بدأ أكثر من مليوني مسلم يتوافدون من شتى بقاع العالم إلى مكة المكرمة لأداء فريضة الحج وسط تأكيد السلطات السعودية استعداداتها لضمان الأمن بعيداً عن الأحداث التي تشهدها المنطقة.
ويتجمع الوافدون تبعاً لبعثات الحاج الخاصة ببلدهم مرتدين لباس الإحرام تمهيداً لبدء المناسك الأربعاء المقبل على أن تبلغ ذروتها الخميس بالوقوف على جبل عرفات عشية عيد الأضحى.
يذكر أن الحج يبدأ الأربعاء بيوم التروية في منى، يليه الخميس يوم الوقوف بصعيد عرفة عند جبل عرفات وهو الركن الأعظم من الحج، وينفر الحجيج مساء إلى مزدلفة حيث يمكثون لبعض الوقت ويلتقطون الحصى، قبل العودة إلى منى في اليوم الأول من عيد الأضحى الجمعة لرمي جمرة العقبة الكبرى وذبح الهدي أو النحر ثم الحلاقة أو التخفيف ثم طواف الإفاضة حول الكعبة والسعي بين الصفا والمروة.
وتأتي بعد ذلك أيام التشريق الثلاثة (السبت والأحد والاثنين) التي يمكن للمتعجل العودة إلى بلده لظرف ما أن يختصرها إلى يومين فقط. ويقوم الحاج في أيام التشريق بالخصوص برمي الجمرات الثلاث (الكبرى والوسطى والصغرى) بسبع حصيات مع التكبير رمزاً لرفض غواية الشيطان، وينهي الحاج مناسكه بطواف الوداع حول الكعبة.
وقال كوارا عبد الرحمن (32 عاماً) وهو رجل أعمال من بوركينا فاسو، “إنها المرة الأولى التي أحج فيها (...) أتطلع للوقوف على جبل عرفات”.
ووصل حتى مساء السبت حوالي 1,6 مليون من الحجاج القادمين من خارج المملكة، ومن المتوقع أن ينضم إليهم ما لا يقل عن 750 ألفاً من الداخل غالبيتهم من المقيمين.
وتؤكد السلطات أنها على أهبة الاستعداد لمواجهة أي طارئ إن كان ذلك على الصعيد الأمني أو الصحي أو اللوجستي.
وفي هذا السياق، قال وزير الداخلية الأمير أحمد بن عبد العزيز مساء السبت، إن أمن الحج لن يتأثر بما يجري في سوريا أو غيرها من أحداث.
وأضاف “ما أتوقعه أن الحج والحجيج لا يتأثرون بما هو حاصل في الجهات الأخرى (...) وبالتالي لا أعتقد سيكون هناك مردود على أمن الحج بالنسبة ما يقع للأسف في أماكن أخرى سواء في سوريا أو غيرها”.
ورداً على سؤال حول ما تردد عن منع المملكة الوفد السوري من الحج، أجاب “المؤكد أن المملكة لم تمنع لا وفداً سوريا ولا حجاجاً سوريين ولا حاجاً مسلماً يريد أن يؤدي فريضة الحج إلا من تأخر الوقت وفات”.
وقالت التونسية حبيية الصميدي (64 عاماً)” أصلي للسوريين يجب أن يعرفوا أن قلوبنا معهم، ونأمل أن ينالوا حريتهم في وقت قريب”.
وبالنسبة لاحتمال حدوث توترات قد يفتعلها حجاج من إيران، قال الوزير “لا نتوقع أي توتر من الجانب الإيراني (...) أكدوا لنا حرصهم على راحة الحجيج مثلما نحرص نحن وأكثر”. وكان الحج شهد سابقاً أعمال عنف منذ الثورة الإسلامية في إيران عام 1979، بين الأمن السعودي وحجاج إيرانيين اتهموا بتحويل الحج منبراً سياسياً ضد إسرائيل والولايات المتحدة والنظام السعودي.
وأسفرت أخطر تلك المواجهات عن 402 قتيل منهم 275 إيرانياً العام 1987، مما أدى إلى قطع العلاقات بين الرياض وطهران استمر سنوات.
وقالت إحدى الإيرانيات وهي باكية “أصلي وأدعو الله لكي يشفي مرضى المسلمين”.
إلى ذلك، نظمت القوى الأمنية المكلفة حماية الحجيج عرضاً عسكرياً السبت بدأ بتحليق 11 مروحية واستعراض قوات الطوارئ ثم تلتها تشكيلات لجميع القطاعات العسكرية والأمنية وأهمها قوات مكافحة الإرهاب وقوات أمن المنشآت والقوات الخاصة للأمن الدبلوماسي.
كما قامت مروحيتان بعملية إنزال جوي لعدد من رجال الأمن ونفذت قوات الطوارئ الخاصة عملية إنزال لتحرير رهائن مفترضين.
ومقارنة مع أرقام العام الماضي للفترة ذاتها لإعداد الحجاج الواصلين، هناك نقص نسبته ثلاثة في المائة تقريباً بحسب وكالة الأنباء السعودية. وحشدت السلطات حوالي مائة ألف شخص لخدمة الحجيج وضمان أمنهم بينهم 25 ألفاً من الدفاع المدني الذي وضع 19 مروحية وسبعة آلاف آلية في الخدمة.
من جهته، أكد وزير الصحة عبدالله الربيعة استمرار مراقبة ومتابعة الوضع الصحي عن كثب داخلياً وخارجياً في موسم الحج موضحاً أن “الوضع الصحي للحجاج مطمئن جداً ولم تسجل أي أمراض وبائية”.
وأضاف أن الوزارة هيأت 25 مستشفى موزعة على مكة المكرمة والمدينة المنورة ومنى وعرفات فضلاً عن تجهيز 141 مركزاً صحياً دائماً موزعة على المناطق المذكورة