أحمــــــــــــــد جاســـــــــــم

ajasim98gmail.com


كم مرة سمعتم من يقول لكم «ما عندي وقت»؟ وبغض النظر عن المناسبة التي قيلت فيها فإني أعتقد أن هذه الكلمة هي أكثر كلمات قاموس الناس اليومية، فإذا سألته عن القراءة قالها!! وإذا سألته عن تحسين صحته ورياضته قالها!! وإذا سألته عن تطوير وظيفته قال متى يكون ذلك وأنا مزحوم بكومة من العمل؟! وإذا استفسرت عن تحسين حالته مع أسرته قالها بكل ثقة، وإذا سألت عن عدم تمكن الناس من حفظ القرآن الكريم، قالوها باقتدار واتفاق، وإذا سألت عن زيارة الأقارب وصلة الأرحام قالوها بأسى وتوجع، وتتواصل حلقات هذا المسلسل المكرر الذي عرفنا تفاصيله حتى قبل وقوع أحداثه، ولكن هل هذا الافتراض صحيح؟
القاعدة الأولى التي يجب التسليم بها أن الأعذار إذا استمرت بهذا الشكل فلن يحدث أي تغيير، واليوم نحن نشاهد الناس تنفق الأوقات النفيسة في الجلوس أمام الواتس آب وأشباهه للنكت والسوالف الساذجة، ولعل البعض يتعذر بأنه فيه الكثير من الفوائد الاجتماعية فيهجم برسائله بفيض من الفتاوى المطولة والحكم والمواعظ والأخبار السياسية الركيكة، وإن كنت أنا شخصياً أرى أن العمل الحقيقي والثقافة الرصينة أن تقرأ كتاباً صلباً في العلم وأن تهتم بتطوير تخصصك وصحتك بدل إهدار كل هذا الوقت في الهذر والاقتصار على شيء يسير من الرسائل الاجتماعية في الواتس آب وغيره.
وهنا أطرح عليكم فكرة استراتيجية عنوانها «ساعة بسنة»، فإذا شعرتم بأن المشاغل أخذتكم عن متابعة الأسرة والاهتمام بتطوير شؤونها المالية والتربوية والمعيشية فخصصوا ساعة واحدة فقط في السنة في مكان لا ضوضاء فيه ولا أولاد.. الزوج والزوجة فقط .. وفكروا ثم قرروا.. فهذه الساعة ستعطيكم عطاء سنة كاملة من الإنتاج الأسري الحقيقي، وإذا شعرت أن صحتك البدنية غير مستقرة نتيجة الإهمال الرياضي، فاجلس مع نفسك ساعة واحدة في السنة فقط، وحاول إيجاد بعض فترات للحركة والنشاط وسوف تجدها أكثر مما تتوقع، وإذا وجدت ضعفاً في علاقاتك مع الأقرباء فاجلس في تلك الساعة كي تخطط لأيام محددة من الأسبوع أو الشهر ثم امضِ وطبق، وإذا كانت لك نية في إتقان علم ما أو حفظ القرآن أو حفظ ديوان شعر أو غيره، فتلك الساعة هي مأمنك.
إن 20% من التخطيط سيوفر لك الـ80 الباقية، ومن العيب أن نترك أهدافنا الكبرى وطموحاتنا تطير في مهب الريح ولا نستطيع الوصول لها ولو بمقدار الربع، فرب العالمين خلقنا لغايات كبرى في الحياة فأين هي؟ فلو جلسنا تلك الساعة بصدق وعقدنا هدنة مؤقتة مع أنفسنا فسنكتشف الدمار الهائل الذي أحدثناه من جراء تضييع الأوقات في توافه كثيرة، وأحياناً نظن أنها مفيدة ولكن في كثير من الأحيان تكون ترفاً زائداً يمكن اختصاره أو الاستغناء عن بعضه.