قال أطباء ومختصون إن “الحمى الروماتيزمية من أهم أمراض الطفولة المزمنة التي تسبب فزعاً وهلعاً للآباء والأمهات عند تشخيص الأطباء حالة ابنهم بالإصابة بها، وترجع أهمية خطورة المرض إلى الآثار المستديمة التي قد يتركها في القلب بصفة خاصة، ناهيك عما تسببه من آثار على المخ والمفاصل والجلد. والحقيقة المؤكدة تقول إن التشخيص المبكر والالتزام بالعلاج السليم يجنبان الطفل مضاعفات المرض”، فيما لفتوا إلى أن “حقنة من البنسلين طويل المفعول تكون الدواء الأمثل حيث إنه يعد إحدى العلاجات الدوائية الحيوية”.وأشار الأطباء إلى أن “الحقائق العلمية تؤكد أن المرض يصيب الأطفال بدءاً من سن الخامسة وتتأثر صمامات القلب به حتى عندما يكبر الطفل ويصبح شاباً في 21 عاماً، أما المفاصل فلا توجد سن لتوقف الإصابة بها من جراء هذا المرض”.وأوضح الأطباء أن “الحمى الروماتيزمية مرض مناعي، حيث تحدث الإصابة به عقب إصابة الطفل بالتهاب الحق أو اللوزتين بالميكروب السبحي وهو نوع من البكتيريا وسرعان ما يكون الجسم أجساماً مضادة لهذه البكتيريا للدفاع عن نفسه وتهاجم هذه الأجسام المضادة طبقات القلب الثلاث “الغشاء المبطن والخارجي وعضلة القلب” كما تهاجم المفاصل والأوعية الدموية نظراً لتشابه مكوناتها مع مكونات البكتيريا وينتج عن هذا التهاب مناعي بالأماكن سابقة الذكر مما يؤدي لحدوث المرض”.ولفت الأطباء إلى أن “خطورة الإصابة بالمرض تزداد بالدول النامية”، مضيفين أن “الإصابة تزداد حدة إذا ما أصيب الطفل بصفة مستمرة بالتهاب بالحلق أو باللوزتين وإذا لم يتم العلاج بالمضادات الحيوية المناسبة ولمدة معينة وبشكل قاطع يمكن أن يؤدي ذلك إلى إصابة القلب بالحمى الروماتيزمية”. وذكر الأطباء أن “مشكلة الإصابة بالمرض تكمن في أنه قد يظهر بعد سنوات من الإصابة به فقد تصل المدة على 10 سنوات أو أكثر وتؤثر تأثيراً مباشراً على القلب فتصيب الصمام الميترالي وبالتالي يحدث تضخم بالأذين الأيسر وتضخم بعضلة القلب أو يحدث تلف بصمامات القلب”.يذكر أن الإصابة بالحمى الروماتيزمية غالباً ما تحدث في المجتمعات الفقيرة بسبب سوء التغذية والتكدس في الأماكن الضيقة حيث سرعان ما تنتشر العدوى بالميكروب السبحي الذي يمكث بالجسم إذا لم يعالج جيداً أو سرعان ما يهاجم القلب بعد عدة سنوات، كما إن المرض ينتشر بين الطبقات الغنية التي تعجل بذهاب أطفالها دون سن الرابعة إلى الحضانات ومع حلول فصل الشتاء وإغلاق النوافذ مع تجمع الكثير من الأطفال في مكان واحد سرعان ما تحدث العدوى.أعراض الإصابةوأضاف الأطباء أن “أعراض الإصابة بالمرض غالباً ما تبدأ في الظهور بعد عدة أسابيع من الإصابة بالالتهاب السبحي وقد تظهر مباشرة في صورة ارتفاع بدرجة الحرارة مع آلام بالمفاصل واحمرار وانتفاخ بها لدرجة أن الطفل المصاب لا يقوى على الحركة وقد تختفي هذه الأعراض عقب تناول المضاد الحيوي وخافض الحرارة الذي يصفه الطبيب ولكن قد تعود مرة أخرى ولهذا يجب أن يكون العلاج بعناية شديدة ومتابعة منتظمة، وفي حالات الإصابة الشديدة بالمرض غالباً ما نجد الطفل يعانى من ضيق بالتنفس عند القيام بأقل مجهود وهذا الضيق قد يهاجم الطفل وهو نائم أو جالس ويصاحب ذلك ظهور تورم بالساقين”.الوقاية من المرضوأوضح الأطباء أن “الاهتمام من قبل الأسرة بسرعة علاج الطفل عند ارتفاع حرارته أو إصابته بالتهاب بالحلق أو باللوزتين لدى طبيب الأطفال أو الأنف والأذن والحنجرة وعدم أخذ الأمر بأنه سهل ويكتفي باستشارة الصيدلي أو بإعطاء أي مضاد حيوي أو خافض للحرارة، فقد يكون هذا المضاد غير مناسب على الرغم من التحسن الظاهري لحالة الطفل المريض الذي سرعان ما يعاني من الالتهاب وارتفاع بدرجة الحرارة مرة أخرى، وينصح أيضاً بأنه عند تكرار أعراض ارتفاع درجة حرارة الطفل مع حدوث التهاب بالحلق وآلام بالبطن مع الغثيان التوجه للطبيب المتخصص فوراً لأخذ مسحة من الحلق وعمل ما يسمى “مزرعة جراثيم” مع فحص للدم للتعرف على مدى حدوث إصابة بالمكورات السبحية وعلى هذا الأساس يمكن للطبيب البدء بالعلاج المناسب”.البنسلين الحلاتفق الأطباء على أنه إذا “ما حدثت الإصابة بالحمى الروماتيزمية فإن البنسلين هو الدواء الأمثل حيث إنه يعد إحدى العلاجات الدوائية الحيوية وهو عبارة عن حقنة من البنسلين طويل المفعول وهو متوافر، ويؤخذ في فصل الشتاء كل أسبوعين حيث إن فصلي الشتاء والربيع يعدان من أكثر فصول العام الذي ينتشر خلالهما المرض ويظل الطفل يحقن بالبنسلين وبانتظام لمدة 5 سنوات وإذا ما تكرر النشاط الروماتيزمي يحقن لمدة 5 سنوات أخرى إلى أن يصل لعمر 25 أو 30 عاماً مع الراحة التامة لمدة شهر على الأقل من بداية الإصابة بالمرض مع تناول المضاد الحيوي المناسب تحت إشراف طبي، وأيضاً العلاج بالأسبرين والكورتيزون لمدة شهر أو اثنين حسب عمر وحالة المريض، وهذا تحت إشراف طبي بغرض الحيلولة دون تأثر القلب بالمرض”.مفاهيم خاطئةأكدت منظمة الصحة العالمية أنه “من الخطأ الاعتقاد السائد أن كل طفل يعاني من التهاب بالحلق أو باللوزتين مع ألم بالمفاصل مصاب بالحمى الروماتيزمية، حيث إن هناك أعراضاً كبرى وأعراضاً صغرى للإصابة بالمرض، وتتمثل الأولى في التهاب بعضلة القلب وهذا الالتهاب يؤثر على كافة طبقات القلب ويعانى المريض على أثر ذلك من الهبوط الشديد والإرهاق وصعوبة التنفس وكذلك التهاب بالمفاصل وهذا لا يعني أن كل ألم بالمفاصل أو التهاب أنه إصابة بالحمى الروماتيزمية، وأيضاً الاحمرار الجلدي وهو عبارة عن احمرار بالجلد كاحمرار الحساسية ولا يكون مصحوباً بحكة وغير مؤلم وغالباً ما يصيب هذا الاحمرار جلد الجذع دون التأثير على الأطراف وسرعان ما يختفي هذا الاحمرار بالضغط على الجلد، كذلك وجود كتل أو عقد تحت الجلد وهي غير مؤلمة وصغيرة الحجم وتوجد في مناطق معينة مثل الركبتين.ومن الأعراض أيضاً ما يسمى بالكوريا الروماتيزمية وهي عبارة عن إصابة الطفل بالرعشة أو بالحركة اللإرادية والتي تؤثر على معظم مفاصل وعضلات الجسم وأحياناً تبدأ بعدم القدرة على الكتابة أو الإمساك بالقلم.أما بشأن الأعراض الصغرى للمرض فقد أشارت منظمة الصحة العالمية إلى أنها “تتلخص في الإحساس بآلام بالمفاصل مع ارتفاع في درجة الحرارة وسرعة الترسيب وحدوث تغيرات عند إجراء رسم كهربي للقلب”.