أكد ملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة في كلمة له الأسبوع الماضي خلال حفل تسليم تقرير اللجنة الوطنية لمتابعة تنفيذ التوصيات الخاصة بالأحداث الدامية التي شهدتها البلاد العام الماضي، أنَّ ما يؤثر على استقرار البلاد يؤثر على سيادتها ويفتح الباب للتدخل الأجنبي، وأنَّ المسؤولية الوطنية تقع على جميع أفراد المجتمع والجمعيات السياسية ومؤسسات المجتمع المدني للقيام بدورها في الارتقاء بالممارسة الديمقراطية وفق القانون والنظام العام. لكن ما هي الخطوات التي اتخذها الملك؟ وهل تكفي لضمان الاستقرار والأمن والازدهار للبحرين الشقيقة؟ لقد اتخذت الحكومة البحرينية خطوات إيجابية لإعادة بناء الثقة؛ منها تحويل جميع القضايا المنظورة أمام محاكم السلامة الوطنية إلى النظام الاعتيادي للمحاكم، كما أُعيدت محاكمة جميع الأشخاص الذين سبق وأن حُكم عليهم، وإسقاط جميع التُهم الخاصة بحريّة التعبير، وأُعيد جميع الموظفين والعمال الذين فُصلوا من أعمالهم في القطاع العام، وأنشأت الحكومة جهازاً مستقلاً في مكتب النائب العام... وبذلك نفذت الحكومة البحرينية معظم توصيات “لجنة بسيوني”، ولايزال البعض منها في طريقه للتنفيذ. نقاط الإصلاح التي طرحها العاهل البحريني في خطابه الأخير تفتح الباب للحوار والنقاش بين أقطاب المعارضة والحكومة، خصوصاً أنَّ المعارضة بدأت تعي بأنَّ الحوار والمفاوضات حول الإصلاح أمر حتميّ، لاسيما وأنَّ الملك نفسه قد تبنّى بعض المطالب التي رفعتها المعارضة. لكن واقع الحال يُخبرنا بأنَّ مشكلات البحرين وأسبابها ليست داخلية فقط، بل توجد عوامل خارجية ساعدت ودعمت بعض القوى السياسيّة لإثارة القلاقل في البحرين. والسؤال هنا: ما هي العوامل التي تدفع لاستقرار البحرين وتدعمه؟ وما هي الأسباب التي قد تؤدي إلى عدم الاستقرار؟ ثمة موقف ثابت ومبدئي اتخذته دول مجلس التعاون الخليجي لضمان استقرار البحرين، وقد أكد الأمين العام لمجلس التعاون الدكتور عبداللطيف الزياني على دعم دول الخليج للخطوات التي اتخذها الملك حمد بن عيسى آل خليفة بتشكيل اللجنة المستقلّة لتقصّي الحقائق، واللجنة المعنية بتنفيذ التوصيات، مع التزام الحكومة بتنفيذها. كما ساعد نجاح دول مجلس التعاون -في التعامل كمنظومة إقليمية موحّدة تجاه إيران وتدخلاتها في الشؤون الداخلية لدول المنطقة- على إدارة الأزمة في البحرين. وبالنسبة لدور إيران في المنطقة فقد أصابه الاهتزاز وربما التراجع، بسبب التحديات الداخلية التي تواجه نظامها، أضف إلى ذلك ازدواجية موقفه تجاه الثورات العربية... حيث عبّرت طهران عن تأييدها للثورات في كلٍّ من تونس ومصر والبحرين، تحقيقاً لمصالحها، بينما عارضتها في سوريا لأن نظام الأسد هو حليفها الوحيد في المنطقة! ما نتخوف منه على البحرين هو أن الحصار الاقتصادي الدولي على إيران والوضع المضطرب في كلٍّ من سوريا والعراق، ربما يدفع طهران لتحريك أنصارها وخلاياها النائمة في الخليج، بما فيه البحرين، تحت ذرائع شتى. كذلك نتخوّف من أنَّه في حالة سقوط النظام السوري، الحليف الرئيس لإيران، قد تسود حالة من الفوضى تهدد المصالح الإيرانية في المنطقة. ومهما كانت طبيعة العوامل الخارجية، فإن أمن واستقرار البحرين مستقبلاً هو في نجاح إصلاحاتها الجديدة. ^ عن «الاتحاد» الإماراتية د. شـملان يوسـف العيسى
{{ article.article_title }}
{{ article.formatted_date }}