قال وزير العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف الشيخ خالد بن علي آل خليفة إن المسلمين يملكون رصيداً أخلاقياً وقيماً سامية في حماية حقوق الإنسان وصيانة النفس البشرية ما يكفي لتجنيب البشرية الآثار المدمرة لهذا الانفلات الإجرامي الذي يحرق الأخضر واليابس.
وأشار الشيخ خالد بن علي آل خليفة، خلال الحفل السنوي بذكرى المولد النبوي الذي نظمته إدارة الشؤون الدينية بوزارة العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف أول أمس بجامع مركز أحمد الفاتح الإسلامي، إلى أن تلاحق الأحداث وتسارعها يستوجب وقفات ووقفات، وإن ما يدمي القلب ما نراه من سفك للدماء البريئة وإزهاق للأنفس في بقاع مختلفة من العالم، وخاصة بالعالم الإسلامي، والعالم يقف مذهولاً أمام التدني الأخلاقي معلناً إفلاسه عن إيجاد حلول ناجعة لإيقاف نزيف دماء الأبرياء.
واستهل الحفل، الذي أقيم تحت رعاية رئيس المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية سمو الشيخ عبدالله بن خالد آل خليفة، بتلاوة عطرة من آي الذكر الحكيم، ثم ألقى وزير العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف الشيخ خالد بن علي آل خليفة كلمة قال فيها: «لقد ولد رسول الله صلوات ربي وسلامه عليه، وولد معه الهدى والنور، مؤذناً بتحول البشرية تحولاً محورياً على صعيد الفكر والأخلاق والتحضر والقيم في شتى مناحي الحياة، لتنتفض البشرية ببعثته من سبات عميق وتهرع إلى خالقها بعد جفوة روحية خيمت على القلوب، وانكفاء فكري ران على العقول».
وأضاف «ها نحن اليوم والمسلمون في مشارق الأرض ومغاربها، بل وفي العالم بأسره نتوق إلى العودة إلى مبادئ ومعايير العدل والحق والأمن والسلام، ونشر قيم التسامح والتعايش باحترام جميع بني الناس، وهي المبادئ والمعايير الحضارية التي جاء بها رسول الهدى فأحال بها وجه الأرض عدلاً وسعداً وبشراً وسروراً، فهنئ الناس وسلم البشر من الشر والزيغ والظلم والفرقة والرذيلة».
ودعا وزير العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف إلى العودة إلى أجواء ذكرى مولد المصطفى الهادي البشير، والتنسم من أجوائها العطرة هدي شريعته الغراء، لنعود بنقاء وصفاء وصدق وإخلاص إلى دربه المنير وطريقه المستقيم، حاملين راية السلام والتسامح والانفتاح، داعين إلى الخير والبر والعدل والسلام.
ومن جانبه، أكد د.مراد الجنابي أن الاحتفال بمولده عليه الصلاة والسلام هو تعبير صادق عن الإيمان بحضرته وكمال المحبة لجنابه الكريم والفرح بوجوده وبعثته نبياً وهادياً ورسولاً، ويأتي انسجاماً مع أمر الله تعالى بوجوب الفرح بهذا النبي الكريم، فقال تعالى: (قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا)، قال ابن عباس رضي الله عنهما: فضل الله تعالى العلم، ورحمته رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو أعظم رحمة وأفضل نعمة خصنا الله تعالى بها.
واستطرد «لقد ثبت بالسنة الفعلية والقولية صومه عليه الصلاة والسلام يوم الاثنين من كل أسبوع، ولما سأله أصحابه الكرام عن سبب صيامه يوم الاثنين قال: «ذاك يوم ولدت فيه، وفيه أنزل علي»، وهذا دليل واضح على شكر النبي ربه على نعمة وجوده وإيجاده وبعثته وما ترتب على ذلك من نعم كبرى في حضارة المسلمين».
وأوضح الجنابي أن من أخص دروس سيرته العطرة صلى الله عليه وسلم أنه بعث ليجمع كلمة هذه الأمة ويوحد صفها ويلم شملها ويخرجها من حضيض الشرك والفرقة والتناحر إلى ذروة الإيمان والتوحيد وكمال الإحسان، وخاطب الحضور قائلاً: يا أمة الحبيب محمد، بحبه توحدوا وبذكرى مولده لموا شملكم، وبالفرح ببعثته اجمعوا كلمتكم فتسعدوا وتنهضوا وتبنوا وتجددوا حضارتكم حضارة الإيمان والإسلام والإحسان. فيما قال الشيخ محسن آل عصفور في كلمته إن مجتمعاتنا الإسلامية اليوم مدعوة إلى الاستغراق في الجهاد الأكبر جهاد النفس وتربية الذات تربية محصنة تقاوم كل أنواع الاختراقات والدسائس الماكرة بالإعداد العلمي والمعرفي والثقافي والروحي والسلوكي الفردي والجماعي والتحلي بالفضائل ونبذ الرذائل.
وأضاف «لقد تمكنت العولمة السلبية من دخول جميع منازلنا واختراق كل الجدران والتواجد أمام كل فرد منا بالصورة والصوت والتواصل المستمر معنا من خلال الإدمان على استعمال شبكات الأنترنت، حيث استغل التطور التكنولوجي لتوفير كل أسباب ووسائل الانحراف بكل صوره وأشكاله وخدعه وفتنته وإغراءاته، فلقد أصبحت الهواتف الذكية ذكية بامتياز لكن ليس بذكاء ما فيها من تقنيات وخدمات تمكنك من الارتباط بالآخرين، بل لارتباط الدوائر الاستعمارية الغربية بك، وما الخدمات المجانية فيها إلا هي مجانية استباحة كل أسرارك وخصوصياتك تأخذ منك أكثر مما تأخذ منها عمرك ووقتك ومالك وأسرارك وقراراتك وميولك ورغباتك».
واختتم العصفور كلمته بالدعوة إلى اغتنام ذكرى المولد النبوي وترجمة حبنا الحقيقي وتبعيتنا الخالصة المخلصة لنبي الرحمة الكريم ورسول الإسلام العظيم محمد بن عبدالله صلى الله عليه وآله وسلم على أرض الواقع، ونتحلى باليقظة والحذر مما يحاك ضد أمة الإسلام من مؤامرات ودسائس ليل نهار والتنبه إلى ما يراد بها من شرور وابتلاءات تهدد أمنها واستقرارها ورخائها ووحدتها.