هو سعد بن معاذ بن النعمان بن امرؤ القيس، كنيته، أبو عمرو، وأمه كبشة بنت رافع بن معاوية، وزوجته هند بنت سماك بن عتيك بن رافع بن امرؤ القيس. كان سيد قومه ورئيس الأوس، وزعيم قبيلة بني عبدالأشهل، وكان صاحباً لأمية بن خلف القرشي، الذي قُتل في بدر كافراً، وكانت قبيلة بني قريظة موالية له ومن حلفائه.
ولد سعد في السنة التاسعة عشرة قبل البعثة وهو أصغر من الرسول عليه الصلاة والسلام بإحدى وعشرين سنة.
أسلم في المدينة على يد الصحابي الجليل وسفير الإسلام مصعب بن عمير، وكان عمره عند الإسلام واحداً وثلاثين عاماً.
وقال لبني عبدالأشهل “كلام رجالكم ونسائكم علي حرام حتى تسلموا”، فأسلموا فكان من أعظم الناس بركة في الإسلام”.
كان سعد بن معاذ رضي الله عنه جسيماً جميلاً طويلاً أبيض اللون، محبباً إلى النفس، وكان هادئاً قليل الكلام، عندما هاجر الرسول صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، آخى بينه وبين سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه.
وفي غزوة بدر، حمل رضي الله عنه لواء الأنصار، وخطب أمام رسول الله صلى الله عليه وسلم وحث على الجهاد وقال: “فوالذي بعثك بالحق نبياً لو استعرضت بنا البحر فخضته لخضناه معك”. وبنى رضي الله عنه في بدرعريشاً للنبي ليشرف منه على المعركة، وقام على باب العريش شاهراً سيفه دفاعاً عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وفي غزوة أحد كان سعد من الأبطال وفي طليعة المجاهدين، وعندما اضطرب الموقف ثبت مع رسول الله يقاتل دونه.
وفي غزوة الخندق، أصيب سعد، فكانت إصابته طريقاً إلى الشهادة إذ لقي ربه بعد شهر متأثراً بجراحه ولكنه لم يمت حتى شفى صدراً من بني قريظة حيث حكّمه الرسول صلى الله عليه وسلم فيهم فحكم بأن يقتل مقاتليهم وتسبى ذراريهم. وتقسم أموالهم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “لقد حكمت فيهم بحكم الله من فوق سبع”، أي سبع سموات.
وأعيد سعد إلى قبته التي ضربها له رسول الله في المدينة، فحضره رسول الله وأبوبكر وعمر، وقالت السيدة عائشة رضي الله عنها: “فوالذي نفس محمد بيده إني لا أعرف بكاء أبي من بكاء عمر وأنا في حجرتي”.
وأخذ الرسول عليه الصلاة والسلام رأس سعد ووضعه في حجره، وسُجِّيَ بثوب أبيض، فقال رسول الله: “اللهم إن سعداً قد جاهد في سبيلك، وصدق رسولك، وقضى الذي عليه، فتقبل روحه بخير ما تقبلت به روحاً”. فلما سمع سعد كلام رسول الله فتح عينيه ثم قال: “السلام عليك يارسول الله، أما إني أشهد أنك رسول الله”، ولما رأى أهل سعد أن رسول الله قد وضع رأسه في حجره ذعروا واعتقدوا أن أجله قد حان، وقال سعد: “جزاك الله خيراً يا رسول الله من سيد قوم، فقد أنجزت الله ما وعدته، ولينجزنك الله ما وعدك”.
وقد روي أن جبريل عليه السلام أتى رسول الله عليه الصلاة والسلام حين قبض سعد من جوف الليل معتمراً بعمامة من استبرق، فقال: يا محمد من هذا الميت الذي فتحت له أبواب السماء واهتز له العرش؟ فقام الرسول عليه الصلاة والسلام يجر ثوبه إلى سعد فوجده قد مات”.
وكانت أمه تبكي، فقال عمر بن الخطاب: مهلاً أم سعد لا تذكري سعداً فقال الرسول: كل نائحة تكذب إلا نائحة سعد بن معاذ”.
ومن أهم ملامح شخصية سعد بن معاذ، غيرته الشديدة على محارمه، كما كان سيداً في قومه، ومحبباً إلى أهله وعشيرته، ينصر الله ورسوله، وكان حكمه يوافق حكم الله، كما كان يحب الرسول صلى الله عليه وسلم حباً شديداً ويخاف عليه.
ومن مناقب سعد بن معاذ أنه اهتز لموته عرش الرحمن، وفتحت لوفاته أبواب السماء، وشيّعه سبعون ألف ملك لم يطئوا الأرض قبل ذلك، وصاحب ضغطة القبر التي كشفها الله عنه ونجاه منها، وكانت مناديل سعد بن معاذ في الجنة أحسن من الحرير. وذكر من حضر قبره أن رائحة المسك كانت تفوح من ذلك التراب.
ودفن الصحابي الجليل بالبقيع وكان عمره 37 سنة في سنة 5 من الهجرة.