عواصم - (وكالات): عاد الهدوء إلى مناطق غرب بيروت التي شهدت اشتباكات بين الجيش ومسلحين أمس الأول، بينما تستمر أعمال القنص بين مناطق سنية وعلوية في طرابلس شمال البلاد، أدت إلى سقوط قتيل، ما يرفع عدد الضحايا إلى 11 قتيلاً و39 جريحاً، بينما أعلن الجيش اعتقال 100 من مثيري الشغب، بحسب ما أفاد مصدر أمني وتقارير.
وأشارت التقارير إلى أن مناطق غرب العاصمة بدأت باستعادة حياتها الطبيعية مع تنفيذ الجيش انتشاراً واسعاً منذ أمس الأول، لاسيما في منطقتي قصقص وشاتيلا ذات الغالبية السنية غرب بيروت، التي سقط فيها قتيل جراء اشتباكات بين الجيش ومسلحين. من ناحية أخرى، ذكرت تقارير أن استمرار عمليات القنص بين منطقتي التبانة ذات الغالبية السنية وجبل محسن ذات الغالبية العلوية في طرابلس كبرى مدن شمال لبنان، أدى حسب مصدر أمني إلى مقتل امرأة علوية من جبل محسن، في حين توفي رجل آخر من المنطقة نفسها متأثراً بجراح أصيب بها. وبذلك ارتفع عدد الضحايا منذ اندلاع اشتباكات متقطعة بين المنطقتين إلى 11 قتيلاً و39 جريحاً، آخرهم شاب من جبل محسن أصيب مساء أمس برصاص قنص من باب التبانة، بحسب مصدر أمني. وأوضحت مصادر أن الجيش عزز انتشاره في المدينة حيث يسير دوريات مؤللة في شكل منتظم، لاسيما في شارع سوريا الفاصل بين المنطقتين. من جهته أفاد الجيش اللبناني في بيان أنه أوقف “نحو 100 شخص بينهم 34 شخصاً من التابعية السورية و4 أشخاص من التابعية الفلسطينية، وضبطت في حوزتهم كمية من الأسلحة الحربية والذخائر والأعتدة العسكرية”، جراء عمليات “دهم لأماكن المسلحين في بيروت وطرابلس حتى عودة الهدوء التام إلى المدينتين”.
وأشار بيان الجيش إلى أن 15 عسكرياً بينهم ضابطان أصيبا بجروح جراء الخطة الأمنية “التي وضعتها القيادة لقمع المظاهر المسلحة، والتصدي لإطلاق النار وأعمال الشغب والاعتداء على ممتلكات المواطنين”، والمستمرة منذ الأحد الماضي. وأتت هذه الأحداث على خلفية اغتيال رئيس فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي العميد وسام الحسن في تفجير استهدف سيارته في منطقة الأشرفية ذات الغالبية المسيحية شرق بيروت.
ويعد الحسن أبرز الضباط الأمنيين السنة ومقرب من رئيس الحكومة السابق سعد الحريري. واتهمت المعارضة المناهضة لسوريا والتي يعتبر الحريري من أبرز أركانها، دمشق بالوقوف وراء الاغتيال. كما طالبت المعارضة اللبنانية باستقالة الحكومة التي تضم أكثرية من “حزب الله” الشيعي، وحلفائه المقربين من سوريا، محملة إياها مسؤولية “تغطيـــــــــــــة” المتهمــــــــــين بارتكـــــــــــــــــاب الجريمة. وقد اتخذت المعارضة قراراً بمقاطعة جلسات مجلس النواب التي تشارك فيها الحكومة، بحسب ما أفاد نائب معارض.
وتأتي هذه الخطوة مع مطالبة المعارضة حكومة الرئيس نجيب ميقاتي، بالاستقالة على خلفية اتهامها بـ«تغطية” المسؤولين عن اغتيال اللواء الحسن. وقال النائب أحمد فتفت إن المعارضة المؤلفة من قوى 14 آذار المناهضة لسوريا قررت “مقاطعة كل جلسة نيابية تشارك فيها الحكومة إلى حين سقوطها”، مؤكداً أن القرار “لا يعني مقاطعة البرلمان”. لكنه أوضح أن المقاطعة ستشمل أيضاً جلسات اللجان النيابية المتخصصة “في حال شارك فيها وزراء من الحكومة”.
من جهة أخرى، يصل وفد من مكتب التحقيقات الفيدرالي “اف بي آي” إلى بيروت قريباً لتقديم مساعدة تقنية في التحقيق باغتيال اللواء الحسن. في الوقت ذاته، أكد محللون أن “حزب الله” يريد الحفاظ على حكومة الرئيس نجيب ميقاتي التي يتمتع فيها بالغالبية، ليمنع إعادة طرح مسألة ترسانته العسكرية أو انكشافه من قبل الدولة في حال وقوع مواجهة مع إسرائيل.
وفي حين تبدي المعارضة اللبنانية تصميمها على إسقاط الحكومة، مصوبة في شكل خاص على رئيس الوزراء الذي تتهمه بتغطية “الجريمة” بعد مقتل اللواء الحسن المعارض لسوريا، يبقى حزب الله بزعامة أمينه العام حسن نصر على صمته في انتظار انتهاء العاصفة.
وتولت قناة “المنار” التلفزيونية التابعة له تغطية الأحداث التي جرت في لبنان في اليوم نفسه، متحدثة عن قيام “أنصار حزب المستقبل” الذي يتزعمه رئيس الوزراء السابق سعد الحريري “بتقطيع أوصال المناطق اللبنانية والاعتداء على المدنيين الآمنين”.
وفي شأن متصل، أكد نواب لبنانيون معارضون لدمشق تلقيهم تهديدات من خلال رسائل نصية قصيرة مصدرها رقم هاتف سوري، قبل اغتيال اللواء الحسن.
وقال النائب عمار حوري المنتمي إلى تيار المستقبل بزعامة سعد الحريري “تلقينا عشية التفجير رسالة نصية من رقم هاتف سوري” تتضمن تهديداً بالقتل. وبعد الانفجار، تلقى النواب نفسهم رسالة أخرى تقول “مبروك. بلش العد العكسي. واحد من 10” في تلميح إلى إمكانية استهداف 9 أشخاص آخرين. وقال حوري إنه كان على موعد مع الحسن “وكنت أنتظره في مكتبه في المقر العام لقوى الأمن الداخلي” الكائن في الأشرفية أيضاً” ووقع الانفجار قبل اللقاء بنصف ساعة. وأوضح أن الاجتماع كان مخصصاً للبحث في موضوع الرسائل النصية التي تلقاها قبل أيام 4 نواب ينتمون إلى تيار المستقبل. وأشارت قناة “المؤسسة اللبنانية للإرسال” إلى أن النواب الأربعة هم حوري وأحمد فتفت وهادي حبيش وخالد الضاهر، وجميعهم من تيار المستقبل. وقال حوري إن نائباً خامساً ينتمي إلى التيار هو نهاد المشنوق تلقى أيضاً رسالتين نصيتين، بينما تلقى الآخرون أربع رسائل. وحاول النواب الاتصال بالرقم السوري الذي أرسلت منه الرسائل، إلا أن محاولاتهم باءت بالفشل.