كشف مسؤول مصرفي رفيع، أن مبادرة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز في القمة العربية التنموية الاقتصادية والاجتماعية في دورتها الثالثة في الرياض، بزيادة رؤوس أموال المؤسسات المالية والشركات العربية المشتركة القائمة، بنسبة لا تقل عن 50%، ستخلق كيانات ومشاريع اقتصادية بقيمة 30 مليار دولار، مؤكداً أن هذه المشاريع ستتركز في قطاعات تنموية تسهم في خلق فرص عمل للشباب وتسعى إلى الوصول إلى الاكتفاء الذاتي من بعض الصناعات التحويلية.
وأكد رئيس اتحاد المصارف العربية عدنان يوسف، في تصريحات لصحيفة "الاقتصادية" السعودية، أن المصارف العربية، تتركز فيها نحو 3.1 تريليون دولار، 25% من تلك الموجودات أصول سائلة لم تستغل، معتبراً حجم الموجودات يشكل 90% من حجم الاقتصاد العربي، وهذا الرقم تقوم عليه اقتصادات دول كبرى، إلا أن عدم إنشاء أوعية استثمارية في العالم العربي في قطاعات حيوية، أسهم في أن تكون هذه الأموال رهن المصارف.
واعتبر أن القمة العربية التنموية التي انعقدت في الرياض كانت مختلفة عن سابقاتها، حيث إن الـ60 عاماً الماضية كانت القمم العربية تتناول الشأن السياسي، دون أن يكون هنالك طرح عميق لملفات اقتصادية واجتماعية، إلا أن الدورة الحالية كانت مميزة في هذا الطرح، الذي سيسهم على المديين الطويل والمتوسط، في سد الفجوة بين الطبقات الاجتماعية.
وأشار إلى قدرة المصارف العربية على لعب دور فعال في تحقيق أهداف التكامل الاقتصادي العربي، وهو أمر تؤكده الأرقام والإحصاءات الصادرة عن اتحاد المصارف العربية، التي تشير إلى تزايد أعداد المصارف العربية التي تسعى لفتح قنوات للعمل خارج حدودها الوطنية وهو مؤشر جيد يدل على وجود رغبة حقيقية لعكس توصيات القمة والمساهمة في الجهود المبذولة من أجل تحقيق الحد الأدنى المطلوب وهو التكامل الاقتصادي.
وانتقد يوسف عدم وجود توسع للكيانات الاقتصادية العربية على الخريطة الإقليمية أو العربية باستثناء بعض المصارف، التي كان لها وجود على امتداد الوطن العربي، لكنها مؤسسات تقل أو تزيد قليلا عن أصابع اليد الواحدة كمجموعة البركة المصرفية، بنك المؤسسة العربية، البنك العربي، المصرف العربي الليبي الخارجي، بنك الكويت الوطني، والمصارف اللبنانية، وبعض من المصارف الإسلامية.
وطالب بفتح الأسواق أمام المصارف العربية، ما يساعد على نقل الخبرات ورؤوس الأموال، لكن المؤشر الأهم لهذه الحركة هو تحقيق هدف تخفيض تكلفة التمويل وتسهيل الوصول إليه وهو سيساعد القطاعات الاقتصادية الأضعف مثل المنشآت الصغيرة والمتوسطة على المساهمة بفعالية في النمو الاقتصادي وفي محاربة البطالة وتقليل معدلات الفقر إلى أقل مستوى ممكن على المدى المتوسط.
وتابع: "رغم الحراك والنشاط المالي اللافت في أجزاء كبيرة من العالم العربي والتطورات الاقتصادية والمالية الدولية (مثل أزمة الديون الأوروبية)، فإن القطاع المصرفي العربي بشكل عام لا يزال في وضع جيد، ولم يتأثر بشكل كبير، كما حدث للقطاعات الاقتصادية الأخرى".
وأضاف أن معظم القطاعات المصرفية العربية تأقلمت مع الأحوال المستجدة، وبدأت تجاوز تأثيراتها، لأنها حافظت على نسب رسملة ممتازة، ونسب سيولة جيدة، حيث عمدت معظم المصارف العربية إلى ضبط معدلات نمو الإقراض لديها، ورغم انخفاض أرباح عدد من المصارف العربية لا تزال تلك المصارف تحقق نسبا ربحية جيدة.
وبيّن يوسف أن الإنجازات والنجاحات العديدة التي حققتها المصارف العربية كانت لافتة، لكن لا تزال هناك خطوات لا بد أن تُقدم عليها المصارف، أبرزها استكمال خطط الطوارئ، التي اعتمدتها بالتعاون مع المصارف المركزية والحكومات العربية، وتفعيل الجهود لمواجهة التطورات السياسية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية الجارية.
وأوضح أن المصارف تحتم عليها الأوضاع الراهنة اتخاذ مزيد من الإجراءات الاحترازية لمواجهة الأزمات الاقتصادية المحلية الناتجة عن الاضطرابات والحراك القائم في بعض الدول العربية، والعمل على خلق تكتلات مصرفية عربية وخلق آليات تعاون أقوى لمواجهة أية أزمات أو تطورات مستقبلية، والعمل على التأثير في توجيه الاستثمار العالمي نحو الدول العربية، والتوسع في دعم وتمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة.
وذكر أن مجموعة البركة المصرفية قدمت خلال القمة مبادرة بالتعاون مع البنك الدولي لإنشاء صندوق دولي لدعم قطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة، وكذلك قطاع التمويل الأصغر.
وقال إن المصارف تحتاج إلى سياسات وضوابط في إطار رؤية يناط بها إحداث مناخ صحي ومستقر لإحداث التنمية الاقتصادية والاجتماعية المنشودة ويضع السياسات الملائمة للمصارف كي تعمل في مجالها الحيوي بفعالية، مضيفاً أن هذه السياسات تسهم بصورة غير مباشرة في عملية إنشاء البورصة العربية المشتركة المهمة أيضاً لجذب المزيد من رؤوس الأموال الدولية إلى داخل المنطقة.