أحمــــــــــــــد جاســـــــــــم

في الأسبوع الماضي قدّر الله أن أنام في المستشفى لإجراء عملية جراحية في الأنف، وأن يمنحني الطبيب بعد ذلك إجازة مرضية لمدة أسبوعين، وهذه المدة بالنسبة لي شخصياً هي منحة بل هدية كنت أحلم بها من سنوات، لا لقصد العلاج فقط بل لأنها إجازة إجبارية عن كل المشاغل الأخرى، إذا كنت مجبراً على المكوث في البيت بعد العملية وعدم التعرض للأجواء المتقلبة وحرارة الشمس، فكان لزاماً علي أن لا أخرج إلى برنامج أو بروفة مسرح أوحتى زيارة قريب أو صديق خاصة خلال الأيام العشرة الأولى، ولم أكن أعطي هذه النعمة حق قدرها إلا بعد أن حصلت على نتائجها، فلقد منحتني هذه الأوقات الجلوس مع الأهل لأوقات أطول وتزامن ذلك مع إجازة لأم العيال والتقيت معها على مائدة الإفطار والعشاء منفردين مرات عديدة، واستشعرت أجواء المتقاعدين من الأزواج عندما يستريحون من إزعاج الأولاد في صبيحة كل يوم، ولما تماثلت للشفاء في الأسبوع الثاني كانت لي معها فرصة رائعة لقضاء بعض الأعمال الخارجية الخفيفة وخاصة استكمال شؤون العيد، كما منحتني هذه الإجازة تركيزاً ومتابعة لمستوى الأولاد الدراسي واقتحام شنطهم المدرسية لدواعي التفتيش الأمني المدرسي ! ذلك لأن أيأم الدوام أرجع أنا وأم العيال من العمل ونحن في غاية التعب فنضطر لأخذ قسط من الراحة، فلا تكفي بعد ذلك المتابعات الحقيقية لدراسة الأولاد.
كما استطعت خلال هذه الفترة من الجلوس أمام كتبي الحميمة للقراءة ما لا يقل عن أربع إلى خمس ساعات يومياً واستطعت أن أعيد قراءة بعض النصوص المسرحية التي كنت أنوي إعدادها للعروض القادمة فأنجزت إعداد نصين مسرحيين هما من أفضل ما كنت أتمنى تجهيزه من سنوات، فأعددت بذلك خطة سنة كاملة من العروض المسرحية، أحد هذه النصوص أنجزته في اليوم التالي مباشرة للعملية وأنا على السرير بعد الفجر مباشرة ! ومن ناحية أخرى ومن بركات هذا المرض أن زارني في البيت معظم زملائي الذين كنت دائماً ما أنوي دعوتهم مسبقاً ولكن لكثرة انشغالاتي لم يتسنَ لي ذلك.
هذه أجزاء مختصرة من مشهد الإجازة الجميلة التي قدر الله أن تكون إجبارية لي، ولا نقول إلا يارب أبعد عن الجميع كل شر، ولكن أعنهم ليتذوقوا حلاوة استثمار الأوقات في زمن المرض والإجازات حتى يحمدوك في السراء والضراء، فلله الحمد والمنة على كل حال ولا يُحمد على مكروه سواه .