العالم لا يحترم إلا القوي
بريطانيا، ثم الولايات المتحدة الأمريكية، وبعدها إسبانيا، واليونان، وأخيراً الكويت، كلها بلدان شاهدنا فيها مشاهد متكررة عندما اندلعت فيها أعمال العنف السياسي والإرهاب، وكان الدرس فيها واحداً أنه لا يمكن معالجة العنف والإرهاب إلا بتطبيق القانون، وبمزيد من الحزم وعدم التهاون في المساس بالأمن الوطني.
في هذه البلدان الـ5 اعتمد منهج التعامل مع محاولات الإضرار بالأمن الوطني ليس باستهداف القواعد، وإنما باستهداف الفعاليات الرئيسة التي تحرّك هذه المحاولات وتحرّك القواعد، والفكرة من هذه الطريقة أنه مهما تم اعتقال القواعد ومحاسبتهم حسب القانون فإن غيرهم سيأتون، وسيستمر الإرهاب والعنف إلى ما لا نهاية ودون جدوى.
هذا الدرس ينبغي أن يعيه مجتمع البحرين جيداً بعد أن تعامل مع الأحداث التي شهدتها البلاد منذ مطلع العام الماضي وحتى الآن بوتيرة واحدة ومنهج واحد يختلف عن تلك الطريقة التي تعاملت معها البلدان الـ5 أعلاه.
الوضع الراهن في البلاد لا يحتمل مزيداً من الخسائر، خاصة من الناحية الاقتصادية، فليس مقبولاً استمرار الأوضاع الأمنية المتدهورة التي تسببت في هجرة نحو 10 آلاف أُسرة من البحرين إلى الخارج.
واستنزاف الأمن الوطني واستقرار البلاد يجب أن يتوقف، وهي مسؤولية جماعية تشترك فيها كافة مؤسسات الدولة. ولابد من مراعاة البعد الخليجي في المسألة، فدول مجلس التعاون مستهدفة لتغيير أنظمتها السياسية من أطراف لها مصالح في ذلك وتسعى لضمان زيادة تدخلاتها في هذه الدول الغنيّة. وإدراك العمق الآسيوي أو حتى ما تمثله أمريكا اللاتينية بدائل مهمة أيضاً بدلاً من الاتكاء على الغرب فقط.
شعب البحرين عانى كثيراً، وحان الوقت للإصغاء لرغباته بضرورة اتخاذ الإجراءات اللازمة لوقف التدخلات الأجنبية، سواءً كانت من طهران أو حتى من واشنطن، وعلى الحكومة ترك الدبلوماسية حتى لا يتمادى الأجانب في التدخل في شؤون الأمن الوطني من السفير الأمريكي أو القائم بالأعمال الإيراني.
الظروف الإقليمية تعلمنا الكثير، ونلاحظ جيداً ما انتهت إليه ما تسمى بـ«دول الربيع العربي» فلا استقرار سياسي فيها، ولا نمو اقتصادي فيها، والمشاكل الاجتماعية تزايدت بشكل غير مسبوق.
إزاء هذه المعطيات المحلية والإقليمية والدولية نحتاج إلى استذكار الدروس ولنتعلم أن العالم لا يحترم إلا القوي.
يوسف البنخليل