أجـرى الحـوار – وليـد صبـري:
أكد المفكر الإسلامي ورئيس لجنة الإعجاز العلمي في المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية بمصر وأستاذ علوم الأرض د. زغلول النجار أن «المخابرات الأمريكية تلعب دوراً خطيراً لتأجيج التوتر وإحداث الفتنة بين السنة والشيعة»، مشيراً إلى أن «الأمريكيين دخلوا إلى المنطقة لإثارة الفتن بين المسلمين بعضهم بعضاً وبين المسلمين ومعتنقي الديانات الأخرى».
وحذر د. النجار في حوار لـ «الوطن» من «الشقاق بين أبناء الأمة الإسلامية»، داعياً العقلاء أن «يستوعبوا المؤامرة الأمريكية الإسرائيلية التي تحاك ضد أمتنا».
وأشار إلى أن «الأخطار التي تقوض وحدة الأمة الإسلامية اليوم وتهدد قيامها تفوق التصور، وخاصة في عصر العولمة»، مؤكداً أن «الخلافات المذهبية في أمور الدين والتناحر من أجلها تعد من العقبات الخطيرة في سبيل وحدة الأمة، وقد آن الأوان لأن يدرك المسلمون أن الإسلام في جوهره لا يعرف التصنيفات المعتادة إلى سنة وشيعة ومتصوفة وسلفية وأشعرية ومعتزلة وغير ذلك من مسميات، كانت من أسباب الصراعات في الماضي».
وأضاف أن «الأخطار التي تواجه المسلمين لن تفرق بين سني وشيعي وسلفي وصوفي وزيدي»، لافتاً إلى أن «الجميع مستهدف بوصف واحد هو أنهم مسلمون».
وحدد د. النجار شروطاً لتحقيق وحدة الأمة والتغلب على ما يواجهها أبرزها «التوعية الدينية السليمة، والاهتمام بالعلم والأخلاق معاً إضافة إلى الاهتمام بالتعاون الاقتصادي بين الدول الإسلامية وزيادة حجم التجارية البينية بينها». وإلى نص الحوار:
^ كيف تقيمون العلاقة بين السنة والشيعة في المنطقة؟
- أنا أؤمن إيماناً جازماً أن المخابرات الأمريكية تلعب دوراً خطيراً لتأجيج التوتر وإحداث الفتنة بين السنة والشيعة. والأمريكيون دخلوا إلى المنطقة لإثارة التوتر بين المسلمين بعضهم بعضاً، وبين المسلمين والطوائف الأخرى، وعلى العقلاء أن يستوعبوا المؤامرة الأمريكية الإسرائيلية التي تهدف إلى إحداث الشقاق والمقتلة بين أبناء الأمة الإسلامية.
^ ما المخاطر التي تهدد وحدة الأمة الإسلامية؟
- الأخطار التي تهدد وحدة الأمة الإسلامية اليوم بل وتهدد وجودها تفوق التصور، وبخاصة في عصر العولمة، وبعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001، والمسلمون بكل أسف يعطون الفرصة للآخرين للتمكن منهم ومن ثرواتهم وإبقائهم في حالة تخلف مستمر. وأهم العوامل التي تمكن الآخرين من المسلمين تتمثل في الفرقة والتنازع والصراعات المدمرة بين المسلمين أنفسهم، سواء كان ذلك في أمور السياسة أو الدين أو بسبب الفوارق الطبقية أو العرقية، وقد جاء التحذير الإلهي قاطعاً في قوله تعالي: (وَلاَ تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ).
ولا شك أن الخلافات المذهبية في أمور الدين والتعصب لها والتناحر من أجلها تعد من العقبات الخطيرة في سبيل وحدة الأمة الإسلامية، وقد آن الأوان لأن يدرك المسلمون أن الإسلام في جوهره لا يعرف التصنيفات المعتادة إلى سنة وشيعة ومتصوفة وسلفية وأشعرية ومعتزلة وغير ذلك من مسميات، كانت من أسباب الصراعات في الماضي. فعلى الأمة أن تجتمع على ما تتفق عليه ويعذر المسلمون بعضهم بعضاً فيما اختلفوا فيه، فالجميع مسلمون والحمد لله، والقرآن لا خلاف عليه بينهم، وعلى المسلمين أن يدركوا أن الأخطار التي تهددهم في عالم اليوم لا تفرق بين سني وشيعي وسلفي وصوفي ولا بين حنفي وحنبلي أو مالكي أو شافعي أو زيدي، فالجميع مستهدفون بوصف واحد هو أنهم مسلمون، وهذا أمر يؤكد ضرورة توحيد صفوفهم ونسيان خلافاتهم المذهبية. إن الوحدة الإسلامية اليوم أصبحت أكثر إلحاحاً من أي وقت مضى، وخاصة بعد ثورة المعلومات والاتصالات التكنولوجية.
شروط وحدة الأمة
^ هل توجد شروط ضرورية ولازمة لتحقيق وحدة الأمة والتغلب على ما يواجهها؟
- التوعية الدينية السليمة تُعد شرطاً أساسياً لقيام الوحدة الإسلامية المنشودة على أسس سليمة، حيث إن الفهم الحقيقي لتعاليم الإسلام من شأنه أن يؤكد الأخوة الدينية والإنسانية بين المسلمين، ويؤكد كذلك الأخوة الإنسانية بينهم وبين غيرهم من الأمم والشعوب من منطلق أن الناس جميعاً قد خُلقوا من نفس واحدة، وذلك يجعل الطريق نحو الوحدة الإسلامية ممهداً لا عوائق فيه.
ومن شروط الوحدة الإسلامية أيضاً التعاون العلمي والوحدة الثقافية، والعلم في الإسلام عبادة وفريضة - كما جاء في الحديث النبوي- يسير جنباً إلى جنب مع الأخلاق، ولا ينفصل عنها بأي حال من الأحوال، وكما إن العبادات توحد مشاعر المسلمين فإن العلم أيضاً الذي هو رحم بين أهله، من شأنه أن يوحد ليس فقط بين مشاعر المسلمين، بل إنه يوحد أيضاً بين طاقتهم وإبداعاتهم، ومن ثم يتعاونون جميعاً من أجل خدمة الدين. إن بلوغ الأهداف المرجوة يعتمد في المقام الأول على ترسيخ جذور الوحدة الثقافية بين شعوب الأمة الإسلامية، فقد حافظت الوحدة الثقافية على الهوية الإسلامية قروناً عديدة، ونحن اليوم أشد ما نحتاج فيه إلى حماية هويتنا الإسلامية من الذوبان والضياع في عصر طغت فيه موجات العولمة مروجة لأنماط ثقافية واجتماعية غريبة على المجتمع المسلم، ويبقى شرط ثالث وهو التعاون الاقتصادي فليس مقبولاً أن يكون حجم التجارة البينية بين دول العالم الإسلامي أقل من 8% من حجم تجارة العالم الإسلامي مع بقية دول العالم!!
إن العالم الإسلامي في حاجة ماسة إلى بناء اقتصاد قوي يحمي بلاد المسلمين من شر الأزمات ويوفر للمسلمين حياة كريمة في عالم اليوم والغد.
الابتعاد عن العنف والغلو
^ يثير البعض تحفظات كثيرة على الصحوة الإسلامية التي يشهدها العالم في هذه المرحلة.. فما رأيكم؟
- بعض وسائل الإعلام تحاول تشويه الصورة الإيجابية للصحوة، وهناك بعض السياسيين الذين لا خبرة لهم بالإسلام يخافون من هذه الصحوة، ولكن في الحقيقة لا بد أن يعرف الجميع أن الإسلام يلبي كل مطالب المجتمع السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وأتعجب ممن يقولون: إن التمسك بالدين يعني التخلف والانغلاق، وأقول لهم: تعلموا المبادئ الإسلامية وبعد ذلك قولوا رأيكم في الإسلام. وللشباب: التزموا بتعاليم دينكم الحنيف الذي يدعو إلى الحب والتسامح وحسن الخلق، وابتعدوا عن العنف والغلو، ولتكن الحكمة والموعظة الحسنة هي شعاركم في الدعوة إلى الله، كما أدعو الشباب إلى القراءة، فبالعلم النافع تتقدم الأمم، ولا بد أن تأخذوا فتاواكم من أهل العلم المتخصصين.
كراهية الغرب للإسلام
^ كيف تفسرون كراهية الغرب للإسلام والإساءة المستمرة للرسول صلى الله عليه وسلم؟
- لأننا قصرنا في طريقة عرض ديننا الحنيف وسنة نبينا محمد، وتركنا الساحة مفتوحة للغلاة من اليهود والنصارى. إن الغرب مصاب بالرعب من أي صحوة أو نهضة إسلامية أو وحدة إسلامية. وهناك حالة من الذعر لدى اليهود والنصارى من الصحوة الإسلامية، لأنهم يقولون لو قامت للإسلام قيامة ستدمر أوروبا وتدمر هذه الحضارة علماً بأنه لم يعرض هذا الدين على عاقل بأي لغة هو يفهمها ورفضه أبداً.
والمذهل للغربيين أنه في الوقت الذي انحصر فيه المسلمون انحصاراً شديداً وتخلفوا في كل أمر من أمور الدنيا وجدوا الإسلام ينتشر في الغرب خاصة بين كبار رجال الفكر والرأي، فمثلاً في بريطانيا من 11 سبتمبر 2011 إلى 11 سبتمبر 2006 أسلم فيها نحو 70000 رجل وامرأة منهم وزراء سابقون ومن الأسرة المالكة ومنهم نجل رئيس الـ BBC.
نحن بيدنا سلاح من أعظم الأسلحة، لو أحسنا توظيفه في الدعوة إلى الله بالكلمة الطيبة والحجة الواضحة والمنطق السوي لقمنا بحل جميع مشاكلنا بما فيها مشكلة إسرائيل.
^ تتعرضون لهجوم شرس من النخبة المسيحية في مصر.. فما السبب؟
- السبب هو أن المخابرات الأمريكية والإسرائيلية تستخدم المسيحيين كورقة ضاغطة على الدولة ليبتزوها كما يشاؤون وللأسف الشديد أن أغلب نصارى مصر فرحون بدعم أمريكا لهم وتطاولوا أكثر مما يلزم، لكن أعتقد أن بينهم عقلاء يستوعبون القضية ويتفهمونها تماماً ويحاولون أن يطفئوا هذه النيران.
^ ما رأيكم في جماعة الإخوان المسلمين؟
- كبرى الجماعات الإسلامية المعاصرة وأكثرها التصاقاً بكتاب الله وبسنة رسوله وهي إحدى جماعات المسلمين وليست كل المسلمين.
^ هل ترون أن الجماعة تتعرض لانشقاقات داخلية خاصة في الفترة الأخيرة؟
- هذا تهويل إعلامي، ولا يوجد انشقاقات ولكن هي خلافات في الرأي تحدث في أي مجتمع اجتهادات ولا تفسد للود قضية.
لا تفاوض مع إسرائيل
^ ما رأيكم في الطريقة التي يدار بها الصراع العربي الإسرائيلي؟
- طريقة فاشلة تماماً لأن الذي يفهم تاريخ قيام هذا الكيان الغاصب لأرض فلسطين يدرك تمام الإدراك أن هذه مؤامرة غربية حاكتها المخابرات البريطانية والفرنسية انتقاماً لهزيمتهم في الحروب الصليبية ومكنوا اليهود للانتقام ليدافعوا عن هذا التمكين وطبعاً بعقلية اللص اليهودي لن يسلموا شبراً من الأرض بالتفاوض، فلا بد من الجهاد كما أمرنا الرسول صلى الله عليه وسلم وحديثه واضح جداً «لا تقوم الساعة حتى تقاتلوا اليهود»، ولابد من قتال الصهاينة لتطهير الأرض من شرهم.
كنوز إعجازات بالقرآن والسنة
^ هل لنا أن نتطرق إلى الاكتشافات العلمية والإعجاز العلمي في القرآن؟
- القرآن كله معجزة، ولا يقدر الإنسان أن يفرق بين قضية وأخرى، لأنه يعتمد على كون القضية موجهة لمن وفي أي وقت.
مثلاً من أعظم الاكتشافات العلمية الحديثة أنه ثبت أن الحديد في أرضنا وفي مجموعتنا الشمسية كلها قد أنزل إلينا إنزالاً وخلق في السماء وليس في الأرض، ولم يصل العلماء إلى هذه الحقيقة إلا في أواخر القرن العشرين، وقد فوجئ العلماء الذين تولوا تلك الأبحاث أن القرآن الكريم الذي أنزل على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم في أمة كانت أمية من قبل 1400 سنة، يشبه إنزال الحديد بإنزال الرسالات من السماء، يقول الله تعالى في كتابه الكريم: (لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ).
كلام عجيب، ومن يتوقع أن يخوض الرسول صلى الله عليه وسلم من 1400 سنة في أمر غيبي كهذا، ما لم يكن هذا من علم الله سبحانه وتعالى، ولولا أن الله يعلم بعلمه المحيط أن الإنسان سيصل في يوم من الأيام إلى إدراك هذه الحقيقة، ومن هنا يمكن القول إن هذه ومضة نورانية في القرآن الكريم ومن أعظم الشهادات على أن القرآن الكريم لا يمكن أن يكون من صناعة بشرية، وعلى صدق رسالة الرسول صلى الله عليه وسلم، ولايزال عدد كبير من العلماء الآن لا يعرفون هذه الحقيقة.
ومن معجزات سورة الحديد أنه العنصر الوحيد الذي في القرآن سورة باسمه من بين 105 عناصر، كما إنه يدخل في كل شيء اخترعه الإنسان في القرن العشرين. والملفت للانتباه أننا عندما ندرس جميع المعادن نجد أن للحديد خواصاً ينفرد بها وحده. كما إن ذرات الحديد ركبت بطريقة معينة كي يتحكم الإنسان في صلابته ومتانته بحدود واسعة. وبين ذراته توجد قوى عظيمة تشدّ هذه الذرات إلى بعضها ضمن مجموعات تسمى جزيئات الحديد. ويمكن القول إنه في ذرات الحديد وجزيئاته بأس شديد، لأن كلمة «البأس» تجمع عدة صفات كالمتانة والصلابة والمرونة، وهذه جميعها موجودة داخل الحديد. كما ثبت علمياً أن الحديد الموجود في الأرض نزل نزولاً من السماء، وأكد الباحثون أن الحديد يستحيل أن يكون خلق في الأرض، بل لابد أن يكون قد خلق في السماء ونزل إلى الأرض، لأن تكوين ذرة حديد واحدة تحتاج إلى طاقة مثل طاقة المجموعة الشمسية 4 مرات، فالحديد عنصر وافد من الكون، وبالتالي لا يمكن أن يتشكل داخل المجموعة الشمسية أو على الأرض، بل تشكل في الفضاء بدرجات حرارة وطاقة عالية جداً ثم قُذِف به إلى الأرض على شكل نيازك، أي نزل إلى الأرض.
والغريب أن كل علماء التفسير كانوا يعتقدون حتى وقت قريب أن الإنزال هنا إنزال مجازي بمعنى قدرنا – خلقنا – جعلنا، وما كان أحد يتخيل أن الإنزال هذا حقيقي. ولاشك في أن تلك الحقائق العلمية والهندسية والرقمية تثبت أننا كيفما نظرنا إلى آيات الكتاب العظيم نجدها مُحكمة ومعجزة، ولا تناقض العلم الحديث بل تتفوق عليه، وهذا إثبات على أن القرآن كتاب متكامل ومحكم.
ولكن الإعجاز لم ينته، لأن هذه السورة العظيمة تحوي معجزة عددية أيضاً، فالوزن الذري للحديد هو على التقريب «57» والعجيب أن رقم سورة الحديد في القرآن هو «57» أيضاً!! أما عدد الإلكترونات في ذرة الحديد فهو «26» إلكتروناً، وهذا ما يسمى بالعدد الذري وهو عدد ثابت لكل عنصر من عناصر الطبيعة. والعجيب أن الآية التي ذكر فيها الحديد في سورة الحديد، رقم هذه الآية مع البسملة هو «26» نفس العدد الذري للحديد، وهذا كلام لا يفقهه إلا العلماء!!
ومن هنا نقول إنه لابد أن نحسن عرض القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، واللغة العربية على فضلها وكنوزها ليست كافية لعرض إعجازات القرآن والسنة، ولابد أن يتعاون أصحاب الاختصاصات المختلفة مع أهل اللغة والتفسير حتى نفهم دلالات آيات الله وسنة رسوله.
^ وماذا عن الإعجاز العلمي في السنة النبوية؟
- نفس الشيء، وقد جمعت في كتابي «الإعجاز في السنة» 70 حديثاً من أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم التي تتحدث عن إعجازات علمية وكونية.