواصل الاجتماعي القائمة أساساً على الاستدراج والاستعباط والاستعباد بأسلوب ماكر ذكي”، مشيراً إلى أن “الاستعمار الغربي الجديد تمكن من دخول جميع منازلنا واختراق كل الجدران والحواجز الخصوصية والتواجد أمام كل فرد فرد منا بالصورة والصوت والتواصل المستمر معنا من خلال إدماننا على استعمال شبكات الإنترنت”.
وأضاف أن “الاستعمار استغفلنا بشكل بارع واستثمر التطور التكنولوجي الهائل لتوفير كل أسباب ووسائل الانحراف بكل صوره وأشكاله بكل أساليبه وخدعه بكل فتنته وإغراءاته، وأتاح أكبر مساحة إعلامية لنشر غسيل أصحاب الجرائر والفضائح ووفر ساحة بلا حدود تستباح فيها هتك كرامات المؤمنين والتعدي على جميع المقدسات والمساس بكل الحرمات”.
وتــابع الشيـــــــخ آل عصفــور أن “الاستعمار الغربي شيد منبراً حراً لتمكين كل ضال مسعور ومنحرف مستهتر من نشر أفكاره الفاسدة والترويج لبضاعته الكاسدة بين الناس والإعانة على تلبيس مؤامرات إبليس في أذهان الشباب وتسخيرهم لبث الفرقة والشقاق والفتنة والعقوق والتخلف والتيه والضياع”، مؤكداً أنه “نجد إلى جنب كل تلك الوسائل الهدامة المدمرة الآلاف ممن يقدم هدايا مجانية لأعداء الإسلام والمسلمين ممن يزعم أنه من أبناء المسلمين ناهيك عن الدوائر الصهيونية العالميـــة التــي تــــوظــف الآلاف من المأجورين وأصحاب الذمم الفاسدة والضمائر الميتة للوقيعة بين المسلمين وحشرهم في صرعات وفتن مستمرة مستعرة وإلهائهم بحروب طائفية بغيضة بلغت ذروتها بعمليات التفجيرات الانتحارية”.
وأوضح أن “المخدرين بالشعارات الثورية الزائفة يتسابقون إلى قتل إخوانهم المسلمين تحت ذرائع غريبة كل الغرابة عن دينهم وقيمهم وأخلاقياتهم وكل موروثاتهم الأصيلة والعريقة في الحمية والنجـــدة فلم تعد الجرائم الكبائر والفظائع والشنائع أمراً ذا بال بل على العكس يتقربون بها إلى مرضاة الله والفوز بجنانه بزعمهم في معادلة معكوسة”.
وقال آل عصفور إن “الهواتف الذكية أصبحت ذكية بامتياز لكن ليس بذكاء ما فيها من تقنيات وخدمات تمكنك من الارتباط بالآخرين بل لارتباط كل الدوائر الاستعمارية الغربية بك وما الخدمات المجانية فيها إلا هي مجانية استباحة كل أسرارك وخصوصياتك تأخذ منك أكثر مما تأخذ منها عمرك ووقتك ومالك وأسرارك وقراراتك وميولك ورغباتك”.
ودعا إلى “اغتنام ذكرى المولد النبوي وترجمة حبنا الحقيقي وتبعيتنا الخالصة المخلصة لنبي الرحمة الكريم ورسول الإسلام العظيم محمد بن عبدالله صلى الله عليه وآله وسلم على أرض الواقع وأن نتحلى باليقظة والحذر مما يحاك ضد أمة الإسلام من مؤامرات ودسائس ليل نهار والتنبه إلى ما يراد بها من شرور وابتلاءات تهدد أمنها واستقرارها ورخاءها ووحدتها”.
وأعرب آل عصفور عن سروره لـ”العيش مع إشراقة أيام منتصف شهر ربيع الأول من كل عام أجواء البهجة والفرح وتبزغ علينا شمس ذكرى ولادة أشرف الكائنات من الأولين والآخرين حبيب إله العالمين العبد المؤيد والنبي الأمجد والرسول المسدد السمي بمحمد صلى الله عليه وآله وسلم”، مشيراً إلى أن “تلك الذكرى العطرة المباركة التي نستعيد معها انطلاقة التغيير الحقيقي الكبرى في مسار الأمة العربية خاصة والبشرية عامة وتحريرها من أغلال الجاهلية وانتشالها من مستنقعات أدناس الشرك والكفر إلى حياة الاستقامة والعزة والكرامة والأمن والاستقرار والسعادة”.
وأضاف أن “تلك اللحظة التاريخية التي بفضلها طوت تاريخ حقبة التخلف والانحطاط وحولت البداة الحفاة في صحراء شبه الجزيرة العربية المترامية إلى أعظم أمة بنت الأمجاد والحضارة وتسنمت بفضلها الريادة والسؤدد بين قاطبة الأمم”، موضحاً أنه “من خلال الاحتفاء والاحتفال بمثل هذه الذكرى العطرة المباركة، مطالبون بانتهاز الفرصة لتجديد البيعة والولاء بالتمسك بكنوز محاسن هذه الشخصية العالمية الفريدة الفذة وعظيم مقاصد شريعته العليا والدين الذي بعث به رحمة للعالمين لنكون خير أمة أخرجت للناس كما أرادها الله سبحانه وتعالى في تمسكها بالقيم المثالية والمبادئ السامية والمثل العليا التي تجسد في حقيقتها وواقعها أسمى معاني الإنسانية في أجمل ما تكون عليه من صورة”.
ودعا “مجتمعاتنا الإسلامية إلى الاستغـــــراق في الجهاد الأكبر جهاد النفس وتربية الذات تربية محصنة تقاوم كل أنواع الاختراقات والدسائس الماكرة.