قال أطباء ومختصون إن “قرحة المعدة تتكون نتيجة لحدوث جرح في الغشاء المبطن للمعدة أو الاثنى عشر، وعادة تأخذ شكلاً دائرياً أو بيضاوياً وتشبه إلى حد كبير القرح التي تظهر في الفم أحياناً، ويتراوح قطر القرحة من عدة ملليمترات إلى عدة سنتيمترات وفي حالة ما إذا كان قطر القرحة أقل من 5 ملليمترات، يطلق عليها تقرحات”، مشيرين إلى أن “البكتيريا الحلزونية أبرز أسباب الإصابة بالمرض، بينما أوضحوا أنه “نتيجة للتقدم التكنولوجي في ما يخص العلاج بالمناظير فلقد أصبح اللجوء للتدخل الجراحي كعلاج لقرحة المعدة والاثني عشر أو مضاعفاتها نادراً، حيث أصبح بالإمكان التدخل بالمنظار لعلاج النزيف وأيضاً استخدام موسعات لعلاج ضيق مخرج المعدة”.
وذكروا أنه “على مدى عقود طويلة كان يعتقد أن قرحة المعدة والاثني عشر تنتج عن زيادة إفراز حامض المعدة والذي يؤدي إلى تأكل الطبقة المبطنة لجدار المعدة والاثني عشر، حتى تم اكتشاف البكتيريا الحلزونية والتي تعيش في المعدة وذلك في عام 1982”.
وقد أظهرت الأبحاث أن بعض فصائل هذه البكتيريا لديه القدرة على أضعاف الغشاء المبطن للمعدة واختراقه مما يؤدي إلى تآكل هذه الأجزاء من الغشاء المخاطي بواسطة حامض المعدة دون الحاجة إلى زيادة نسبة الحامض بالضرورة.
أما بالنسبة لقرحة الاثني عشر، فلقد ثبت أن البكتيريا الحلزونية لا يمكنها أن تعيش على سطح الغشاء المبطن للاثني عشر إلا بعد أن يتحور بفعل حامض المعدة لتصبح خلاياه مماثلة لخلايا الغشاء المبطن للمعدة والتي تمثل المناخ المناسب والتي قد تؤدي إلى حدوث قرحة بالاثني عشر.
وأشار الأطباء إلى أن “الإصابة بالبكتيريا الحلزونية ليس معناها بالضرورة الإصابة بالقرحة، فعلاوة على وجود الاستعداد الوراثي، فإن حدوث القرحة مرتبط بفصيلة البكتيريا الحلزونية وقدرتها على إفراز أنزيمات وسموم تضعف الطبقة المخاطية وتؤدي إلى حدوث القرحة، لكن على الجانب الآخر فإن هناك أنواعاً من هذه البكتيريا لا تستطيع أن تفرز هذه المواد وبالتالي فإنها تعتبر أنواعاً حميدة”.
الأدوية المسكنة للألم
وفي ما يتعلق بتناول الأدوية المسكنة للألم، ذكر الأطباء أنه “يكون لهذه الأدوية مثل الأسبرين وأدوية الروماتيزم آثار مباشرة على الطبقة المبطنة لجدار المعدة وآثار غير مباشرة على مواد حيوية تفرز بواسطة الغشاء المخاطي وتعمل على حمايته مما قد يؤدي إلى حدوث تقرحات حارة أو مزمنة بالمعدة والاثني عشر”.
وأضافوا أن “هناك بعض الأشخاص أكثر تعرضاً للإصابة بالقرحة وربما مضاعفاتها عند استعمال مثل هذه الأدوية منهم كبار السن “أكثر من 60 سنة”. أو الذين يشعرون بتوعك أو ألم بالمعدة بعد استعمال الدواء أو في حالة وجود تاريخ مرضى سابق لحدوث قرحة أو نزيف بعد استعمال مثل هذه الأدوية”.
وصرحوا أن “هناك أسباب أخرى للإصابة بالقرحة فأحياناً تتسبب بعض الميكروبات خصوصاً الفيروسات في حدوث تقرحات حادة تختفي خلال ساعات أو أيام قليلة. وخلافاً للاعتقاد السائد فإن الشطة والتوابل لا تسبب قرحة ولكنها تزيد من الأعراض في حالة وجود قرحة”.
ألم الجوع
ولفت الأطباء إلى أن “أهم الأعراض حدوث ألم على هيئة حرارة أعلى البطن في الجزء الممتد من عظمة القصبة الهوائية إلى سرة البطن وقد يستمر الألم من عدة دقائق إلى عدة ساعات. ويزداد الألم في حلة الجوع، وتقل درجة الألم بعد تناول الطعام، وكثيراً ما يوقظ الألم الشخص المصاب من نومه أثناء الليل. والأعراض الأقل شيوعاً تشمل حدوث غثيان، قيء وفقدان للشهية خصوصاً بالنسبة لحالات قرحة المعدة وليس الاثني عشر”.
مضاعفات القرحة
ونوه الأطباء إلى أن “أبرز مضاعفات القرحة يتمثل في حدوث نزيف نتيجة لتآكل وريد أو شريان موجود في منطقة القرحة، يكون في صورة قيء دموي أو بني اللون أو خروج براز أسود اللون ولين القوام، وأحياناً لا يسبق النزيف حدوث أعراض أخرى ويكتشف مرض القرحة لأول مرة – عند حدوث نزيف”.
وأضافوا أنه من المضاعفات أيضاً “حدوث تشوه وضيق في مخرج المعدة أو بداية الاثني عشر مما ينتج عنه حدوث قيء متكرر وفقدان للوزن، إضافة إلى حدوث ثقب في جدار المعدة أو الاثني عشر نتيجة لتآكل الجدار في منطقة القرحة في نسبة ضئيلة من المرضى تصاحبه أعراض حادة تتطلب تدخلاً جراحياً عاجلاً”.
وتشمل المضاعفات أيضاً حدوث ألم شديد بالبطن، قد يصاحبه قيء وارتفاع بدرجة الحرارة وتحجر بجدار البطن، إضافة إلى ارتفاع كبير في نسبة كرات الدم البيضاء بالدم.
التشخيص والعلاج
أوضح الأطباء أنه “إضافة إلى الأعراض الإكلينيكية فعادة ما يتطلب تأكيد التشخيص إجراء فحص بالمنظار الضوئي، ويتيح المنظار أخذ عينات لفحصها لتشخيص البكتيريا الحلزونية وكذلك استبعاد وجود أورام خبيثة خصوصاً بالنسبة لقرح المعدة كبيرة الحجم، ومن المتفق عليه طبياً مراعاة أخذ عينات من كافة قرح المعدة التي يزيد قطرها على 1 سم لفحصها ميكروسكوبياً للتأكد من عدم وجود خلايا خبيثة.
أما قرح الاثني عشر فهي بصفة عامة قرح حميدة، حيث إن الاثني عشر يعتبر من أقل الأماكن بالجسم تعرضاً للإصابة بالأورام الخبيثة”.
وفي حالة عدم إمكانية عمل فحص بالمنظار يمكن اللجوء لفحص المعدة والاثني عشر بأشعة الباريوم والتي يمكن من خلالها تشخيص وجود القرحة، ولكن بالطبع لا يمكن أخذ عينات من جدار المعدة أو الاثني عشر لفحصها مجهرياً، بحسب الأطباء.
وفي حالة وجود البكتيريا الحلزونية بالمعدة فلابد من علاجها لضمان عدم ارتجاع القرحة مرة أخرى.
وعلى الرغم من إمكانية التئام القرحة أثناء فترة علاج البكتيريا الحلزونية، إلا أنه من المعتاد استعمال دواء خاص بتثبيط إفراز الحامض لفترة 4 إلى 6 أسابيع إضافية للتأكد من الالتئام الكامل للقرحة.
علاج المضاعفات ودور الجراحة
وفي ما يتعلق بالعلاج، أشار الأطباء إلى أنه “نتيجة للتقدم التكنولوجي في ما يخص العلاج بالمناظير فلقد أصبح اللجوء للتدخل الجراحي كعلاج لقرحة المعدة والاثني عشر أو مضاعفاتها نادراً، حيث أصبح بالإمكان التدخل بالمنظار لعلاج النزيف وأيضاً استخدام موسعات لعلاج ضيق مخرج المعدة. ولكن بصفة عامة فإن الحالات النادرة التي يتم اللجوء فيها للعلاج الجراحي تشمل حدوث ثقب بجدار المعدة أو الاثني عشر، أو في حال الفشل في وقف نزيف القرحة بالوسائل غير الجراحية ومنها المنظار، خصوصاً إذا كان النزيف من شريان وليس
من وريد، أو الفشل في التئام القرحة رغم العلاجات المتكررة بالأدوية”.