استقبل حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى حفظه الله ورعاه بحضور صاحب السمو الملكي الامير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء الموقر وصاحب السمو الملكي الامير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد نائب القائد الاعلى في قصر الصخير هذا اليوم اصحاب الفضيلة والسماحة علماء الدين والمشايخ وممثلي الاديان السماوية والعقائد الاخرى في البلاد.
وفي بداية اللقاء صافح جلالة الملك المفدى الحضور . بعد ذلك تفضل جلالة الملك المفدى بإلقاء كلمة سامية هذا نصها:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على نبينا ورسولنا محمد وعلى آله وصحبة أجمعين .
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ,,
يسرنا ويسعدنا أن نرحب بكم ونلتقي في هذا اليوم تقديراً لما تقومون به من عمل جليل خدمة للبحرين وأمتكم من أجل أن يعم الخير والأمن والسلام والاستقرار على الجميع ، وتأكيداً على استمرارية التواصل بيننا .
أيها الأخوة والأخوات :
يقول الله تعالى في كتابه الكريم ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ) .
إن العيش في مملكة البحرين يمثل تجسيداً عملياً لهذه الآية الكريمة، فقد كانت البحرين وما تزال بحمد الله ملتقىً سمحاً لمختلف العقائد والأديان والمذاهب والأفكار التي تعايشت وتمازجت بسلام وأمان، على مر العصور، حيث كانت البحرين وأهلها أنموذجاً مشرفاً للأخوة والمودة والسلام بين الجميع ، وهي كما لا يخفى على أحد من أوائل الديار المباركة في بلاد العرب التي خصها نبينا محمد صلى الله عليه وسلم بتوجيه رسالة الدين الإسلامي السمح ، فاستجاب ملكها وأهلها بقبول رسالة الإسلام الحضارية طوعاً واقتناعاً .
إن جوهر التعايش في مملكة البحرين هو احتفاظ كلٌ منا بدينه وهويته وخصوصياته كاملاً من غير نقصان ، على أساس من الثقة والاحترام المتبادل بين الجميع ، ومنبثقاً من رغبة أهالي البحرين في التعاون لخير الإنسانية، وتعميق التفاهم بين أهل الأديان والمذاهب وإشاعة القيم الإنسانية ، وإقامة جسور التقارب الإنساني والحضاري والثقافي ، كما نص على ذلك الميثاق الوطني والدستور بعد توافق وطني مرت عليه عقود من الزمان . وما الدعوة لاستكمال حوار التوافق الوطني ، إلا تأكيداً لذلك النهج الذي سار عليه أهل البحرين ، متمنين للمشاركين فيه كل التوفيق والنجاح لما فيه خير الجميع .
وفي عصرنا هذا يجب أن يتسع مفهوم التسامح وقبول الآخر ليكون وسيلة داعمة لجهود المجتمع من أجل ترسيخ مفهوم السلام العالمي والسلم الأهلي واستتباب الأمن والاستقرار واحترام حقوق الإنسان والحريات العامة في ظل سيادة النظم والقوانين .
وانطلاقاً من مبادئ ديننا الحنيف فإن مملكة البحرين كفلت حرية المذاهب الإسلامية والأديان السماوية والثقافات الإنسانية لجميع الناس منذ مئات السنين مما شجعهم في البقاء على هذه الأرض الطيبة حتى يومنا هذا ينعمون بطيب الحياة الكريمة.
وتأكيداً على هذه المعاني السامية من التسامح والتعايش ما بين الحضارات على أرض هذه المملكة الطيبة ، فقد أمرنا بإنشاء مكتبة الملك حمد والتي تضم بمحتوياتها 156 مليون عنوان من جميع الثقافات والمكتبات العالمية تعزيزاً لهذا الدور الإنساني ، ونأمل أن يكون لديكم الوقت الكافي في هذا اليوم لزيارتها للإطلاع على محتوياتها.
ختاماً نكرر شكرنا وتقديرنا لحضوركم الكريم ونرجو أن تنقلوا تحياتنا وتقديرنا لكل الجاليات المقيمة في البحرين الذين يشاركوننا في النهضة الشاملة للبلاد .
نسأل الله تعالى إن يحفظ مملكتنا البحرين ، وأن يؤلف بين قلوبنا، وأن يديم علينا وحدتنا وأخوتنا بالأمن والأمان والاستقرار والرخاء والسلام ، إنه سميع مجيب الدعاء .
والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
ثم ألقى القس هاني عزيز رئيس الكنيسة الانجيلية الوطنية في البحرين كلمة قال فيها:
بسم الله الرحمن الرحيم
حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك مملكة البحرين حفظك الله برعايته , ورعاك بحمايته , وباركك بنعمته .أصحاب السمو و المعالي والسعادة والسماحة.
سلام الله الذي يفوق كل عقل يحفظ قلوبكم وأفكاركم , يكون معكم ويدوم فيكم من الان والى الأبد آمين .
جلالة الملك بالنيابة عن كل الحاضرين أتشرف أن أتقدم الى جلالتكم بكل الشكر والامتنان من أجل دعوتكم الكريمة لنا , فهذه الدعوة الكريمة لها كل الأثر الطيب فى قلوبنا ونفوسنا , وهذا ليس بغريب عليكم يا جلالة الملك لأنك تشعرنا دائما بانتا من ضمن رعاياك حتى ولو كنا مقيمين فى مملكة البحرين .
البحرين التى فتحت لنا أحضانها وأحتوتنا تحت جناحيها , فإنني أشعر أنني مديون للبحرين ولذلك فأنا انتهز كل مناسبة لأخبر الشعب المسيحى فى البحرين أنه ينبغى أن نكون أمناء لهذا البلد الكريم الذى وفر لنا الأمن والأمان والذى نأكل من خيره ونعيش قى سلام مع عائلتنا فى ظل قيادتكم الكريمة والحكيمة يا جلالة الملك .
جلالة الملك أننا كرجال الدين الواحد نرفع باستمرار صلواتنا إلى الله سبحانه وتعالى من أجل جلالتكم لأن هذا أمر من الله سبحانه وتعالى كما هو مكتوب في الإنجيل الشريف فأوصيكم أول كل شيء أن تقيموا الدعاء والصلاة والتضرع والحمد من أجل كل الناس , ومن أجل الملوك وأصحاب المناصب . لكى نحبا حياة هادئة مطمئنة بكل تقوى ووقار . فهذا حسن ومقبول عند الله منقذنا .
وكما أمرنا الله فأننا نصلى من أجلكم يا جلالة الملك أن يملأكم الله بالحكمة النازلة من السماء فهي قبل كل شيء حكمة طاهرة , ثم مسالمة , لطيفة , متفاهمة , مملؤة بالرحمة والعمل الصالح , لا تحيز فيها ولا نفاق . ونحن دائما ندعوا إلى الله سبحانه وتعالى أن يثبت فى شعب البحرين الكريم وفينا كمقيمين ثلاثة للألئ.
الإيمان والرجاء والمحبة .
الإيمان : أى الثقة والتصديق فى كل كلام الله و ونثق فى بعضنا البعض ونعمل بكل جد عل بناء كل جسور الثقة .
الرجاء : الأمل المبنى على الثقة فى الله, والثقة فى قدرتنا, والثقة فى بعضنا البعض . الأمل الذى يجعلنا ننظر للمستقبل وكأننا نمتلكه في أيدينا .
المحبة : أنا لا أتكلم عن المحبة بالكلام ولكن المحبة المسئولة , فالمحبة والمسئولية يجب ان يكونا دائما مرتبطين معا .فأنا اذا قولت انى أحب البحرين فيجب ان تظهر هذه المحبة بطريقة عملية . فالطالب في تفوقه , والموظف في أمانته , والأم في طريقة تربيتها , والعامل فى أنتاجه , والعالم فى اختراعاته . وادعوا لشعب البحرين أن يعطينا الله أن نربط هذه اللألئ الثلاثة برباط السلام . فنعيش فى أمن وأمان تحت رعايتكم يا جلالة الملك .
أخيرا يا أخوتي فكروا دائما في كل ما هو حق وشريف , وكل ما هو صالح وطاهر , وكل ما هو محبوب وله سمعة حسنة , وفى أي شيء طيب ويستحق المديح . ولنرفع شعار البحرين أولا وقبل كل شيء البحرين فوق الجميع عاشت البحرين , عاشت البحرين , عاشت البحرين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
بعد ذلك توجه فضيلة الشيخ عدنان بن عبد الله القطان رئيس محكمة الاستئناف العليا المدنية بالدعاء الى الله سبحانه وتعالى قائلا :
بسم الله الرحمن الرحيم
صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد حفظكم الله ورعاكم وسدد على طريق الخير خطاكم صاحب السمو الملكي الامير خليفة بن سلمان ال خليفة رئيس الوزراء الموقر صاحب السمو الملكي الامير سلمان بن حمد ال خليفة ولي العهد نائب القائد الاعلى اصحاب المعالي والسعادة ، .. وخير ما يناسب أن نختم به لقاءنا هذا مع جلالتكم حفظكم الله قول الله تبارك وتعالى مخاطباً نبيه وأمته آمراً لهم : ( قل آمنا بالله وما أُنزل علينا وما أُنزل على إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وما أوتي موسى وعيسى والنبيون من ربهم ، لا نفرق بين أحد منهم ونحن له مسلمون ) وقول نبينا محمد صلى الله عليه وسلم : ( مثلي ومثل الأنبياء من قبلي ، كمثل رجل بنى بنيانا ، فأحسنه وأجمله ، إلا موضع لبنه من زاوية من زواياه ، فجعل الناس يطوفون به ، ويعجبون له ، ويقولون : هلا وضعت هذه اللبنة؟ قال : فأنا تلك اللبنة ، وأنا خاتم النبيين ) .
وهكذا يا صاحب الجلالة ويا أيها الأخوة يكتمل البناء بين جميع أتباع الديانات وأنبيائها، بتعايشها في أوطانها بأمن وثقة وسلام واحترام ، وتعاون على ما فيه الخير والصلاح للبلاد وللإنسانية جمعاء .
فاللهم إنا نسألك في هذا الوطن ، رحمة من عندك ، تهدي بها قلوبنا وتجمع بها شملنا ، وتلم بها شعثنا ، وتلهمنا بها من كل سوء ومكروه .
وتدفع بها الفتن والمحن عنا وعن بلادنا وعن قيادتنا وعن جميع البلاد يا ارحم الراحمين . اللهم أحفظ بلادنا البحرين وأهلها بجميع أطيافهم وفئاتهم ، وأحفظ قادتها من كل سوء ومكروه ، وأجعله بلداً آمناً مطمئناً سخاءً رخاءً وأظله بظل الإيمان ، وبنعمة الأمن والأمان ، والاستقرار والوحدة الوطنية ، وألف بين قلوبنا رعاة ورعية ، وأحفظه علينا وطناً وملكاً وحكومةً وشعباً ، وأهد الجميع للتي هي أقوم ، اللهم أحفظنا من بين أيدينا ومن خلفنا وعن أيماننا وعن شمائلنا ومن فوقنا ومن تحتنا ، ونعوذ بعظمتك أن نغتال من تحتنا ، اللهم أصلح ذات بيننا ، وألف بين قلوبنا ، وأهدنا سبل السلام ، وأهدنا إلى صراطك المستقيم ، اللهم وحد كلمتنا وصفوفنا ، وأحفظ علينا مودتنا وأخوتنا ، وطهر قلوبنا من الحقد والحسد والبغضاء ، وجنبنا الخلاف والنزاع والشقاق والخصام ، يا ذا الجلال والإكرام . اللهم وفق ولاة أمورنا لما تحب وترضى ، اللهم أيد بالحق ولي أمرنا ملكنا حمد بن عيسى ، اللهم أرض عنه وأحبه ، وأطل في عمره ، وارفع قدره ، ويسر أمره ، وأعل شأنه ، وبارك له في أولاده وذريته ، وأجري الخير على يديه ، اللهم ومتعه ورئيس وزرائه وولي عهده بالصحة والعافية ، اللهم وفقهم لما تحب وترضى وخذ بنواصيهم للبر والتقوى وسدد على طريق الخير خطاهم وهيئ لهم البطانة الصالحة الناصحة ووفقهم لما فيه الخير لوطنهم ومواطنيهم يا رب العالمين .. اللهم وفق قادة هذه البلاد إلى كل خير وجنبهم كل شر وأعنهم ولا تعن عليهم ، وأمكر لهم ولا تمكر بهم ، وأهدهم وأهد بهم ، وأصلحهم وأصلح بهم يا رب العالمين .. اللهم اجعل لحكامنا وحكام المسلمين وزراء ومستشاري صدق يعينونهم على الخير إذا ذكروه ، ويذكرونهم به إذا نسوه ياذا الجلال والإكرام .
اللهم لا تجعل بيننا ولا منا من يريد السوء لبلادنا ، واكفنا شر الأشرار ، وكيد الفجار ، اللهم لا تجعل بيننا حاسداً ولا حاقداً ، اللهم وأكتب الأمن والتقدم والارتقاء لبلادنا البحرين ، اللهم واجمع شعبنا على كلمة واحدة ، يا رب العالمين. اللهم إنا نعوذ بك من زوال نعمتك وتحول عافيتك وفجاءة نقمتك ، وجميع سخطك ، اللهم أهد شبابنا إلى صراطك المستقيم ، اللهم بصر جاهلهم وأيقظ غافلهم ، ودلهم على الخير والهدى وجنبهم رفقاء السوء يا سميع الدعاء .
اللهم من أراد بلادنا وأمننا بخير وصلاح فوفقه إلى كل خير ، ومن أرادها بشر وسوء وفتنة ، فاجعلهم اللهم كيده في نحره ، واجعل تدبيره تدميراً عليه ، وأرنا فيه عجائب قدرتك يا سميع الدعاء . اللهم اجعل تجمعنا هذا تجمعاً مرحوماً ، وتفرقنا من بعده تفرقاً معصوماً ، ولا تجعل فينا ولا منا شقياً ولا محروماً برحمتك يا أرحم الراحمين . اللهم لا تردنا خائبين ولا عن بابك مطرودين ، اللهم هذا الدعاء ومنك الإجابة وعليك التكلان ولا حول ولا قوة إلا بك ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وإخوانه من الأنبياء والمرسلين .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
هذا وقد سبق إن التقى جلالة الملك المفدى أيده الله بعدد من اصحاب الفضيلة والسماحة علماء الدين وممثلي الاديان السماوية الذي شاركوا في مؤتمر الحوار الإسلامي المسيحي ومؤتمر التقريب بين المذاهب اللذان اقيما تحت رعاية جلالته وذلك حرصاً من جلالة الملك المفدى على إشاعة المحبة والسلام والتسامح بين شعوب دول العالم .