اتخذت وزارة التربية والتعليم عدة إجراءات لتخفيف وزن الحقيبة المدرسية بالنسبة لطلبة المرحلة الابتدائية بما يتناسب مع المرحلة العمرية، وتأتي هذه الخطوة بناء على توجيهات وزير التربية والتعليم في هذا الخصوص.
ستعمل الوزارة في القريب على ترك الكتاب المدرسي الخاص بالطالب في المنزل للدراسة والمراجعة، في حين يكون لدى المعلم نسخٌ من الكتاب المدرسي يتم توزيعها داخل الصف مع بداية الحصة على جميع الطلاب وجمعها في نهايتها.
أما بخصوص التمارين والتطبيقات العملية فسيتم تحويلها ورقياً، بما يعفي الطالب من حمل جميع الكتب بشكل يومي ذهاباً وإياباً، على أن يتم توفير متطلبات نجاح هذه العملية، وبذلك ستقتصر الحقيبة المدرسية على الدفاتر والكراسات التطبيقية، هذا إضافةً إلى جهود الوزارة في التوسع تدريجياً في تحويل المناهج الدراسية إلى مناهج إلكترونية، وجعل الصف المدرسي صفاً إلكترونياً.
الجدير بالذكر أنه سبق للوزير إصدار قرار بتشكيل لجنة تختص ببحث أفضل السبل للحد من الآثار السلبية لوزن الحقيبة المدرسية، حيث قدمت اللجنة عدداً من المرئيات التي تؤدي إلى الحد من هذه الآثار بشكل ملموس، ومنها تسريع عملية تحويل الكتب الورقية إلى كتب إلكترونية، حيث تم الانتهاء من تحويل أكثر من 170 كتاباً إلى الصيغة الإلكترونية، وتوجيه المدارس إلى العمل على الاستغناء عن الدفاتر في المواد التي بها كراسات تمارين، وإرشاد المعلمين وأولياء الأمور لتقليل حجم الدفاتر وتقنين الواجبات المدرسية، إلى جانب إصدار تعميم بمواصفات الحقيبة المدرسية المثالية، وماتزال اللجنة مستمرةً في عملها.
أولياء الأمور يشيدون بهذه الخطوة
أجمع عدد من أولياء أمور طلاب المدارس على أهمية إيلاء ملف الحقيبة المدرسية الاهتمام المطلوب، معتبرين أن إجراءات وزارة التربية والتعليم الجديدة في هذا الجانب سوف تسهم في حل المشكلة، لاسيما وأن التلاميذ يعانون من الحمل الثقيل على ظهورهم.
وقالت سارة يوسف وهي أم لثلاثة أطفال في سن المدرسة أن هذه الخطوة تأتي استجابة لمطالبات طويلة بتغيير نظام التعليم، وتوزيع المقررات على أيام الأسبوع بحيث لا يحمل الطالب جميع الكتب معه ذهاباً وإياباً، مؤكدة أن الأطفال يعانون كثيراً من الأحمال الثقيلة.
أما خالد محمد وهو أب لخمسة أبناء أكبرهم في الجامعة، يقول إن تخفيف ثقل الحقيبة المدرسية حاجة ماسة، ففي ظل التطور التكنولوجي، وتطور التعليم وأساليبه، ثمة العديد من الحلول التي تضمن تخفيف الحقيبة من جهة دون الإخلال بالجانب التعليمي من جهة أخرى.
أما فاطمة جاسم وهي أم لأربعة أبناء جميعهم في مدارس التربية والتعليم، فترى أن إيلاء الوزارة هذا الاهتمام يأتي تأكيداً على الأخذ بملاحظات أولياء الأمور الطويلة، فكل أولياء الأمور كانوا يطرحون هذه الملاحظة على إدارات المدارس، وهذا التحرك الأخير والاستجابة لتخفيف الحقيبة المدرسية يؤكد على التفاعلية بين الأسرة والمدرسة لما فيه خير الطلاب.
مضار الحقيبة المدرسية
يرى الأطباء أن حمل ثقل زائد في الحقيبة المدرسية يعرض الأطفال لآلام في الرقبة والذارعين والكتفين والظهر وحتى القدمين.
وقد تسبب أحياناً ضغطاً على القلب والرئتين نتيجة تشوه الهيكل العظمي والعمود الفقري الذي يصبح على شكل حرف (C) مما يستلزم عملاً جراحياً، ولذلك يحذر الأطباء من حمل الأطفال لتلك الحقائب الثقيلة وبخاصة على أحد الكتفين، إذ إن احتمال إصابتهم بأمراض الظهر حينها 30% في حين أن الاحتمال يتناقص إلى 7% فقط في حال حملها على كلا الكتفين.
كما إن حمل الحقيبة على كتف واحدة يسبب انحناء جانبياً وقد يؤدي إلى سير الطفل بطريقة غير طبيعية ومختلة.
ومن نتائج الثقل الزائد في الحقيبة المدرسية أنه يؤدي إلى استدارة الظهر إلى الأمام أو تحدّبه مما يؤثر على شكل الجسم بصفة عامة وعلى العظام والجملة الحركية بصفة خاصة.
الوقاية دور الأهل والمدرسة
الأسلوب المجدي للوقاية من مثل هذه الإصابات يتمثل في عدم حمل الطفل حقيبة مدرسية ثقيلة وبخاصة في سنواته الدراسية الأولى، ويكفي جداً ثلاثة أو أربعة كتب، وثانياً ضرورة تعويد الطفل على حمل الحقيبة بطريقة صحيحة بحيث لا يستسلم لثقل الحقيبة ويميل بجسمه معها، بل يحاول دائماً أن يحافظ على توازن واستقامة عموده الفقري.
ويؤكد الأطباء أن أفضل طريقة لحمل الحقيبة المدرسية هي حملها على الظهر وليس على أحد الجانبين، ولاكتشاف أي تشوهات في العمود الفقري تنصح كل أم بملاحظة مستوى كتفي طفلها فإذا وجدت اختلافاً في مستواهما أو ميلاً في الرقبة أو عدم اتزان في أثناء المشي أو ظهور تقوّس لأحد الجانبين في الظهر، عليها استشارة الطبيب.
أما المدرسة فيمكنها تقديم العون الأكبر لهؤلاء التلاميذ الصغار، فإما أن تنسق بين التلاميذ بحيث يحمل كل تلميذ كتاب مادة معيّنة والآخر كتاباً لمادة ثانية، أو أن تؤمّن قاعة مكتبية تحوي كتب المنهاج الدراسي فتوزع على كل مجموعة من التلاميذ نسخة من الكتب المقررة يستعملونها في المدرسة فيما يتركون كتبهم في المنزل ويتابعون فيها.
المضار الصحية للحقيبة المدرسية
وكانت دراسة نشرت في «فيينا «أن أمراضاً وتشوهات في العمود الفقري والمفاصل قد ظهرت بين طلبة المدارس نتيجة لعدد الكتب والكراسات التي يحملونها من وإلى المدرسة، وأحصت الدراسة مجموع ما يحمله الطفل النمساوي سنوياً من الكتب والدفاتر بما يعادل (2 و3) أطنان، وقد طالب وزير التربية المعلمين والمعلمات بتقليل طلباتهم عن الطالب، وتقليل عدد الكتب التي يحملها الطالب بحيث لا يزيد وزنها عمَّا يتراوح بين 10 و12% من وزن الطفل.
إن الحقيبة المدرسية مع محتوياتها تزن بين 25-40% تقريباً من وزن الطفل الذي لم يشتد عوده بعد لحمل مثل هذا الثقل مما أثار انتباه الأطباء وخوفهم على جيل الغد المعرض للكثير من الأمراض، الأمر الذي يؤدي إلى تخلف الأطفال عن مدارسهم سواء لضرورة تقديم العناية والمعالجة الصحية لهم أو بسبب ملل الأطفال أنفسهم وتعبهم من حمل تلك الأثقال الإلزامية.