قُرأت في جامعة البحرين مؤخراً، وضمن فعاليات أسبوع المنامة عاصمة الثقافة العربية، سيرة المؤرخ البحريني مبارك الخاطر. وخصصت اللجنة الثقافية بقسم اللغة العربية والدراسات الإسلامية في الجامعة الأسبوع الحالي للاحتفاء باختيار المنامة عاصمة للثقافة العربية، وجعلت اللجنة رواد الثقافة والأدب البحريني عنواناً وموضوعاً لفعاليات الأسبوع، ومن المقرر أن تنظم الأربعاء المقبل ندوة أخرى عن أحد رواد الثقافة والأدب في البحرين. شارك في الندوة أستاذ الأدب والنقد في كلية الآداب د. إبراهيم غلوم، وعضو هيئة التدريس في قسم اللغة العربية والدراسات الإسلامية د. ضياء الكعبي، فيما أدار الندوة رئيس اللجنة الثقافية د. خليفة بن عربي. وعدَّ غلوم المؤرخ الخاطر حلقة قوية ومتينة ربطت بين جيل الستينات والأجيال السابقة، وكسرت حالة القطيعة مع تجارب سابقة لهذا الجيل، وكان ذلك أمراً “تاريخياً”. وأوضح أن الخاطر كتب عن شخصيات تاريخية، أمثال عبدالله الزايد، وقاسم المهزع، وناصر خيري وآخرين، بروح معايش لا ينقطع وكأن هذه التجارب حدثت أمامه. وقال إن أبحاث وكتب الخاطر كان لها إيقاع ذاتي، تنطلق من إحساس الوفاء والإشفاق لرجال الثقافة والفكر السابقين، سواء أكانوا رجال دين أم معلمون أم مثقفون، ورأى غلوم أن الخاطر في كتبه قدر إسهامات الجيل الماضي الجليلة وحاول أن يزيح عنها العمى والنسيان. وأضاف “كثيرون نظروا إلى كتابات مبارك الخاطر على أنها وثائق خاصة الأكاديميين منهم، ولكنها ليست كذلك”، وقال “الخاطر صنع منهجاً مختلفاً له سماته الخاصة”. وأوضح أن “من أهم سمات منهج الخاطر تتمثل في تعامله مع الثقافة باعتبارها كتلة تتسع ولا تضيق، وتستوعب السياسة والاقتصاد والثقافة، كما إنه كان أثنولوجياً أي باحثاً في علم الأجناس البشريّة وخصائصها وأخلاقها، وكان ينزل إلى بحث نصوص ركيكة ولم يكن مستعلياً لا على الكبار ولا على الصغار في سبيل البحث”. ولفت إلى أن الخاطر استعار وبشكل دقيق مجموعة من العمليات التي يقوم بها المحققون للنصوص مثل: الاستقراء والتتبع. أما الدكتورة ضياء الكعبي فتحدثت عن “مبارك الخاطر وتأسيس ذاكرة التنوير البحريني الحديث”. ولفتت د. الكعبي إلى أن الخاطر اشتغل على الحقبة التنويرية من القرن التاسع عشر إلى منتصف القرن العشرين، عندما أرّخ بكتاباته لعدد كبير من الرواد الأوائل، إذ بدأ بنابغة البحرين الأديب عبدالله الزايد، ثم القاضي الشيخ عبدالله بن مهزع، ووقف عند مضابط التعليم الحديث في البحرين، والمنتدى الإسلامي وأرخ لمؤرخ تنويري إماراتي. ووصفت حقبة الخاطر بأنها “إشكالية”، وشهدت ظهور العديد من رجالات الثقافة والتعليم في البحرين، الذين بدؤوا تواصلاً مع الآخر العربي وغير العربي من خلال جرائد كالعروة الوثقى والمنار وغيرهما. ورأت أن السمة الرئيسة التي ميزت مشروع مبارك الخاطر في تلك الفترة تتبعه لتاريخها ليكون مؤرخاً لحركة التنوير.