كتب – محرر الشؤون المحلية:
أثارت دعوة الأمين العام لجمعية الوفاق إلى ديمقراطية طائفية مزيداً من الشكوك حول حقيقة إيمان الجمعية السياسية بالديمقراطية والتعددية، خصوصاً وأن الجمعية معروفة بأيدلوجيتها الراديكالية الدينية باعتبارها فرعاً من فروع ما يعرف بـ»حزب الله» الذي أنشأه نظام ولاية الفقيه في طهران عقب «الثورة الإسلامية» الإيرانية، لتصدير الثورة إلى الدول العربية والإسلامية وفي الصدارة منها دول الخليج العربي.
ويواجه علي سلمان انتقادات واسعة منذ فترة طويلة على خلفية مواقف اعتبرت محاولة لإخفاء حقيقة تبعيته الفكرية والأيدلوجية لفكر ديني ثيوقراطي يعد الحاكم ذا قداسة دينية ويحظى بالعصمة ويحكم بالحق الإلهي، وهو المنهج الذي يعتبر من الناحية العلمية نقيضاً للديمقراطية التي تعد التعددية والنقد والعمل السياسي الحر أسسها ودعائمها، بعيداً عن التصنيفات الدينية أو العرقية أو القداسة.
وتأتي دعوة علي سلمان مشابهة لنماذج في المنطقة مورست فيها المحاصصة الطائفية على أسس بعيدة عن الديمقراطية، مع وجود كيانات مشابهة من الناحية الأيدلوجية لفكر الوفاق، ففي العراق اعتمدت المحاصصة على أسس طائفية برعاية أمريكية منذ احتلاله عام 2003، وهو الأمر الذي اعتبره مراقبون متعمداً لضمان وجود صراعات دائمة بين أبناء الوطن الواحد وهو ما يفقده أي أمل في الاستقرار.
وكان علي سلمان حاول خطب ود ما عرف بثورات الربيع العربي التي رفعت شعار الديمقراطية والدولة المدنية، وخلال زيارته التي وصفت بالفاشلة إلى مصر عمد إلى تغيير هيئته ولباسه الديني في محاولة لخداع الرأي العام العربي بادعاء وقوفه مع الديمقراطية، لكنه لم ينجح في ذلك بسبب أيدلوجيته المعروفة والتي لا يستطيع إنكارها.
كما إن عضو الوفاق خليل المرزوق امتنع في لقاء له على قناة الجزيرة في وقت سابق عن نفي اعتناقه فكر ولاية الفقيه، وذلك رداً على سؤال حول علاقة الجماعات الراديكالية في البحرين بالنظام الحاكم في إيران، ومخاوف شعب البحرين من تلك العلاقة التي يعتبرها كافية لنفي صفة الوطنية عن أي تحرك سياسي تقوم به تلك المعارضة.
وفي السياق نفسه، يعاني لبنان من مشاكل عميقة بسبب تقسيم البلد طائفياً رغم وجود هيكل لنظام ديمقراطي، في ظل وجود فرع آخر لحزب الله يعلن صراحة ولاءه المطلق للولي الفقيه في إيران، كما إن أدبياته تتشابه إلى حد بعيد مع الوفاق البحرينية، ومرجعيتها الدينية ممثلة في المجلس العلمائي، الذي يعتقد أنه وثيق الصلة بقيادة إيران الدينية والسياسية. إلى ذلك، لم تصدر أية إدانة من أية مرجعية دينية محسوبة على المعارضة الراديكالية في البحرين لتصريحات علي سلمان الأخيرة، وهو ما اعتبر موافقة ضمنية على مبدأ المحاصصة في العمل السياسي، ووجود أجندة واحدة تنفذ بتنسيق عال في عدد من الدول بإشراف طهران، بينما عبرت حكومة المملكة عن رفضها القاطع لما أسمته «التوجه الطائفي» لأمين عام جمعية الوفاق علي سلمان، في أعقاب دعوة الأخير خلال المؤتمر العام لجمعية «وعد» أخيراً حيث دعا إلى ما وصفها «بديمقراطية الطوائف التوافقية». وأكدت الحكومة على لسان وزير العدل الشيخ خالد بن علي آل خليفة أن هذه المطالبة ستواجه بالقانون، مشيراً إلى أنها تأتي لتحويل البحرين إلى كانتونات طائفية لمناهضة الدولة المدنية والسعي لاستنساخ نماذج إقليمية قائمة على أسس طائفية مذهبية. وتأتي الدعوة إلى «ديمقراطية طائفية» بالتزامن مع أنباء عن عقد رموز للمعارضة اجتماعاً مع جهات رسمية إيرانية بينها اجتماع لمحافظات إيران ما أثار غضباً عارماً في البحرين، ووسط تصاعد أعمال العنف في بعض مناطق المملكة، وعدم إدانة المجلس العلمائي والجمعيات التي تدور في فلك جمعية الوفاق لتصريحات علي سلمان الطائفية أو للعنف الذي يمارس في الشارع، الأمر الذي يعزز القول بأن جمعية الوفاق وحزب الله اللبناني ورواد الديمقراطية الطائفية في العراق وسواهم من فروع حزب الله في المنطقة ما هم إلا أدوات تحركها أصابع الولي الفقيه في طهران.