كتب - عبدالرحمن صالح الدوسري:الحديث عن سيرة صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء صفحات مليئة بالإنجازات التي يفتخر بها كل مواطن يعشق تراب هذه الأم البحرين التي ومنذ نشأتنا وهي تتحمل كل مطالبنا وتتسارع في الخطى لتلبيتهم دون الآخرين، وكان خليفة بن سلمان واحداً من أبناء هذه الأم الذي كان يحرص منذ صغره على تلمس مشاكل أهل البحرين ويسعى لتذليل كل الصعاب التي تواجههم، وله أيادٍ تضيء دروب التطور في بناء الإنسان البحريني.بدايته لم تكن بتسلمه رئاسة الوزراء لكن أعباءه قد جعلته منذ بدايته يقترب من أهل البحرين بحثاً عن تذليل كل الصعاب التي تواجههم في الحياة فقد كان يزورهم في الفرجان والمقاهي ويحاور كل أطياف أهل البحرين من الشباب وكبار السن وحتى الصغار.خليفة بن سلمان استطاع أن يكون الوالد الذي يبحث عنه الأهل عندما تواجههم المشاكل ولا يتأخر في تلبية طلب أهله في إعادة البسمة على مدى سنين طويلة نذر فيها نفسه لتحدي الصعاب في ديرته وإسعاد أهلها.قريباً من الناس منذ الصغركان مولد خليفة بن سلمان آل خليفة في يوم الأحد الموافق 24 نوفمبر1935 بعد عامين وبضعة أشهر من مولد أخيه الأكبر عيسى بن سلمان آل خليفة ونشأ الشقيقان معاً في رعاية والدهما الشيخ سلمان بن حمد آل خليفة حاكم البحرين الذي عمد على إعدادهما منذ نعومة أظافرهما للاضطلاع بالمسؤولية بتعليمهما القرآن الكريم على يد واحد من أشهر المشايخ في البحرين في ذلك الوقت ولم يكد سمو الشيخ خليفة يبلغ السابعة من عمره حتى أصدر الوالد أوامره بأن ينتظم مع أخيه في حضور مجلسه وهناك بدأ الاطلاع على مشاكل المواطنين وما يشغل اهتمامهم وعلى السياسة الحكيمة التي ينتهجها والده في إدارة شؤون الحكم ، وهناك أيضاً تعلما مبادئ حسن الاستماع وإكرام الضيف واحترام الكبير وغير ذلك من أسس الخلق القويم ولم تمض سوى فترة قصيرة حتى بدأ تعليمهما النظامي حيث عين والدهما مجموعة من أكفأ معلمي ذلك الوقت ليقوموا بتعليمهما المواد الأساسية وذلك قبل التحاقهما بإحدى المدارس التابعة للحكومة. في عام1957 تم ابتعاث الشاب خليفة للدراسة في بريطانيا، وكانت بدايته مع تكملة مشواره الذي بدأ في دراسة القرآن الكريم قبل أن يدرس على يد كبار العلماء في البحرين والذي كان لوالده الفضل الأكبر في ذلك. عضواً في لجنة بحث مشكلة الإيجاراتفي الأول من سبتمبر عام 1954، عين سموه عضواً ضمن لجنة الإيجارات، التي شكلها سمو الشيخ سلمان بن حمد حاكم البحرين (1942 – 1961) لدراسة مشكلة الإيجارات، التي طرأت آنذاك، ضمن مجموعة مشكلات اجتماعية واقتصادية، تمخضت عن آثار الحرب العالمية الثانية على البحرين. وفي الواقع، فإن تلك المشكلة، وإن كانت طارئة، ومحدودة، إلا أن تأثيرها، كان ينسحب على شريحة كبيرة، من المجتمع البحريني، وبالتالي، فقد أتاحت لسمو الشيخ خليفة، دائرة واسعة، ليتحرك خلالها، مبدياً قدراً كبيراً من الحنكة والدراية والمثابرة.المشكلة الإسكانية أولى اهتماماتهكانت المشكلة الإسكانية من القضايا التي أولى صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء ،اهتماماته بها خاصة باعتبارها حاجة ملحة للأسرة البحرينية، وقال سموه في منتصف سبعينات القرن الماضي “همنا الوحيد هو أن نرى كل مواطن في هذا البلد وقد أمن مستقبله ومسكنه”. فمنذ نحو 50 عاماً، بدأ صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة التصدي للمشكلة الإسكانية، وتحديداً بعد صدور المرسوم الخاص بإقامة مشروع الإسكان والتمليك في العام 1962. فكانت متابعته للتنمية الإسكانية في البحرين تتعدى توفير المبالغ المالية لإقامة المشاريع الإسكانية، باعتباره رئيساً للمالية حينها، نحو النزول إلى المواطنين في قراهم ومدنهم، للتعرف على احتياجاتهم ومشاكلهم، والعمل على حلها.وكان صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة، يرصد الشكاوى التي تنشر في صفحات الصحف المحلية، بخصوص المشكلة الإسكانية، ويقوم بالزيارات التفقدية المعلنة أو المفاجئة، للتعرف على مبتغى المواطنين ورؤيتهم للبيوت التي يرغبون في الحصول عليها وامتلاكها، وترجمة ذلك إلى واقع من خلال العمل الحكومي.منذ الستينات وحتى هذه الأيام، استفادت أكثر من 100 ألف أسرة بحرينية من الخدمات الإسكانية، ما بين وحدات سكنية وقسائم وقروض شراء أو ترميم، وذلك بتوجيه ومتابعة حثيثة من صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء.و كانت المشكلة الإسكانية قد حلت على المجتمع البحريني ، منذ ستينات القرن الماضي في ظل ازدياد أعداد السكان، والحاجة إلى التطور والنمو فبدأ ساكنو “البيت العود” - الذي يضم جميع أفراد الأسرة - يقلون، وأصبحت الاستقلالية ميزة يبحث عنها البعض، مما أدى إلى استدراك الحكومة البحرينية حينها لضرورة إنشاء مشاريع إسكانية تنموية، تساعد في سد فجوة الطلبات على الوحدات السكنية والأراضي، خصوصاً من قبل المواطنين ذوي الدخل المحدود.ومنذ عهد ما قبل الاستقلال، حمل سمو الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء، على عاتقه مسؤولية الاهتمام بتطوير المشاريع الخدمية والإسكانية للمواطنين، وذلك باعتباره وزيراً للمالية ورئيساً للجنة الإسكان في ذلك الوقت.تشكيل أول مجلس للمعارف في البلادفي مارس عام 1956م، أصدر المغفور له الشيخ سلمان بن حمد آل خليفة حاكم البحرين أمره بتشكيل أول مجلس للمعارف في البلاد برئاسة الشيخ مبارك بن حمد آل خليفة، وعين الشيخ خليفة عضواً فيه، ليخطو سموه خطوة جديدة على طريق العطاء.وبالرغم من أن المنصب الذي أوكل إليه كان مجرد عضوية في مجلس المعارف، إلا أن الأمر كان بالنسبة له مثيراً للغاية ولأن الإحساس بالمسؤولية في داخله كان متعاظماً، رأى الشاب المملوء حماسة لخدمة الوطن أن البداية ينبغي أن تكون من اللحظة الأولى التي شارك فيها بتأسيس هذا المجلس ليبدأ على الفور رحلة بحث طويلة في ملف تاريخ التعليم في البحرين، اكتشف من خلالها أن البداية الأولى للتعليم في البحرين جاءت في عام 1893، عندما قامت البعثة التبشيرية الأمريكية بافتتاح مدرسة تابعة للمستشفى الأمريكي، لتعليم اللغتين العربية والإنجليزية، وبحكم طبيعة هذه المدرسة، ظلت مهمتها التعليمية محدودة، واستمر الوضع على ما كان عليه حتى مطلع القرن الحالي، عندما بدأ الوعي التعليمي في التبلور والنمو من خلال تأسيس عدد من المدارس الأهلية. وقد أدهش الشيخ خليفة، وزاده في الوقت نفسه ثقة فيما يمكن أن يحققه تطوير التعليم في بلاده، ما عرفه من الخطوات التي حققتها مسيرة التعليم في البحرين، ابتداء من تأسيس أول مدرسة نظامية في البلاد عام 1919 من تبرعات الأهالي، ومبادرة الشيخ عيسى بن علي آل خليفة حاكم البحرين 1869 - 1932 بتخصيص مساحة الأرض اللازمة لإقامة هذه المدرسة كهبة من سموه للإسهام في هذا المشروع، وافتتاح أول مدرسة للبنات في البحرين عام 1928م، والتي كانت الأولى من نوعها في منطقة الخليج.كما استعرض الشيخ خليفة في رحلة البحث هذه ما حققته انطلاقة العملية التعليمية في البحرين من نجاح تلو نجاح، على درب إعداد أبناء البلاد الإعداد اللائق الذي يؤهلهم للقيام بدورهم في سبيل رفعة شأن بلادهم في مختلف المجالات.وبذل الشيخ خليفة بن سلمان كل طاقته لخدمة بلده من خلال مجلس المعارف، وفي تطوير لواجبات منصبهوعاد سموه إلى البلاد في يناير عام 1957م، وهو يحمل الكثير من الأفكار الجديدة للإسهام في تطوير التعليم في البحرين. وكان حماس الشيخ خليفة في أداء واجبه تجاه البلاد في هذا المجلس حماساً منقطع النظير، مما أكسب سموه ثقة وتقدير الجميع، وقد شجع ذلك الشيخ سلمان بن حمد آل خليفة حاكم البحرين، عندما قرر إعادة تشكيل مجلس المعارف في 13 يناير عام 1957م، على إسناد رئاسة المجلس إلى الشيخ خليفة، خلفاً للشيخ مبارك بن حمد آل خليفة الذي عين رئيساً لمجلس الصحة.وكان مجلس المعارف في تشكيله الجديد يضم كلاً من الشيخ خليفة بن سلمان آل خليفة رئيساً، والشيخ عطية الله بن عبد الرحمن آل خليفة، و حمد جاسم كانو، و راشد عبد الرحمن الرياني، وصادق محمد البحارنة، و محمد يوسف جلال، والشيخ خالد بن حمد آل خليفة، والحاج عبد الله بن خميس الشروقي أعضاء.وعقد مجلس المعارف أول اجتماع له بتاريخ 14 يناير 1957م برئاسة الشيخ خليفة بن سلمان، وكانت أولى التوصيات التي أصدرها تدعو إلى تولي المجلس إدارة تعليم البنين والبنات، حتى يتسنى الارتقاء بهما على نفس المستوى وبنفس التوجه، وقد عمل الشيخ خليفة بمجرد توليه مسؤولية رئاسة مجلس المعارف، على وضع برنامج لتطوير العملية التعليمية في البحرين، استناداً على أساس راسخ تمثل فيما حققته البحرين من سبق على المستوى التعليمي، ينبغي تطويره والبناء عليه، هذا بالإضافة إلى ثقة الشيخ خليفة الكبيرة في إمكانات وقدرات شباب هذا البلد على التحصيل العلمي والتفوق الدراسي في مختلف فروع المعرفة.وقام المجلس كذلك بمراجعة نظام السكن المقدم إلى المعلمين الأجانب، وزار القرى والمدن لدراسة المتطلبات اللازمة، ونصح بأن يكون التعليم الخاص تحت إشراف دائرة المعارف، لا سيما تلك المدارس التي كانت تضم عدداً كبيراً من الطلاب البحرينيين، ودرس المجلس أيضاً الحاجة الملحة إلى فتح صفوف جديدة، وركز المجلس بتوجهات من سمو الشيخ خليفة، على تحسين تعليم اللغة الإنجليزية، وتحديد أوقات التدريس المعمول بها في جميع المدارس، والمساواة بين خريجي المدرسة الصناعية وخريجي المدرسة الثانوية العامة عند توظيفهم.ولم يكن نشاط مجلس المعارف مقتصراً على ميدان التعليم وحده، بل امتد إلى ميادين ثقافية أخرى، مما عكس تفاني رئيسه وأعضائه في خدمة وطنهم، ومثال ذلك معرض الآثار المكتشفة الذي أقامه المجلس بالتعاون مع بعثة التنقيب الدنمركية يوم الأربعاء 27 مارس عام 1957، والذي كان الأول من نوعه في المنطقة، وقد أقيم المعرض في قاعة مكتبة المعارف الكائنة في مبنى دائرة المعارف، وتفضل الشيخ سلمان بن حمد آل خليفة حاكم البحرين بافتتاحهوجدير بالذكر أن هذا المعرض ضم مجموعة كبيرة من الآثار المهمة والنادرة، وكان من بينها حفريات قلعة البحرين والمناطق المحيطة بها، وحفريات من عين السجور ومعبد باربار الأثريين اللذين يعود تاريخهما إلى 3000 سنة قبل الميلاد، وقد كان اكتشاف هذه الحفريات ثمرة جهود البعثة الدنمركية التي بدأت عمليات التنقيب عن الآثار في البحرين عام 1945م. أول مدرسة نظامية في البحرينعندما أدرك أهالي البحرين أو بالأحرى أهالي المحرق من حكام وشيوخ وتجار في ذلك الوقت، أهمية العلم في حياة الشعوب، بدأ هؤلاء في الاكتتاب لجمع التبرعات لتشييد أول صرح للعلم والمعرفة على أراضي البحرين، وسار الجميع حكاماً وشيوخاً وتجاراً في تنفيذ ذلك الحلم الذي أصبح حقيقة في عام 1919م ، حيث برزت إلى الوجود أول مدرسة نظامية بنيت من مجهودات أهلية مشتركة وهي مدرسة الهداية الخليفيةوفي عام 1921 بنيت مدرسة ثانية بعد مدرسة الهدايا الخليفية، وكانت في مدينة المنامة، وهي مدرسة الهداية أيضاً، وقد استؤجر لها في البداية بيت كبير كان يستعمل في الأصل كمقر للمستشفى الأمريكي، أما خلال عام 1927م فقد بنيت مدرستان أخريان، إحداهما في مدينة الحد، والثانية في مدينة الرفاع الشرقي ومن الجدير بالذكر بأن جميع هذه المدارس الأربع كان يطلق عليها اسم مدرسة الهداية الخليفية. وقد بدلت أسماؤها فيما بعد وسميت باسم المدينة التي تقع فيها ما عدا مدرسة الهداية الخليفية للبنين بالمحرق، حيث ظلت تحمل هذا الاسم حتى يومنا هذا، أما بالنسبة للقرى فقد بنيت أول مدرسة في عام 1935 بقرية سترة، وبعد ذلك بسنتين فتحت مدرستان في البديع والخميس، وقد كان لهذا القرار الجريء الذي سعى المجلس إلى تحقيقه وهو فتح مدارس للبنات في القرى الصدى الكبير في البحرين بل وفي منطقة الخليج، حيث إن تعليم البنات كان حتى ذلك الوقت مقتصراً على المدن الأربع الرئيسة في البلادبرنامج مكثف للتنويع الاقتصاديعندما تسلم سمو الشيخ خليفة بن سلمان آل خليفة السلطة التنفيذية في دولة البحرين عام 1961م، عمل على عدم الاعتماد الكلي على النفط كمصدر للدخل، نظراً لانخفاض الاحتياطي وبالتالي انخفاض مساهمته في الاقتصاد الوطني، وهذا هو أحد الأسباب التي دفعت سموه منذ بداية الستينات إلى وضع برنامج مكثف للتنويع الاقتصادي وذلك باستغلال المواد الطبيعية الموجودة في البحرين مثل الغاز وتحويلها إلى قيمة مضافة أو استخدامها كمصدر للطاقة ، كما إن موقع البحرين الجغرافي الوسيط بين الأسواق الصناعية الرئيسة في العالم، بالإضافة إلى سياسة تشجيع الاستثمار الأجنبي التي كان لها دور في استقطاب الشركات الأجنبية التي أبدت اهتماماً بإنشاء صناعات في البحرين، ومنها الغذائية والدوائية، والشركة العربية لإصلاح وبناء السفن، وشركة كريات الحديد، والعديد من المناطق الصناعية التي أقيمت في البحرين، إضافة إلى حصول مصانعها على شهادات “أيسو العالمية” التي تعتبر من أفضل شركات الجودة والمقاييس في العالم.وقد شهد القطاع الصناعي في مملكة البحرين منذ مطلع الستينات تطوراً ملحوظاً، حتى وصلت منتجات مصانع البحرين إلى معظم دول العالم نظراً لجودة إنتاجها وتميزها، فبعد أن كان القطاع الصناعي سابقاً، مقتصراً فقط على بعض الصناعات المحلية اليدوية، مثل صناعات السفن والمنسوجات والأشرعة، دخلت مملكة البحرين في عصرنا الحالي الصناعات الثقيلة مثل صناعة الألمنيوم “مصنع صهر الألمنيوم” وصناعة البتروكيماويات والبلاستيك والصناعات .وفي يناير 1969 تم التوقيع على عقد بناء المصهـر، وتفضل المغفـور له الشيخ عيسى بن سلمـان آل خليفة حاكم البحرين آنذاك بصب أول سبيكة ألمنيوم لشركة ألبا في مايو 1971 بطاقة تصميميه قدرها 120 ألف طن سنوياً، وتضاعف الإنتاج على مدى السنوات حتى وصل اليوم إلى 510 آلاف طن متري سنوياً، الأمر الذي يجعل مصنع ألمنيوم البحرين من أكبر المصاهر الموجودة في العالموقد تمكن مكتب الحكومة للتطوير والإنماء، والذي كان يرأسه الشيخ خليفة، من تحقيق نجاح كبير لتنشيط الوضع الاقتصادي في البلاد، فقد أعلن في مؤتمر صحافي عقد في فندق دروشستر في لندن يوم الأول من أكتوبر عام 1968”وجاء في البيان الرسمي لهذا المؤتمر أنه سوف يقام مصهر لصناعة الألمنيوم في البحرين، وأنه قد سبق هذا الاختيار للموقع إجراء دراسات لإنشاء هذا المصهر في كل من نيوزلندا وأيسلندا والنرويج، إلا أنه تم اختيار البحرين لتوفر الطاقة لديها، وكذلك لموقعها الجغرافي الوسيط بين الأسواق الصناعية الرئيسة في العالم.مؤسسة نقد البحرينكان لرئاسة الشيخ خليفة بن سلمان لمجلس إدارة مجلس نقد البحرين منذ تأسيسه في عام 1964، واستمرار سموه في رئاسة مجلس الإدارة بعد تحويله في عام 1973، دور هام في دفع البحرين لتتبوأ مكانة عالمية كمركز مالي ومصرفي متطور، يضم أكثر من 20 مصرفاً تجارياً و125 وحدة مصرفية خارجية ومكتب تمثيل، ويرى سمو الشيخ خليفة أن اختيار هذا العدد الكبير من البنوك والمصارف العالمية لدولة البحرين لتكون مقراً لها أو لفروع تابعة لها، لم يكن وليد الصدفة، وإنما جاء نتيجة لدراسات دقيقة أكدت المكانة التي تتمتع بها البحرين في ظل ظروف تنافسية شديدة تشهدها هذه المنطقة ومناطق أخرى عديدة من العالم لاستقطاب هذه البنوك والمصارف.وتعود قصة استقطاب واجتذاب البنوك ووحدات الأوفشور إلى البحرين، إلى ما قبل عام 1975، حين بدأ الشيخ خليفة تنفيذ خطة متكاملة أولاها جل اهتمامه ورعايته، وقد تضمنت تلك الخطة إقرار حوافز تشجيعية وتنافسية، استكمال التشريعات الاقتصادية والمصرفية، والعمل على أن تأخذ هذه التشريعات صفة الثبات، وأن توفر الحماية والضمان اللذين ينشدهما أي مصرف أو مؤسسة مالية ترغب في افتتاح فرع لها في البحرين، أضف إلى ذلك مواصلة العمل على استكمال البنية الأساسية بما يوفر كافة التسهيلات والخدمات التي تحتاجها هذه المصارف، وهكذا أصبحت البحرين نقطة جذب قوية لمختلف هذه البنوك والمؤسسات المصرفية. وكان افتتاح مشروع الوحدات المصرفية الخارجية في منتصف السبعينات بمثابة أول خطوة رئيسة تقدم عليها البحرين، لبناء نظامها المصرفي الحديث، وقد أقيم هذا المشروع بهدف تحويل البحرين إلى سوق دولية في غضون ثلاث سنوات، ولم تكد هذه السنوات تنتهي حتى كانت هذه المؤسسة الوليدة الرائدة تقدم تراخيص العمل للكثير من المصارف العالمية المعروفة، لفتح فروع لها في البحرين، وبعد أن كان عدد الوحدات المصرفية في البلاد لا يتعدى 18 وحدة عند بداية المشروع، فإنها بلغت 64 وحدة مصرفية خارجية، بالإضافة إلى 47 مكتباً تمثيلياً للمصارف العالمية المختلفة،و 8 بنوك استثمارية، وذلك في غضون فترة وجيزة. وكان الشيخ خليفة بن سلمان، باعتباره رئيس مجلس إدارة مؤسسة نقد البحرين، يشدد دائماً على ضرورة إجراء الدراسات الدقيقة والوافية، قبل منح تراخيص إنشاء فروع العمل المصرفي في البلاد، وقد أسفر ذلك إلى حدوث تطور جديد في الحركة المصرفية، حيث استحدث في البلاد إنشاء مؤسسات مالية للاستثمار، هدفها تمويل المشروعات الجديدة في البحرين. ويتبقى لسموه الكثير من المساهمات اليوم التي يتلمس من خلالها قضايا المواطنين من خلال زياراته المتكررة إلى كافة مناطق البحرين ومناقشة المواطنين في مشاكلهم وإصدار أوامره بحلها.ويطمح أهل البحرين بأن يكون لسموه مكتب خاص يلحق بديوان سموه يحل قضايا الناس من خلال مقابلاتهم بصورة مباشرة بعيداً عن الرسائل والاتصالات والمراجعات والبيروقراطية التي تعطل أمور الكثير من أبناء الوطن في البحث عن الوزراء والمسؤولين في مختلف وزارات الدولة وهذا المقترح لن يكون بمستعصي على رجل نذر نفسه وصحته لأبناء ديرته أينما تواجدوا.