لا حق فوق حق الأمن
حقوقنا الدستورية المكتسبة التي توافقت عليها جميع مكونات المجتمع البحريني من العائلة المالكة والمكوّن السنــــي والمكــــوّن الشيعـــي وبقيــــة المكونــــات الأصغـــر في 14 فبرايــــر 2001 مــــن خلال الاستفتـاء التاريخي على ميثاق العمل الوطني، والتعديلات الدستورية الأولى التي أجريت بعد عام من ذلك التاريخ، وما تبعه من تحول ديمقراطي، وإصلاحات سياسية واسعة النطاق مازالت قائمة إلى اليوم لم يكن الهدف منها إتاحة المجال للمواطنين التعبير عن آرائهم والمشاركة السياسية فقط.
الإصلاحات السياسية عندما بدأت قبل نحو عقد من الزمن كان الهدف منها تحسين مستوى معيشة المواطنين، وتحقيق تطلعات التنمية الشاملة التي يتطلع لها عاهل البلاد، وكذلك شعب البحرين بكافة مكوناته.
الديمقراطية وإصلاحاتها السياسية، والتنمية وتطلعاتها الشاملة لا تتحقق دون عنصر الأمن، والأمن ليس عنصراً هامشياً في أي تحول ديمقراطي، بل هو حق للدولة وللمواطنين والمقيمين على السواء، وحق حتى لمؤسسات الدولة التي لا يمكن القيام بوظائفها والمهام المطلوبة منها دون وجود الأمن والاستقرار.
الأمن والاستقرار جزء أصيل من حقوق الإنسان، ودائماً ما يتغافل الحقوقيون والمنظمات الحقوقية عن هذه الحقيقة لصالح حقوق أخرى يتم تسييسها؛ فمن النادر أن تتحدث إحدى المنظمات عن حق الأمن مقابل اهتمامها ودفاعها عن حق التعبير والرأي، وهي من المعايير المزدوجة المسكوت عنها!
حق الأمن في البحرين تعرّض لتدهور كبير منذ فبراير ـ مارس 2011 بســبب الأجندة السياسية التي برّرت للبعض وغرّرت للبعض الآخر زعزعة الأمن والمساس بالاستقرار من أجل مطالب سياسية معتدلة كانت أو حتى راديكالية تبدأ بالإصلاح السياسي وتنتهي بإسقاط النظام وإقامة الجمهورية الثيوقراطية.
لأول مرة في العالم تبرز حركة سياسية لا عنيفة يكون ضحاياها رجال الأمن الذين تجاوز عددهم الألف بين شهيد وجريح، في حين أعداد الضحايا ممن قاموا بالحركة معدودة، ولا تكاد تذكر مقارنة برجال الأمن المستهدفين.
المواطنون والمقيمون قالوا كفى لمن يحاول تعكير صفو الحياة اليومية، بمسيرات وتجمعات تنتهي دائماً بأعمال إرهاب وعنف، والوقت حان لإعادة الأمن والاستقرار والهدوء لأرخبيل البحرين. ولذلك جاءت خطوة وزير الداخليــــة الفريــــق الركـــــن الشـــــيخ راشـــــد بـــــن عبدالله آل خليفة بإيقاف كافة المسيرات والتجمعات لحين عودة الأمن في وقت دقيق ومهم للغاية، وهي خطوة بلاشك تحسب للدولة التي تتزايد الضغوط الداخلية عليها للحسم والشدة في التعامل مع الإرهابيين والمحرضين.
الدولة ستواجه خلال الفترة المقبلة ضغوطاً كبيرة من حكومات أجنبية، ووسائل إعلام دولية، ومنظمات حقوقية إقليمية وعالمية، وينبغي التعامل معها على أنها مجرد زوبعة في فنجان، ويجب حماية الدولة من هذه الضغوط بدعم قراراتها الحاسمة تجاه الإرهاب والإرهابيين.
والأهم من ذلك أن ندرك أن حقوقنا الإنسانية التي كفلها الدستور مهمة ومكتسبة في الوقت نفسه، ولكن لا قيمة ولا معنى لها إذا ضاع حق الأمن، فلا حق فوق حق الأمن.
يوسف البنخليل