كتبت - عايدة البلوشي:
تعتبر “العيدية” لدى الأطفال من أجمل مظاهر الاحتفال بالعيد، حيث يعدون خططهم المسبقة لإنفاق العيدية المتوارثة والتي تدخل البهجة والفرح إلى نفوسهم، ويتباهون بها بين أقرانهم الصغار، وهي تعد نوعاً من مشاركة الكبار لهم في فرحتهم بحلول هذه المناسبة السعيدة، وتجسيداً للفرح ويضفي السعادة على الجميع، فيما يراها البعض بأنها غرامة للكبار.
وقال مواطنون، في تصريحات لـ«الوطن”، إن العيدية اختلفت عما كانت عليه في السابق باختلاف الزمن، وأشار أباء وأمهات إلى أنهم يحسبون للعيدية حساباً خاصاً لأنها تعد ميزانية إضافية على ميزانية الملابس ومتطلبات العيد الأخرى.
عادة اجتماعية قديمة
يقيس عبدالله حسن فرحة الأطفال وأثر العيدية على نفسيتهم بفرحه سابقاً من خلال استرجاعه لأيام الطفولة خلال الأعياد، وكيف كان المبلغ القليل الذي يحصل عليه يساهم في سعادته، حيث كان ينتظر يوم العيد بفارغ الصبر ويخطط كيف سيستفيد من العيدية، وفيما سيستخدمها، مؤكداً أن العيد تراث اجتماعي معروف منذ القدم. لذا اليوم يعزز هذه العادة في نفوس أبنائهم ليس بغرض الحصول على العيدية إنما عادة اجتماعية قديمة.
الزمن اختلف
وتخالفه في الرأي عائشة سعد بقولها: العيدية اختلفت تماماً عن الأمس، ففي الماضي كان الطفل ينتظر العيد بفارغ الصبر من أجل جمع المال وشراء الحلويات والألعاب والذهاب إلى الملاهي وكانت الفرحة بسيطة، اما اليوم اختلفت شكل العيدية والطفل بدأ يفهم بصورة أكبر وأحياناً نجده لا يريد العيدية البسيطة “الخردة” بل يريدها ورقية، والأسر أيضاً بدأت تتفنن في العيدية وتضع بأشكال ومع حلوى معينة وأيضاً نستطيع الاستعانة بأشكال العيدية الجديدة من خلال وسائل التواصل الاجتماعي التي فرضت نفسها خاصة الانستغرام.
وتواصل: الزمن اختلف اليوم لا نستطيع ترك الأطفال في الشارع يعيدون رغم أنها عادة جميلة، بل يمكن أن ترافقهم الخادمة، وأيضاً من مظاهر الاختلاف العيدية اليوم أصبحت مقتصرة في بيت العائلة بين الأهل والأصدقاء ولا تتسع إلى دائرة الجيران أو الشارع.
فرحة للصغار وغرامة للكبار
في المقابل فإن الآباء والأمهات يحسبون للعيدية حساباً خاصاً لأنها تعد ميزانية إضافية على ميزانية الملابس ومتطلبات العيد الأخرى من “قدوع و..”، وهو ما عبرت عنه منى علي بأنها تجهز للعيدية قبلها بفترة وتضع جزءاً من ميزانية الشهر للأطفال، واليوم نجد هناك ما يسمى “بالتثاقل” وكأنها غرامة مالية عليهم، فقد اختلفت معنى العيدية، ففي الماضي رغم قلتها الا أن لها طعماً مميزاً ومعنى عظيماً، أما اليوم نجد الكثير من الناس تمنع أطفالها الخروج لأحياء هذه العادة القديمة وتكتفي بالعيدية الأطفال بين الأهل والعائلة.
العيدية و«البرستيج»
وتشاركها نورة إسماعيل/ بسؤالها: لماذا تمنع الأطفال من العيدية في الفريج؟ كما كان في السابق، فهذه الأمور التقليدية القديمة بدأت تندمر جيلاً بعد جيل، فلم نجد أطفالاُ في الشوارع في يوم العيد في كثير من الأحياء السكنية، ولو نعود ألى الأسباب نجد أنها أسباب غير حقيقية أو وهمية، فالأم تمنع طفلها التجول في الشارع يوم العيد لطلب العيدية من باب أنها ليس من مستواها (برستيج)، بالتالي تعطي الطفل ما يريد من النقود، وهذا خطأ، لأننا بتجول الطفل بين طرقات الفريج يعزز هذه العادة التي اكتسبناها من أجدادنا. فلماذا تمنع الأم طفلها من العيدية؟ فلا أجد مبرراً لذلك.
العيدية وفرحة الأطفال
وترى الباحثة الاجتماعية هدى المحمود أن للعيدية قيمة اجتماعية مهمة جداً وخاصة بالنسبة للأطفال، وإن اختلفت عن الماضي واختلف معناها الحقيقي بسبب تغيرات التي طرات في المجتمع التي جرت إلى تغير بعض المفاهيم منها مفهوم العيدية، فالطفل لا يعنيه العيدية “النقود” إنما ماذا يشتري منها، فيجب أن تكون بالكم المعقول ولا نبالغ فيها لأنه كما ذكرنا الطفل لا يفهم قيمتها المادية، بالتالي العيدية تنمي قدرة الطفل على التصرف وأخذ القرارات فيما يمتلك من نقود وتدربه في المستقبل وذلك إن كانت بالقيمة المعقولة وغير مبالغ فيها.
تضيف: كما نجد أن العيدية اختلفت بشكل كبير نتيجة تغير المجتمعات وتغيير المعايير الاجتماعية وأيضاً تغيرت اهتمامات الأطفال فأصبحوا يحبون ويفضلون ألعاباً معينة بالتالي جميعها عوامل اختلفت العيدية، ناهيك عن العوامل الأخرى من تطور العيدية من أنها تقدم للطفل كنقود إلى أن تضاف اليها شوكولاتا مع العيدية، وأيضاً لا نرى الأطفال يعيدون في الشوارع، فالوضع اختلف بعكس الماضي وذلك لأنه في السابق كانت البيوت متلاصقة والناس تعرف بعض أما اليوم لا نعرف الجيران والحوادث كثرت والأمن ليس كالسابق، بالتالي نجد الأطفال لا يعيدون في الفرجان كالسابق وإن وجدناهم مع الخادمة. وحول أثر العيدية على نفسية الطفل تقول المحمود: العيدية تشعر الصغير باهتمام الكبار ورعايتهم فيزيد إحساسه بالأمان وهو شيء ضروري لصحته النفسية. أما بالنسبة لفائدة العيدية للكبار فيقول: إن العيدية لها فائدة أيضاً للكبار فهي تخرجهم من انشغالهم بذاتهم إلى الانشغال بسعادة الصغار، وبذلك يكتشف الشخص أن السعادة الحقيقية تكمن في إسعاد الآخرين وبهذا تكتمل صحته النفسية.
تختتم: يجب علينا المحافظة على هذا التراث البحريني الجميل ولا نباهي بالعيدية بكثرة المبالغ أو الأشكال، إنما القيمية الأساسية تكمن في معناها الحقيقي، ومن ثمار هذه العادة الجميلة اجتماع الاطفال وتجمع الأهل والأصدقاء.
تعتبر “العيدية” (فلوس العيد) واحدة من أهم مظاهر الاحتفال بالعيد عند الأطفال، فجميع الأطفال ينتظرون قدوم صباح يوم العيد حتى يحصلوا على العيدية من الكبار سواءً كان من الأم أو الأم أو الجد أو الجدة أو أحد الأقارب. وغالباً ما تكون العيدية مبلغاً من المال يفرح بها الأطفال حيث يشترون ما يريدون من ألعاب وحلوى احتفالاً بقدوم العيد.