كتب- محرر الشؤون المحلية:
يؤكد مراقبون أن عيسى قاسم لم يتورع وهو يعتلي منبر رسول الله “ص” من الكذب والخداع والتبرؤ من أقواله وأعماله، ولم يرعوي عن قلب الحقائق وتبديلها، وإنما يحاول أن يرسخ مفهوم دولة داخل الدولة، على طريقة حزب الله في لبنان. وأشاروا إلى أن قاسم لم ينفك من الإساءة المباشرة للسلطة والحكومة واتهامها بـ “الإرهاب” فيما يحاول جاهداً في خطبه أن يؤكد بعده عن التحريض على العنف وقتل رجال الشرطة وأن يتبرأ من ذلك، دون إدانة قتلهم وسحقهم، وتشهد دعوته المباشرة ضد رجال الشرطة “اسحقوهم” التي حصدت شهداء الواجب، وتسببت في إصابة أكثر من ألف مصاب بإصابات بالغة، على تحريضه ودعوته إلى العنف والقتل.
وقالوا إن محاولات قاسم التبرؤ من كلمة “اسحقوهم” أكدت بما لا يدع مجالاً للشك مسعاه إلى فرض واقع على الأرض، غير واقع الدولة المدنية المبني على قوة وسيادة القانون، إذ أنه يقول في خطبته (تقتطع كلمة “اسحقوهم” من سياقها الذي ينصبُّ على الدِّفاع المشروع عن العرض)، وتلك هي السياسة التي تسعى لها إيران في خضم الأوامر المتتابعة والاستراتيجية المنظمة في البحرين والمنطقة، والمتمثلة بخلق “قانون غاب” تماماً مثلما كان الحال لدى حزب الله عندما سيطر على إرجاء بيروت بحجة فرض الأمن والدفاع عن النفس. علماً أن القانون البحريني في المقابل نجد أن الأمين العام لجمعية الوفاق على سلمان ينهج سلوك الزعيم الروحي للجمعية ويكمله في التبرؤ الأعمى من مشروعات الولي الفقيه، حينما يحاول التلاعب بالألفاظ، وتبرير أن “المرتزقة” هم من يسعون لكسب الرزق، أو من خلال نفيه أن يكون قد قصد من مصطلح “ثورة” إسقاط النظام، وإنما المطالبة بالحرية والديمقراطية والمساواة واحترام حقوق الإنسان. على حد قوله.
قاسم يتحدى القانون
ويعد اتهام قاسم للحكومة بـ« ممارسة الإرهاب” علانية من خلال خطبة، ضمن التحديات المتواصلة للقوانين والقضاء في البحرين، متجاهلاً في ذلك خطاب وزير العدل الأخير بأن ليس هناك إماماً أو خطيباً أو رجل دين معصوم من المحاسبة والمساءلة القانونية، وضارباً بكل القيم الداعية لفرض سيادة القانون والدولة عرض الحائط. الأمر الذي دعا عدداً من البرلمانيين والمواطنين ترديد أن من “أمن العقاب أساء الأدب”.
ويقول قاسم في خطبة الجمعة أمس مبرراً لنهج “اسحقوهم” والتمادي فيه باعتباره - على حد زعمه- أنه الوسيلة الأنجع للدفاع عن النفس إن “السُّلطة في البحرين تمارس العنف والإرهاب غير المُبَرَّر في حقِّ الشعب (...) إذا كانت دعوةٌ “أي دعوتنا” إلى الدفاع عن العرض كان هذا إرهاباً”.ومن خلال ذلك تعتبر ممارسات قاسم في التحريض المتواصل في حذ ذاتها أعمالاً إرهابية وتعتبر خروجاً على المسيرة الوطنية الواحدة، ومظهراً مرفوضاً للإخلال بالأمن والنظام العام، وتنكراً لمبدأ التعبير السلمي المصون عن الموقف والرأي، وممارسة غير مشروعة من شأنها النيل من استقرار الوطن وإشاعة الفوضى وانتهاكاً لحقوق الإنسان، إذ أن استخدام الأسلحة البيضاء والأدوات الحادة والمولوتوف وصنع القنابل والمتفجرات في الاعتداء على رجال الشرطة من قبل المتظاهرين يشكل انتهاكاً صارخاً للحق في الحياة والسلامة الجسدية وخرقاً واضحاً لسيادة القانون وترويعاً للمواطنين الآمنين ويتناقض مع قيم الحوار وفض النزاعات بالطرق السلمية.كما إن القوى والهيئات الحزبية ومختلف الأطياف السياسية والشرائح الراغبة في التعبير عن الرأي والتجمع السلمي تدعو إلى ممارسة هذين الحقين ضمن أقصى درجات الانضباط والتقيد التام بمقتضيات الأمن والسلم الاجتماعي، في إطار يعمل على إدامة نعمة الأمن والاستقرار واحترام حقوق الإنسان بعيداً عن كافة مظاهر العنف وبطريقة لا تلحق الضرر في الممتلكات العامة والخاصة أو تعيق حركة الحياة العامة أو تلحق الضرر بالسلوك العام والصحة والسكينة العامة.
لا استثناء في القانون
ويرى كثيرون أن إعمال القانون وتطبيقه على الجميع من شأنه أن يقوض جهود التحريض الساعية إلى زعزعة الأمن والاستقرار والتغول الخارجي، ويدللون على ذلك بأن المادة (36) من قانون العقوبات البحريني تنص على أن الشروع في القتل هو (عمل إيجابي أو سلبي يأتيه الفاعل بقصد ارتكاب جناية القتل من شأنه أن يؤدي مباشرة إلى اقتراف الجريمة وذلك إذا لم تتم فإذا كانت عقوبة من قتل موظفاً عاماً قاصداً إزهاق روحه هي الإعدام فالشروع في القتل يخففها وتصبح السجن مدى الحياة). ومثال لذلك أن “من يقوم بتفجير قنبلة بقصد قتل رجال الشرطة أثناء تأدية واجبهم يكون قد اكتمل لديه القصد الجنائي الخاص لجريمة القتل العمد في حالة وفاة أحد رجال الشرطة. أما إذا لم يتوف أحدهم فنحن بصدد جناية الشروع في القتل وتعتبر المواد المتفجرة أداة قتل إذا استعملت في إزهاق روح إنسان، أما في حالة الشروع فإن الوفاة لا تتم بسبب خارج عن إرادة الجاني لسرعة إسعاف المجني عليهم أو لوجود حاجز يحميهم أو لأي سبب آخر، فالشروع في القتل مثله مثل القتل العمد يتطلب نية إزهاق الروح لدى الجاني ولكن الفرق في النتيجة والعقاب”.
ويضيف المشرع أنه “ولا استثناء في المحاكمة الجنائية للشروع فقد شدد في العقاب إذا كان المجني عليه موظفاً عاماً أو إذا توفى شخص نتيجة الدهس العمد بالسيارة أو تفجير قنبلة، حيث إن للقضاء حسابات من حيث التخفيف لكون الواقعة شروعاً في القتل ثم التشديد إذا اقترن الشروع بجريمة أخرى هي القتل العمد إذا توفى أحد المجني عليهم المصابون ويزداد التشديد في حال أن المجني عليهم موظفون عموميون يؤدون واجبهم الوطني”. وتطبيقاً لهذه القاعدة القانونية فإن الجاني يواجه جناية القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد مضافاً إليه (في حالة وفاة أحد من المجني عليهم) شروع في قتل أما صفة المجني عليه فهو ظرف خاص يستوجب التشديد لأنه موظف عام.