لم يختلف أحد من الجموع المهيبة التي شيعت شهيد الواجب عمران أحمد في حب الوطن الغالي مملكة البحرين، فقد امتلأت ساحة مقبرة الرفاع على مد البصر للمشاركة في الجنازة، وزادني الشرف أن أكون ضمن الألوف المشيعة والتي حضرت لتقول لا للإرهاب والتخريب وترويع الآمنين، دفعهم واجبهم الوطني والإنساني الى رفع الشهيد على الأكف ودفنه كما يليق بالرجال الذين أفنوا حياتهم رخيصة في سبيل الدفاع عن الوطن، رحل «عمران» مرتدياً زي الدفاع عن الوطن وقضى نحبه في عمر الزهور وهو في بداية المشوار، واغتالت تلك الابتسامة رصاصة الغدر بعد تعرضه لقنبلة ذات تصنيع محلي وضعها الإرهابيون ككمين عند مدخل قرية العكر، ويصادف أن يكون ضمن دورية كانت تؤدي واجبها في حفظ الأمن والأمان، لترتقي تلك الروح الطاهرة البريئة إلى بارئها ويبقى ذكر هذا البطل في سجل من يفتخر بهم الشعب البحريني بل كل الشرفاء في العالم.يتساءل الجميع إلى متى سوف يتمادى هؤلاء المخربون في العبث بمقدرات ومكتسبات الوطن، وكم من الأرواح سوف تزهق ليكتفوا من إراقتهم لدماء الأبرياء، يتساقط الشهداء يوماً بعد يوم لكن ذلك لا يفنيهم عن القيام بعملهم وواجبهم تجاه الأرض التي ولدوا وعاشوا فيها، تلك التي منحتهم المأكل والمشرب والمسكن وقبل ذلك كله الأمن الذي تفتقر إليه دول كثيرة، فالبحرين عرفت منذ قديم الزمان وكانت في نشيدها الوطني ذكر «بلد الأمان» وعرفها الجميع بذلك، لكن انجرار البعض وراء ما يصدر عن المنابر الدينية التحريضية من فتاوى «السحق»، وكذلك الشعارات الزائفة التي تنادي بالظلم رافعة شعار «إسقاط النظام» من أجل الديمقراطية، والتي في حقيقتها ما هي الا تنفيذ لأوامر الولي الفقيه والتبعية الطائفية المقيتة من أجل فرضها في المنطقة، فما عرفت مملكة البحرين من قبل تسميات جديدة برزت حديثاً على الساحة لم نكن نعرفها سابقاً.حمل الشرفاء ذلك الجثمان وساروا به بين القبور حيث صدحت حناجرهم بالتكبير والتهليل، وبين من هو في ذهول مما يجري وبين من خنقته العبرات وهلت أدمعه فراقاً على فقيد الوطن، لكن حضور وزير الداخلية وكبار الضباط لأكبر دلالة على تقديرهم لتضحيات هؤلاء الأوفياء، وما يلفت النظر والإكبار ذلك الأب الذي حاول الحفاظ على رباطة الجأش والصبر على البلاء وفقده لفلذة كبده وابنه الأصغر، رغم أن المصاب كان قد أعياه لكن ما خفف عنه إن الله قد تقبله من الشهداء بإذنه وإن الله لن يضيع حقه إن لم يكن في الدنيا ففي الآخرة، أما من يرى حال أمه فإن يشعر بتلك الحرقة على فقد العزيز الغالي، وتصرخ بأعلى الصوت «لن نسكت حتى يتم القصاص من المجرمين»، ولا يسع من يواسيها إلا أن يقول لها «صبراً يا أم الشهيدين» فابنك مع الشهداء الأبرار، وما يزيد من قساوة تلك الفاجعة هو فقد العائلة للابن الأكبر «إظهار» والذي توفي في حادث أليم في منطقة سافرة بعد عودته من واجبه في حفظ الأمن.فقدت هذه الأسرة اثنين من خيرة الشباب ليتركوا أربعاً من الأخوات والأب والأم الذين لم يستفيقوا بعد من فقيدهم الأول، وحين يخرج هؤلاء الأشاوس يودعون أهاليهم وكأن كل يوم هو اليوم الأخير لهم، وربما قد ترك معظمهم وصيته وقطع عهداً بأنه سيدافع عن وطنه، مقياس البطولة والفداء لديه هما النصر أو الشهادة ولن يبخل أحدهم في تقديم أرواحهم وكل ما يملكون من أجل ذلك، ويبقى رجل الأمن محتاراً هل أدافع فأكون خلف القضبان أم أتهاون فتصعد روحي للرحمن، وفي أملهم أن يتم تطبيق القانون على المجرمين دون أن يكون هناك شخص فوق القانون، فكل من أجرم وقتل وأعاث في الأرض الفساد لابد أن ينال العقاب.عبدالله الشاووش
970x90
970x90