كتبت - مروة العسيري:
كل المعطيات والأحداث والتحركات تشير إلى أنه “لا استجواب في دور الانعقاد الثالث”، واعترف بذلك أحد ممثلي الشعب ورئيس كتلة نيابية بمجلس النواب وهو النائب أحمد الساعاتي الذي قال في جلسة مناقشة تقرير ديوان الرقابة المالية والإدارية السنوي للعام 2011-2012 إن “التركيبة الحالية للمجلس غير قادرة على استجواب”، ووافقه في ذلك النائب د.جاسم السعيدي.
وقال د.السعيدي “لن يكون هناك استجواب حتى انتهاء الدور الحالي، نظرا للمحسوبيات الحاصلة في المجلس وعدم دعم النواب لبعضهم البعض”، مبيناً “سابقاً كنا نقول إن النائب المستقل لا يحصل على دعم واليوم نرى حتى النائب المحسوب على كتلة لا يجد الدعم من زملائه”.
وأشار السعيدي إلى أن “هناك استجواباً وقعت عليه مع اثنين من زملائي النواب، باقي توقيعين فقط ليكتمل الاستجواب ولم يدعمنا بتوقيعه أي نائب من 37 نائب الباقين في تشكيلة المجلس”، حيث نصت المادة (144) من اللائحة الداخلية للنواب “يجوز بناء على طلب موقع من خمسة أعضاء على الأقل أن يوجه إلى أي من الوزراء استجوابات عن الأمور الداخلة في اختصاصاته”.
ومر قرابة ثلاثة أشهر على افتتاح دور الانعقاد الثالث من الفصل التشريعي الثالث، الذي بدأ أعماله في أكتوبر الماضي، وهي فترة تم التلويح فيها بالكثير من الاستجوابات، إلا أنها لم تشهد استجواباً جادا بالرغم من تكوين لجنة تنسيقية بين الكتل.
واقتصر عمل اللجنة التنسيقية التي شكلت في نوفمبر الماضي على التصريحات المتتالية التي مفادها التأجيل للاستجواب المتكرر وكان آخرها تأجيل الاستجوابات إلى ما بعد إقرار الميزانية العامة للسنة المالية 2013-2014 -والمتوقع إقرارها نهاية فبراير- وأجلت اللجنة الاستجواب قبل ذلك إلى حين الانتهاء من مناقشة تقرير اللجنة المالية الخاص بتقرير ديوان الرقابة المالية والإدارية والذي ناقشه المجلس في جلسة النواب الاعتيادية بداية يناير الحالي.
ومن الملاحظ أن الكتل النيابية لاتزال غير متفقة بشأن تقديم الاستجوابات من عدمها، وأن كل كتلة تظهر للأخرى غير ما تبطنه ناهيك عن الاختلافات التي يعاني منها النواب داخل الكتلة الواحدة.
ومن المتوقع أن يفض الدور الثالث في بداية مايو المقبل، أي أكثر من 3 أشهر من الآن، وينتهي المجلس النيابي من إقرار الميزانية في نهاية فبراير ويبقى على انتهاء الدور 3 أشهر وتحتاج دورة الاستجواب زمنياً قرابة الشهر، بحسب اللائحة الداخلية لمجلس النواب، والسؤال هنا هل سيقوم النواب باستغلال هذه الفترة الزمنية القصيرة المتبقية في حين أنهم فرطوا في الفترة السابقة كلها.
وتنص المادة (146) الشارحة للمراحل الإجرائية التي يمر بها الاستجواب على أنه يبلغ رئيس المجلس الاستجواب إلى من وجه إليه ويخطر مقدمي الاستجواب كتابة بذلك، وتجري مناقشة الاستجواب في المجلس ما لم يقرر أغلبية أعضائه مناقشته في اللجنة المختصة.
وعلى المجلس وقبل الشروع في مناقشة الاستجواب القيام بالتصويت على مسألة أن تكون مناقشته في اللجنة المختصة من عدمه، وتضم الاستجوابات المقدمة في موضوع واحد، أو في عدة موضوعات مرتبطة ببعضها ارتباطاً وثيقاً، وتدرج في جدول الأعمال لمناقشتها في وقت واحد، ويعتبر كل مستجوب متنازلاً عن أية أسئلة يكون قد سبق له أن تقدم بها في ذات موضوع الاستجواب.
ولا تجري مناقشة الاستجواب إلا بعد ثمانية أيام على الأقل من يوم تقديمه، وذلك ما لم يطلب الوزير تعجيل هذه المناقشة.
ولمن وجه إليه الاستجواب أن يطلب مد الأجل المنصوص عليه في الفقرة السابقة إلى أسبوعين على الأكثر، فيجاب إلى طلبه، ويكون التأجيل لأكثر من هذه المدة بقرار من المجلس أو اللجنة بحسب الأحوال.
يذكر أن دور الانعقاد الماضي (الثاني) لم يشهد أي استجواب للوزراء، بعد أن تناوبت الكتل على إفشال طلبي استجواب قدما إلى وزيرة التنمية الاجتماعية فاطمة البلوشي ووزيرة الثقافة الشيخة مي بنت محمد آل خليفة.
ووفقاً للأحداث فإنه إذا ما اتفقت الكتل النيابية على أسماء محددة من الوزراء لاستجوابهم -وهذا أمر مستبعد-؛ فإن نجاح الاستجواب يكون ضئيلاً جداً، حيث إن لإدانة أي وزير يحتاج إلى موافقة ثلثي أعضاء المجلس النيابي البالغ أربعين عضواً، ما يعني أن 27 نائباً بإمكانهم سحب الثقة عن أي وزير، وهو نصاب لا يمكن أن يتحقق بالرغم انه مجموع أعضاء الكتل والمحسوبين عليهم، إلا أن الانشقاقات والخلافات غير المعلنة تجعل من هذا الرقم متفككاً وصغيراً.
وهناك حالياً 5 كتل نيابية في المجلس؛ هي: البحرين وعدد نوابها 6 بعد انتشار خبر استقالة النائب جواد بوحسين من تشكيلة الكتلة مؤخرا، ثم كتلة المستقلين التي انخفض عددها إلى 7 خلال هذا الدور بعد انشقاق 5 من أعضائها وتشكيلهم كتلة، وتأتي بعدها كتلة الأصالة المتمثلة في 4 نواب ومحسوب عليهم النائب عادل المعاودة المقال، أما أصغر الكتل حجماً، فهي المنبر الإسلامي حيث تتكون من نائبين فقط يحسب عليهم النائب عبدالحميد المير، فيما يبلغ عدد النواب غير المنتمين إلى أي تكتل 14 نائباً مستقلاً.
فقدان الاستجواب لهيبته
وقال النائب السابق عبدالعزيز الموسى إن “كثرة التلويح بالاستجواب من دون تنفيذ جاد له يفقد الاستجواب هيبته”، مشيراً إلى أن الاستجواب من الأدوات الرقابية المهمة والخطيرة، والتي هي بيد النواب ومتى ما أحسن استخدامها أحسنت النتائج”.
وعما إذا كانت التلويحات النيابية بالاستجواب للوزراء مجرد فقاعات إعلامية قال الموسي “في بعض الأحيان يلوح النائب باستجواب وبعد تلك المناورة يعدل الوزير أوضاع وزارته ويكون الغرض أو الهدف من الاستجواب قد تحقق بالفعل بالتالي يكون التلويح مغني عن الاستجواب الحقيقي”.
وبين الموسى أن “عدم التوافق الواضح في آراء النواب فيما بينهم ولو كانوا من كتلة واحدة يحكمه الضغط على النائب الذي يتلقاه من قبل الشارع، فلو خطا خمسة نواب خطوة جادة نحو الاستجواب فبإمكانهم تجميع الأصوات فيما بعد وقد تختلف مواقف النائب الواحد باختلاف الظرف الزمني للاستجواب”، مضيفاً “يمكن أن تتوافق إيرادات النواب بالضغط الشعبي ويتم اللجوء إلى هذه الأداة”.
وشهد شاهد من أهله عندما قال النائب أحمد الساعاتي في إحدى جلسات المجلس الأخيرة إن “مجلس النواب الذي لا يستطيع بتركيبته الحالية ولوائحه الداخلية أن يستجوب أو يحاسب الوزراء بسهولة ويسر لأسباب يعلمها الجميع”.
جدير بالذكر أن الأسباب التي يتحدث عنها النائب هنا هي الانقسامات في المجلس بين النواب المتراكمة من انتخابات اللجان، كما إن التعديلات الجديدة على اللائحة الداخلية للنواب لا تعوق الاستجوابات، وخاصة أن الكتل ممثلون في رئاسات اللجان، فتوافقهم على الاستجواب سيمرر وفق الإجراءات التنظيمية.
ومن الأسباب التي تعيق الاستجواب أيضاً هي للمحسوبيات فهناك بعض الوزراء محسوبون على الكتل النيابية، والكتلة النيابية تحمي وزيرها من الاستجواب، وهنا يمكننا توظيف مقولة النائب الثاني لرئيس مجلس النواب عادل المعاودة عندما قال للنواب “ضعوا في بطونكم بطيخي صيفي لن يكون هناك استجواب”.
ومن جانب آخر تعاني الكتلة الواحد في داخلها من اختلافات في وجهات النظر بالنسبة لاستجوابات الوزراء وذلك لمحسوبية العلاقات بين النواب والوزراء والمصالح المتبادلة.