بانكوك - (أ ف ب): الروهينجيا الذين تصفهم الأمم المتحدة بأنهم واحدة من الأقليات الأكثر تعرضاً للاضطهاد في العالم، هم مسلمون محرومون من الجنسية ومكتومو القيد يعيش القسم الأكبر منهم غرب بورما ويواجهون شتى أنواع التمييز والاضطهاد التي دفعت مئات الآلاف منهم إلى المنفى.
وتقدر المفوضية العليا لشؤون اللاجئين في الأمم المتحدة بـ 800 ألف عدد الروهينجيا المحصورين في مناطق مونغداو وبوتيندونغ وراتندونغ بولاية راخين، القريبة من الحدود مع بنغلادش.
وينص القانون البورمي حول الجنسية الصادر في 1982 على أن المجموعات العرقية التي تثبت وجودها على الأراضي البورمية قبل 1832 «قبل الحرب الأولى الإنجليزية البورمية التي أدت إلى الاستعمار» تستطيع وحدها الحصول على الجنسية البورمية. لذلك حرم هذا القانون الروهينجيا من الحصول على الجنسية. لكن ممثلي الروهينجيا يؤكدون أنهم كانوا في بورما قبل هذا التاريخ.
وعدا عن أنهم محرومون من الجنسية، يواجه أبناء أقلية الروهينجيا أيضاً أشكالاً أخرى من الاضطهاد والتمييز.
وكتبت المفوضية العليا للاجئين في تقرير أصدرته في ديسمبر الماضي أن هذا الاضطهاد «يشمل عمل السخرة، والابتزاز، والقيود على حرية التنقل، وعدم وجود قانون للإقامة، وقواعد زواج جائرة، ومصادرة أراض. كذلك فإن الروهينجيا لا يستفيدون إلا بشكل محدود من التعليم الثانوي والعالي ومن خدمات عامة أخرى». وحمل هذا الوضع عددا منهم على الفرار من ولاية راخين.
وقد وصلت إلى بنغلادش في 1978 وثم في 1991-1992 موجتان كبريان من اللاجئين الروهينجيا ضمت كل منها نحو 250 ألف لاجئ، وتلتهما في كل مرة عمليات ترحيل «كان طابعها الطوعي موضع تساؤل فعلاً». وتقول المفوضية العليا للاجئين إنه قبل أعمال العنف في يونيو الماضي بين المسلمين والبوذيين في ولاية راخين، كان نحو 230 ألفاً من الروهينجيا يعيشون في بنغلادش منهم نحو 30 ألفاً سجلوا أسماءهم في مخيمين رسميين.
وأعلنت فيفيان تان من المفوضية العليا للاجئين أن الآخرين «يعيشون في مخيمات رسمية ومكتظة» تعتبر «الظروف الحياتية فيها بالغة الصعوبة». لكن مسؤولين من بنغلادش يقدرون بنحو 300 ألف عدد الراخين الذين يعيشون في بلدهم، ويعتبرونهم عبئاً عليهم.
لذلك بدأ عدد كبير منهم في السنوات الأخيرة رحلة محفوفة بالمخاطر بحراً إلى ماليزيا وتايلاند التي اتهمت بحريتها في الماضي بأنها أعادتهم إلى البحر.
وصد خفر السواحل في بنغلاديش أيضاً عدداً كبيراً من السفن وزادوا في الأيام الأخيرة من تسيير الدوريات الحدودية لإحباط أي محاولة جديدة.
ويقول تقرير المفوضية العليا للاجئين في ديسمبر الماضي إن مئات آلاف آخرين يعيشون في بلدان الخليج منهم نحو 400 ألف، وفي باكستان نحو 200 ألف وتايلاند الآلاف أيضاً. لكن السفن المحملة بالروهينجيا اختارت وجهة جديدة هي ماليزيا حيث تسجل 24 ألفاً منهم لدى المفوضية العليا للاجئين لكن آلافاً آخرين يعيشون بطريقة غير شرعية.
ويتحدث هؤلاء المسلمون السنة شكلاً من أشكال الشيتاغونية، وهي لهجة بنغالية مستخدمة جنوب شرق بنغلادش.
ويعتبرهم عدد كبير من البورميين وخصوصاً في ولاية راخين المؤلفة من أكثرية بوذية، أجانب ومهاجرين غير شرعيين أتوا من بنغلادش ويسمونهم «بنغاليون».
يذكر أن معاناة إتنية الراخين البوذية من نير المجلس العسكري طوال نصف قرن، حتى زواله في مارس 2011، انعكست على علاقتهم بمسلمي الروهينجيا وتحولت إلى أحقاد وجدت اليوم كبش محرقة مثالياً في الروهينجيا الذين يصفونهم بأنهم يشكلون تهديداً لبقاء «عرقهم». وتشير التقارير إلى أن بعض أعضاء الراخين يعترفون بأنهم نشأوا مع مشاعر عنصرية ومعادية للمسلمين، ويواجهون صعوبة للتخلص منها اليوم».
وقد تدفق آلاف الأشخاص الهاربين من موجة جديدة لأعمال العنف الدامية بين البوذيين والمسلمين غرب بورما إلى المخيمات المكتظة في سيتوي عاصمة ولاية راخين، كما أعلنت الأمم المتحدة.
فبعد أسابيع من الهدنة في ولاية راخين التي تفرض فيها حالة الطوارئ منذ أولى المواجهات في يونيو الماضي، اندلعت أعمال عنف مجدداً بين البوذيين من إتنية راخين وإتنية الروهينجيا المسلمين.
وتقول وسائل الإعلام الرسمية إن 67 شخصاً قتلوا منذ الأحد الماضي في عدد من القرى وإن 100 قد أصيبوا. وأحرق أيضاً نحو 3 آلاف منزل.
وأدت أعمال العنف في يونيو الماضي إلى تهجير نحو 75 ألف شخص أغلبهم من الروهينيجيا الذين مازالوا يعيشون في ظروف بائسة خارج سيتوي في مخيمات تنقصهم فيها المواد الغذائية والعناية.
وفي بروكسل، أعربت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي كاثرين اشتون عن قلقها من أعمال العنف الطائفية في بورما ودعت إلى وضع حد لها في أسرع وقت.
وقالت اشتون في بيان إنها «قلقة جداً من النزاعات المستجدة بين الطوائف في ولاية راخين ببورما وتدعو جميع الأطراف إلى وقف هذا العنف غير المفيد فوراً».
وشجعت اشتون «جميع الأطراف المعنيين على إيجاد حلول دائمة لحل المشاكل بين الطوائف».
وأضاف البيان أن «الاتحاد الأوروبي يواصل أيضاً التركيز على ضرورة إيصال المساعدات الإنسانية بدون عوائق».