كتبت ـ مروة العسيري:
قالت أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة د.نيفين مسعد إن الشعارات المؤيدة لـ»ثورة» البحرين بمصر مصنّعة ولم تُكتب بأيدٍ مصرية، وأن «الثورة جامعة وما حصل في البحرين يخص طائفة معينة ولا علاقة لها بالثورة»، لافتة إلى أن قصور الإعلام المحلي وراء جهل معظم المصريين لحقيقة الأحداث في المملكة.
وأضافت أن هناك قصوراً في إعلام البحرين الخارجي وتحركاته على مستوى الشعب، بدليل أن الكثير من المصريين يجهلون قضية البحرين ويعتقدون بأنها ثورة قياساً لمزاعم البعض.
ونبهت إلى «لا يجوز نسبة الثورة لطائفة معينة، ولا يمكن اعتبار ما يحصل في البحرين ثورة، لأن الثورة جامعة ولا تكون باسم طائفة معينة، ونستطيع أن نسمي ما حدث بالبحرين حركات مطلبية بمشاركة اجتماعية وسياسية».
وعدّت مسعد أن تحركات المعارضة البحرينية من وإلى مصر دليلاً على محاولات هذه المجموعة كسب تأييد مصر ودعمها، لما لها من تأثير كبير يختلف عن باقي الدول، وتساءلت «لماذا لم تستمت المعارضة للتعاون وكسب تأييد تونس مثلاً أو ليبيا أو اليمن؟ فكل هذه الدول شهدت ثورات».
وأثارت مسعد تساؤلاً «من وراء الكتابات الموجودة على الجدران وسط الميدان تختلف عن شعارات تعود المصريون على كتابتها وهي تدعم حرية ثورة البحرين أو شي من هذا القبيل، وكانت مطبوعة على الجدران بطريقة حرفية وبختم مصنوع خصيصاً لهذه الشعارات، ولا يوجد غيرها في الميدان»، لافتة إلى أن شعارات ثوار مصر كانت مكتوبة بخط اليد وأصباغ الرش أو الفرشاة وتختلف كلياً عن الأختام المستخدمة في شعارات البحرين».
أسباب تأزم العلاقة مع طهران
وبينت مسعد أن المعارضة البحرينية تأمل في كسب تأييد الثوار المصريين والرأي العام المصري للتأثير على كافة المناطق العربية، مضيفة «لا يمكن أن يستضيف النظام المصري المعارضة البحرينية، فمن أسباب توتر العلاقات المصرية الإيرانية هو موقف مصر من المشاكل الحاصلة في البحرين ومحاولة البعض تسميتها ثورة، وهي أساساً مجرد مطالب فئوية يُطلق عليها اسم مطالب سياسية واجتماعية».
وقالت إن الأوضاع الآن في مصر في حالة سيولة شديدة على الحدود، والقبضة الأمنية ليست في كامل قوتها وغير ممسكة بزمام الأمور، بدليل التفجيرات المتكررة لأسطوانات الغاز.
وأبدت تعجبها من اسم المركز الذي يزوره رئيس جمعية الوفاق علي سلمان وقالت «أول مرة أسمع بمركز النيل للدراسات والبحوث، ولا أعرف القائمين عليه، من المؤكد أنه غير مدعوم من النظام المصري».
وأوضحت «هناك مجموعة من القضايا المزمنة وترت علاقة دول الخليج بإيران، من أهمها القضايا الحدودية كاحتلال إيران للجزر الإماراتية الثلاثة طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى»، مضيفة «مطامع إيران المتكررة في البحرين واضحة، ولا تفتأ مسؤولوها رفيعو المستوى عن التصريح بين الفينة والأخرى بأن البحرين تتبع إيران، ثم يقال أن التصريح فُسّره بشكل خاطئ، ولكن كثرة الزلات توضح أن هناك أطماعاً إيرانية حقيقة بالبحرين، إضافة إلى تدخل إيران السافر في الشؤون الداخلية لدول الخليج وخاصة تعليقاتها المتكررة على تطور الأحداث في السعودية والبحرين».
وأردفت «سياسة إيران الخارجية واضحة فهي تستخدم أدوات معينة لتنفيذ سياستها الخارجية، وإحدى هذه الأدوات تصدير المذهب الشيعي سواء لدول الخليج أو لعموم المنطقة العربية، واستخدام الحرس الثوري والمساعدات الاقتصادية ورأينا نماذج كثيرة لهذا التوجه».
وأشارت مسعد إلى أن هناك قضايا مستجدة في العلاقات الإيرانية الخليجية وأقدمها قضية العراق، التي تعتبر من أهم الدول المطلة على الخليج والجارة اللصيقة لدول مجلس التعاون والواقعة بين إيران ودول الخليج العربية»، مضيفة «منذ سنة 2003 وإيران لا تكف عن التدخل في شؤون العراق، ونستطيع القول إن الاحتلال الأمريكي خرج من العراق وحل مكانه الاحتلال الإيراني، وهذا واضح للعيان إضافة إلى الكثير من التصريحات بأن العراق لا يحتاج أي تأمين، وهم أنفسهم يعترفون بأن إيران لها نفوذ كبير في العراق».
ونبّهت إلى دور إيران في إيصال نوري المالكي إلى السلطة وحتى بالتحايل على العملية الديمقراطية واستبعاد إياد علاوي فقط لأنه غير موالٍ لإيران»، لافتة إلى أن «ليس كل الشيعة مستهدفين من إيران، بل فقط من يدينون لها بالولاء».
وقالت مسعد «الملف النووي الإيراني هو قضية خليجية بامتياز، على صعيد احتمالية نشوب حرب بين إيران والدول الكبرى في مجلس الأمن، وإيران تصرح بأنها تستهدف المواقع الأمريكية في كل منطقة من العالم والأقرب لصواريخها هي القواعد الموجودة في دول الخليج»، مضيفة «من ناحية أخرى هناك تخوف من احتمال التسرب الإشعاعي على غرار تشرنوبل، وكثيراً ما سمعنا عن هذا التخوف وخاصة من الكويت، ولا ينبغي أن يتم التهوين منها أو التقليل من أهميتها».
الموقف من سوريا
وقالت مسعد «تسببت الأزمة السورية في توتر العلاقات الخليجية والعربية بإيران، لوقوف إيران مع النظام السوري في وقت اتخذت فيه الدول الخليجية والجامعة العربية موقفها في نصرة الشعب السوري»، منبهة إلى «التصريح الأكثر فجاجة لرئيس الحرس الثوري الإيراني بأن إيران لديها حرس ثوري في لبنان وسوريا وعندما قامت الدنيا بسبب التصريح الأول من نوعه، قيل إن الحرس ذهب للمساعدة الاستخباراتية فالحرس الثوري بطبيعته رديف للجيش وليس من مهامه تقديم مساعدات استخباراتية، إلا أن مهامه معروفة في ظل ظروف تمر بها سوريا فهو يقدم مساعدات لوجيستية وقتالية».
وفيما يتعلق بسياسية الرئيس مرسي تجاه إيران، قالت مسعد «الرئيس المصري أراد أن يمسك العصا من المنتصف، وأن يظهر أنه مختلف عن سابقه، وبما أن أحد ركائز السياسة الخارجية لمصر في عهد الرئيس السابق هي معاداة إيران ورفض إقامة علاقات معها على مستوى السفراء، فهو يريد أن يكون مختلفاً ويقول نحن مستعدون للتعاون مع إيران وأبدى استعداده لزيارة إيران وفعلاً ذهب إلى طهران».
وبينت أن الرئيس يدرك أن هناك مجموعة من القضايا في العلاقات الخليجية الإيرانية، وهناك مصالح لمصر بدول الخليج من علاقات استثمارية وعمالة مصرية بدول الخليج والامتداد العربي، ويحتفظ الرئيس بالعلاقات المصرية الإيرانية في شكل لا سلم ولا حرب، إضافة إلى احتفاظه بالعلاقات الخليجية المصرية على شكلها السابق ولربما تكون أقوى».
وشرحت مسعد «إيران لم تكتف بالتدخل بالقضايا والشؤون الداخلية لدول الخليج، ولكنها تدخلت أيضاً في الشؤون الداخلية لمصر، وحاولت إيران أن تسلب الثورة المصرية من أبنائها في بدايتها وتنسبها لنفسها، بادعاء أن الثورة مستلهمة من الثورة الإيرانية»، وعلقت «هذا التفكير كله طبعاً محض خيال إيراني، فلو أراد المصريون أن يستلهموا نموذج لثورتهم لاستلهموا ثورة 52 أو ثورة19 أو ثورة 82 فتاريخهم حافل بالثورات».
ولفتت إلى أن «الثورات تغنيهم عن النظر لإيران نظراً للاختلاف الشديد في ما يخص السياق العام للثورة، فثورة إيران تابعة لولاية الفقيه وثورة مصر وطنية خالصة واضحة وهناك اختلاف بين وصريح بين الثورتين».
وفي نفس السياق قالت مسعد «إيران لا تكف عن التعليق على مجريات التطورات السياسية في مصر، وتعليقها على محاكمة مبارك ونتائج الانتخابات إيجابية وتصب في صالح الرئيس الجديد، ولكن في المطلق هو تدخل في شأن داخلي لا يعني إيران أبداً»، مستغربة «إيران تعطي نفسها الحق بالتعليق على تطورات مصر، وترفض بالمقابل التعليق على أي تطور عندها كالانتفاضة الخضراء وحركة الأحواز».
ولفتت مسعد «بعد انتخاب مرسي حدثت أزمة مفادها أن الرئيس صرح لوكالة فارس بأنه لا مانع لديه من استئناف العلاقات مع إيران على مستوى السفراء، وخرج بعدها الناطق باسم رئيس الجمهورية وكذب هذا القول».
وأوضحت «محاولات إيران في إقامة علاقات مع أطياف دون الدولة، وقدمت العديد من العروض لاستقدام وفود شعبية تضم مثقفين ورجال دين وسياسيين وفنانين لفتح جسور بين إيران ومصر، ولكن في النهاية السياسة الخارجية تصنعها الدولة وليست الوفود».
وأضافت «لأول مرة يتكلم شيخ الأزهر تعليقاً على قضية تصدير المذهب الشيعي، أن إيران تمارس جهوداً حثيثة لنشر هذا المذهب»، وعدّت «هذه التخبطات من إيران بشأن مصر دليلاً قوياً على استماتة إيران بأن تكون علاقاتها مع مصر على مستوى السفراء إلا أن هذا الأمر مستبعد جداً بالوقت الراهن».