سيتوي - (وكالات): تحدث ناجون مسلمون من 6 أيام من العنف الطائفي غرب بورما عن فرارهم من طلقات الرصاص والمنازل المحترقة ليهربوا على متن قوارب صيد بعد هجوم جيرانهم من عرقية راخين التي كانت تعيش يوماً إلى جوارهم في سلام.
وذكرت الأمم المتحدة أن 26 ألف شخص معظمهم من المسلمين نزحوا بسبب أعمال العنف التي حدثت خلال الأسبوع الجاري بين البوذيين والمسلمين في بورما معبرة عن قلقها من نقص الموارد لمساعدة منطقة يعتمد فيها عشرات الآلاف من المشردين على المساعدة. من جهتها، قالت اشرا بانو وهي أم لأربعة أطفال فرت من بلدة كياوكبيو بعد إزالة الحي المسلم بها يوم 24 أكتوبر “طلب منا أن نبقى في منازلنا لكنهم أضرموا فيها النار”. وأضافت “عندما كنا نهرب كان الراخين والشرطة يطلقون النار على الناس. لم نتمكن من إطفاء النيران. حاولنا الهرب فقط”.
ونشرت منظمة مراقبة حقوق الإنسان الأمريكية “هيومن رايتس ووتش” المعنية بحقوق الإنسان ومقرها نيويورك، صوراً بالأقمار الصناعية تظهر دماراً شبه كامل للجزء الذي تقطنه أغلبية مسلمة في كياوكبيو. وتمثل البلدة التي تقع على بعد نحو 120 كيلومتراً إلى الجنوب من سيتوي عاصمة ولاية راخين أهمية كبرى لأكثر استثمارات الصين في ميانمار استراتيجية وهو خط الأنابيب المزدوج الذي ينقل النفط والغاز الطبيعي من خليج البنغال إلى أقاليم الصين الغربية المتعطشة للطاقة. وأشارت تقارير إلى أن أكثر من 811 بناية ومنزلاً عائماً دمروا.
وقالت زوميلة البالغة من العمر 63 عاماً وهي تبكي وسط حشد من الناس في مخيم تي تشونج “هاجمنا الراخين، وأشعلوا النيران في منازلنا رغم أن ليس بها شيء يهمهم. غادرت بالملابس التي أرتديها فقط”. وتقول الحكومة إن 3 آلاف منزل دمرت في ولاية راخين منذ 21 أكتوبر. وتقول جماعات حقوقية إن عدد القتلى أكثر بكثير على الأرجح من العدد الرسمي.
وقالت نورا حسين وهي إحدى سكان كياوكبيو “رأيت العديد من القتلى، لم نرد على العنف. كيف يمكننا ذلك؟ نحن نعيش في مكان محاط بقرى الراخين. هربنا إلى الشاطئ وفررنا بالقارب”.
يذكر أن مخيم تي تشونج أقيم بعد تفجر سابق للعنف الطائفي في يونيو الماضي والذي أسفر عن مقتل أكثر من 80 شخصاً وشرد 75 ألفاً في نفس المنطقة وهو مكتظ وغير مؤهل لاستيعاب المزيد من النازحين. وقال مسؤول محلي طلب عدم نشر اسمه إن 47 قارباً يقل 1945 من الروهينجيا من الرجال والنساء والأطفال وصل إلى قرى قرب سيتوي في الأيام القليلة المنصرمة.
والمساعدات الوحيدة في المخيم عبارة عن أجولة من الأرز من برنامج الأغذية العالمي ويمكن استخدام الأجولة الخالية كحشيات للنوم. وينام كثيرون أسفل الأشجار. وبعد أسابيع من الهدوء في ولاية راخين التي تخضع لحالة الطوارئ منذ مواجهات أولى في يونيو الماضي، اندلعت أعمال العنف مجدداً قبل أسبوع بين البوذيين في اتنية الراخين والروهينجيا الأقلية المسلمة المحرومة من الجنسية وتعتبرها الأمم المتحدة واحدة من أكثر الأقليات تعرضاً للاضطهاد في العالم. وذكر مسؤول حكومي أن أعمال العنف أسفرت عن سقوط أكثر من 80 قتيلاً. وقال رئيس بعثة الأمم المتحدة في رانغون آشوك نيغام إن “الأرقام الأخيرة تفيد أن 22587 شخصاً نزحوا ودمر نحو 4665 منزلاً حسب التقديرات التي قدمتها الحكومة إلى الأمم المتحدة. وأوضح أن الأغلبية الكبرى من النازحين مسلمون ومازالوا في محيط قراهم المدمرة.
لكن بضعة آلاف وصلوا بالقوارب إلى سيتوي. وبإضافة هؤلاء يبلغ العدد الإجمالي للاجئين نحو 26 ألفاً. وتجمع المئات منهم على شاطئ خارج سيتوي. وقالت شو شو المسلمة البالغة 28 عاماً التي وصلت من كياوكفيو جنوباً وفي ذراعيها رضيع “منزلنا أحرق. قتلوا ابني وزوجي. أرجوكم اقتلونا جميعاً”. وتابعت “إذا كانوا لا يريدون بقاء “الكالار” في ولاية راخين، اقتلوني. لا أريد البقاء هنا” مستخدمة العبارة السلبية التي يوصف بها المسلمون. وقال هلا وين اللاجئ البالغ 27 عاماً “ليس لدي أي أمل. لم يعد لدينا شيء. الأمر كخسارة حياة كاملة”. وأدت أعمال العنف في يونيو الماضي إلى تهجير نحو 75 ألف شخص أغلبهم من الروهينجيا الذين مازالوا يعيشون في ظروف بائسة خارج سيتوي في مخيمات تنقصهم فيها المواد الغذائية والعناية. وأكد آشوك نيغام أن الوصول إلى آلاف النازحين الجدد سيكون “أكثر صعوبة” مشيراً إلى ضرورة العثور “سريعاً على موارد إضافية”. وبدأت السلطات توزع الخيم والأغذية بحسب زاو هتاي من مكتب الرئيس ثين سين الذي أكد أن أعمال العنف اندلعت في أماكن “غير متوقعة”.
وفي مينبيا إحدى البلدات الأكثر تضرراً بأعمال العنف، نزح 4 آلاف شخص، كما قال مسؤول في الشرطة المحلية. وقال المسؤول في الشرطة إن الجيش والشرطة اتخذا موقعاً فاصلاً “بين المسلمين والراخين” فيما انتشرت قوى الأمن في المناطق الحساسة. مع كل هذا، وبعد يومين من الهدوء الهش وقعت حوادث جديدة في باوكتاو وهي بلدة طالها العنف حيث أحرقة مئات المنازل بحسب مسؤول من الراخين.
والمجموعتان موجودتان في إحدى أكثر ولايات البلاد فقراً، منذ عقود شابها التوتر. لكن الروهينجيا ليسوا الضحايا المسلمين الوحيدين في الأحداث الأخيرة بحسب كريس ليوا من منظمة ذا اراكان بروجكت التي تدافع عن حقوق الروهينجيا.
وقالت ليوا “ليس الروهينجيا وحدهم المستهدفون، بل المسلمين عموماً ولاسيما أقلية كامان المعترف بها ويعتبر أفرادها من مواطني” بورما.