أكد الخبير الاقتصادي، ناصر السعيدي، في لقاء له مع "العربية.نت" أن المرحلة الانتقالية التي تمر بها اقتصاديات دول "الربيع العربي" تُلزم دول الجوار على أخذ المبادرة بإنشاء مصرف إقليمي لإعادة الإعمار والتطوير الاقتصادي.
وأشار إلى أن دور المصرف العربي لن يقتصر على الدعم المادي فحسب، لكنه سيشمل الأُطر التنظيمية من خلال توفير الخبرة المالية والقانونية لتحقيق هدف النماء لدول الشرق الأوسط.
وأضاف أن مصرفا بهذا النوع سيكون كفيلاً بخلق استثمارات واعدة وتمويل قطاعات مهمة كمشاريع البنى التحتية لكثير من الدول التي دمرتها الحروب كالعراق، لبنان، فلسطين، السودان، وليبيا.
وقدرت دراسة حديثة للبنك الدولي حاجة منطقة الشرق الأوسط إلى 100 مليار دولار سنويا للإنفاق على البنى التحتية، لكن الاستثمار الحالي بحدود الـ40 مليار دولار.
وذكر السعيدي أنه بالإمكان تأسيس مصرف عربي لتمويل هذا الاستثمار على أن يبدأ برأس مال 100 مليار دولار، والذي يمكن تمويله من فائض ميزانيات دول مجلس التعاون.
وأشار إلى أن الإمارات أو قطر الغنيتين بخبراتهما في مجال الاستثمارات في البنى التحتية يمكنهما أن تلعبا دوراً محوريا في تأسيس هذا النوع من المصارف.
وأضاف أن دول مجلس التعاون الخليجي أمامها العديد من الفرص لتكون المحور في دمج باقي اقتصادات الدول العربية داخل اقتصادياتها من أجل مستقبل وحدة اقتصادية فعالة ومؤثرة في العالم العربي، حيث إن الدول العربية تمثل 5.5% من سكان العالم، لكن الناتج الاقتصادي لا يتعدى الـ3% من الناتج العلمي.
وأشار إلى أن الاهتمام بمشاريع البنى التحتية وتمويلها سينعكس إيجاباً على النشاطات الاقتصادية الأخرى كتوحيد لشبكات الماء والكهرباء، ومد أنابيب النفط لدول الجوار مما ينعش إجراءات تنفيذ السوق العربية المشتركة.
وذكر أن حجم التبادل التجاري بين الدول العربية دون الـ10%، ويشكل النفط الخام أغلبية الصادرات، بينما تشكل التجارة العربية البينية ما بين 2 و3%.
وأوضح السعيدي أن الرغبة العربية في هذا النوع من الدمج الاقتصادي موجودة منذ القدم، لكن فكرة الاندماج كانت تصب في خانة تصدير دول الخليج لرأس المال واستيراد الأيدي العاملة، بينما كان ينحصر دور الدول المستوردة للنفط في تصدير الأيدي العاملة، لكننا لم نلمس حركة لرأس المال في تلك الدول.
وأضاف أنه بإمكان الدول المستوردة للنفط أن تلعب دوراً أكبر باقتصاداتها إذا بدأت في الانفتاح الاقتصادي للكثير من القطاعات، وذكر على سبيل المثال استقطاب قطاع الاتصالات المغربي لرأس المال من فرنسا، ونجاح قطاع الفنادق والسياحة في الكثير من الدول.
وأوضح أن خلق قوانين جديدة لحماية الاستثمار الأجنبي في الدول العربية كفيل بإنعاش الحركة التجارية وانتقال رؤوس الأموال. و أشار إلى أن إنشاء مناطق حرة ورفع القيود على التجار وتشجيع حركة الأفراد في السوق المحلي ووضوح السياسة الاقتصادية والمالية للدول سيسهم بتشكيل وحدة اقتصادية على غرار الاتحاد الأوروبي.

وأعرب السعيدي عن تفاؤله بمستقبل الاقتصاد العربي الذي يمكنه أن يحقق نسب نمو مرتفعة في حال تحررت الصناعة العربية من القيود المفروضة عليها، بهدف تعزيز مستوى الجودة واستثمرت الدول في تطوير رأس المال البشري لأخذ طريق الابتكار والمنافسة.