كتب- محرر الشؤون المحلية:
تعمل حكومات الدول صاحبة الديمقراطيات العريقة على اتخاذ إجراءات أمنية وقانونية للحيلولة دون وقوع هجمات إرهابية على أراضيها ولمكافحة مختلف الأنشطة المهددة لأمنها واستقرار مجتمعاتها، وتجفيف منابعها، وتشمل تلك الإجراءات إصدار تشريعات خاصة بمكافحة الإرهاب وتشديد إجراءات الرقابة على حركة الأموال في البنوك والمؤسسات المصرفية، وفرض أنواع من الرقابة على شبكات الإنترنت والمكالمات الهاتفية، وتوقيف وطرد المتهمين بالتحريض على الإرهاب وتجريدهم من الجنسية الوطنية، وتغليظ جريمة الاعتداء على رجال الأمن، إضافة إلى تنظيم القوانين لحقوق التعبير عن الرأي والتظاهر والإضراب، والتشدد في تطبيقها.
ومن الثابت أن بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة ودولا غربية أخرى تتخذ إجراءات صارمة ومشددة تجاه أية تجاوزات للقانون تمس الأمن العام أو تعيق الحياة العامة أو تهدد حياة المواطنين ورجال الأمن، كما اتخذت تلك الدول إجراءات مماثلة بعد أحداث مثل الهجمات التي تعرضت لها الولايات المتحدة في 11 سبتمبر، والتفجيرات وأحداث التخريب في لندن، وأحداث العنف والتخريب والحرق المتكررة في باريس.
ووقع الرئيس بوش في أعقاب أحداث 11 سبتمبر، قانوناً شاملاً للتصدي للإرهاب، يمس العديد من جوانب الحياة السياسية والمالية والشخصية، يسمح باعتقال وإبعاد المقيمين في الولايات المتحدة من غير الأمريكيين الذين يقدمون أي نوع من المساعدة، حتى لو كانت ذات طابع قانوني، لأية مجموعة يقرر وزير الخارجية أنها مجموعة إرهابية دون الحاجة لقيام الحكومة مسبقاً بتحديد أي المنظمات تعتبرها إرهابية.
ويفرض القانون على المؤسسات المالية أن تراقب كل النشاطات المالية وأن تبلغ عن أية نشاطات «مريبة» دون إبلاغ الشخص المعني، ويوسع من صلاحيات الأجهزة الأمنية في القيام بعمليات تفتيش دون مذكرة رسمية، ودون معرفة صاحب العلاقة، ويعطي المدعي العام ووزير الخارجية صلاحية تصنيف أية مجموعة في الولايات المتحدة كمجموعة إرهابية، ليتم التعامل معها على هذا الأساس.
وكانت الولايات المتحدة الأمريكية، اعتمدت ومددت استخدام المراقبة المتحركة لاتصالات مشتبه بهم يستخدمون عدة خطوط هاتفية كما تم تمديد مبدأ التحقيق حول شخص بذريعة الاشتباه في أنه يقوم بنشاطات «إرهابية» لحسابه الخاص وكذلك إمكانية اطلاع السلطات على أي معطيات ملموسة بشأن مشتبه به مثل الرسائل الإلكترونية.
واعتقلت الشرطة الأمريكية غالبية من شاركوا في التظاهرة غير القانونية الأولى في وول ستريت «أكثر من 80 شخصاً»، لتسببهم في عرقلة حركة المرور» وقبضت الشرطة أيضاً على نحو 700 شخص في مظاهرة ثانية لعرقلتهم المرور أيضاً، وكان لافتاً الطريقة الصارمة والمتشددة في القبض على المتظاهرين، والأعداد التي تم القبض عليها، التي يعزوها المراقبون إلى أن الدول المتقدمة تتشدد في تطبيق القانون وحفظ الأمن بالقوة نفسها التي تحفظ بها حرية التعبير.
ولم تخسر بريطانيا لقبها كواحدة من أعرق الدول الديمقراطية في العالم بسبب العديد من الإجراءات والتدابير التي اتخذتها أخيراً لمواجهة ما تعتبره تحريضاً وأنشطة إرهابية تهدد أمنها واستقرارها الداخلي، ونفذت الحكومة البريطانية خلال أكتوبر الحالي قراراً يقضي بترحيل 5 أشخاص تصفهم بأنهم متشددون. كما إنها وفي إطار تشديد الإجراءات الأمنية عمدت بريطانيا إلى نشر ما بين 4 إلى 7 ملايين كاميرا للمراقبة الأمنية، 300 -500 ألف منها في العاصمة لندن وحدها.
وطبقت لندن قوانين تجعل من «تمجيد» الإرهاب وتوزيع «المطبوعات الإرهابية» أمراً غير قانوني، ويتيح قانون الإرهاب إيقاف الجماعات أو التنظيمات إذا قامت بهذه المخالفات، كما يطال القانون كل من يوفر التدريب أو يتلقاه، ويسمح القانون باتخاذ إجراءات ضد من يحمل لافتات تمجد الذين نفذوا هجمات في لندن. كما يضيف القانون مخالفات جديدة كتلقي تدريب للإرهاب والتحضير أو التخطيط لعمل إرهابي وتوزيع مطبوعات ذات محتوى إرهابي.
وطورت فرنسا التي توصف بأنها عاصمة الحريات، منظومة مكافحة «الإرهاب» مع كل موجة اعتداء، فقد أصدرت عامي 1986 و1996، قانونين، وبعدها بقليل إثر الاعتداءات التفجيرية في مدريد ولندن، أصدرت في يناير 2006 القانون المتعلق بمكافحة الإرهاب على مستوى وطني، يتضمن إجراءات متنوعة تتعلق بالأمن والرقابة على الحدود. ويسمح القانون بتجميد الأصول المصرفية للأشخاص والهيئات التي ترتكب، أو تحاول ارتكاب أعمال إرهابية، وتعتبر فرنسا التشريع مكملاً للوائح الأوروبية والأممية التي تكافح الإرهاب.
ووضع النظام التشريعي البحريني ضوابط صارمة من أجل التصدي لمن يحاولون الإضرار باستقرار البلاد، وفي باب الحقوق والواجبات العامة من الدستور البحريني، نصت المادة 17 على أن «الجنسية البحرينية يحددها القانون، ولا يجوز إسقاطها عمن يتمتع بها إلا في حالة الخيانة العظمى، والأحوال الأخرى التي يحددها القانون».
وأوضح خبراء قانونيون أن القانون لم يشترط الإدانة بحكم قضائي مثلما هو الحال في بعض حالات سحب الجنسية ممن اكتسبها إذا أدين في جريمة تمس شرفه أو أمانته. وشملت المادة التي تجيز إسقاطها في حالات معينة جميع حاملي الجنسية بالأصالة أو بالاكتساب. وأشاروا إلى أن جميع الجرائم التي يرتكبها شخص كعيسى قاسم هي جرائم علنية، وأنها بمجرد إلقائه خطابات تنادي بقتل الشرطة أو تبث الطائفية والعنف في الشوارع، فإن ذلك يعتبر من الناحية القانونية إضراراً بأمن الدولة.
وتزايدت خلال الفترة الأخيرة المطالب بإنفاذ القانون ضد الجرائم ذات الخطورة على المجتمع، التي تؤدي إلى العنف والانقسام الطائفي، أسوة بالدول الديمقراطية المتقدمة، كما تزايدت الانتقادات لبعض تلك الدول التي تنتقد أحياناً تطبيق القانون في البحرين بينما تطبق في بلدانها إجراءات أكثر صرامة.
وتعتبر تلك الإجراءات والتشريعات البحرينية موافقة لإجراءات دول متقدمة مثل فرنسا حيث قرر الرئيس الفرنسي السابق ساركوزي، عام 2010 سحب الجنسية الفرنسية من كل من يستخدم العنف ويعتدي على الشرطة أو الموظفين العموميين، أعقبه تصويت الجمعية العامة الفرنسية بالموافقة على قانون جديد يرمي إلى سحب الجنسية الفرنسية ممن يرتكبون جرائم ضد أفراد الأمن.
وأتت تلك التعديلات إثر أحداث عنف وشغب واسعة عمت بعض المدن الفرنسية، وأدت إلى مواجهات مع الشرطة وأعمال تخريب وحرق للممتلكات العامة والخاصة. وتضاف تلك القرارات إلى شروط سحب الجنسية الفرنسية المطبقة بالفعل والمحددة بحالات الإدانة بالإرهاب أو الإساءة إلى أمن الدولة.
وتفرض في سياق متصل، دول العالم، قواعد خاصة تقيد حق التظاهر والإضراب، وتمنع بعض دول الاتحاد الأوروبي مثل ألمانيا والدنمرك والنمسا وغيرها موظفي القطاع العام من الإضراب، ضماناً لاستمرار الخدمات العامة للمواطنين، مثلما هو عليه الحال في القوانين البحرينية التي تحظر الإضراب على موظفي الخدمة المدنية.
ولا يسمح للمعلمين بالمدارس العامة في بعض الولايات الأمريكية بممارسة الإضراب، وفي تركيا صدر قانون عام 2001، يمنع الموظفين الحكوميين من الإضراب وتعتبر منظمة العمل الدولية أن مبدأ الحرية النقابية لموظفي الخدمة المدنية لا يشمل الحق في الإضراب.
وفي جميع دول الغرب توجد قوانين تنظم حق التظاهر وتمنع التظاهر في الأماكن ذات الأهمية الحيوية الأمينة أو الاقتصادية.
وفي بولندا صدر قانون عام 1991 يمنع الإضرابات التي تعتبر ذات ضرر على حياة المواطنين، أو الصحة، أو تهديد أمن الدولة، كما تطبق سلوفاكيا وسلوفينيا والمجر قيوداً مماثلة.
وتسببت الأحداث المؤسفة التي شهدتها المملكة العام الماضي بانخفاض النمو من 5.2 إلى 2.2% ، فضلاً عن الخسائر التي لحقت بأصحاب الاستثمارات الخاصة.
ويفرض القانون في المجر، قيوداً معينة على الإضرابات، إضافة إلى اشتراط قانوني بين الخدمة المدنية والنقابات ووزارة الداخلية للتوصل إلى اتفاق من أجل السماح الحفاظ على الحد الأدنى من الخدمات العامة لعموم المواطنين، لا سيما لأغراض النقل وإمدادات الكهرباء والغاز والمياه.